الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
36 - بابُ الحدِّ في الخَمْر
4476 -
حدَّثنا الحسنُ بنُ علي ومحمدُ بنُ المُثنَّى -وهذا حديثُه- قالا: حدَّثنا أبو عاصم، عن ابنِ جُريج، عن محمَّد بنِ على ابن رُكانَةَ، عن عِكرِمَة عن ابنِ عباسِ: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لم يَقِتْ في الخَمْرِ حدّاً.
وقال ابنُ عباسٍ: شَرِبَ رجلٌ فَسَكِرَ فلُقِيَ يَميلُ في الفَجِّ، فانطُلِقَ به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما حاذَى دارَ العباسِ انفلتَ، فدَخَلَ على العباس فالتزمه فذَكَر ذلك للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَضَحِكَ، وقال:"أفعَلَها؟ " ولم يأمُرْ فيه بشيءٍ
(1)
.
(1)
إسناده ضعيف لجهالة محمَّد بن علي ابن ركانة، ثم إن في متنه مخالفة للأحاديث الصحيحة التي فيها أن حد شارب الخمر كان على زمن النبي صلى الله عليه وسلم أربعين، وكذلك كان في عهد أبي بكر، فلما كانت خلافة عمر جلد ثمانين. ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد، والحسن بن علي: هو الحُلْواني الخلّال.
وأخرجه النسائي في "الكبرى"(5271) و (5272) من طريق ابن جريج، بهذا الإسناد.
وهو في "مسند أحمد"(2963).
ويخالف هذا الحديث حديث أنس بن مالك الآتي عند المصنف برقم (4479) ولفظه عند مسلم (1706): أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل قد شرب الخمر، فجلده بجريدتين
نحو أربعين. وفي رواية أخرى عند مسلم (1706): أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضرب بالنعال والجريد أربعين.
ويخالفه أيضاً حديث حضين بن المنذر، عن علي بن أبي طالب الآتي عند المصنف (4480). وهو في "صحيح مسلم"(1707).
وانظر كلام الخطابي في حد شارب الخمر عند الحديث الآتي برقم (4480).
قال الخطابي: الفج: الطريق، وقوله: لم يَقِت، أي: لم يوقت، يقال: وقت يقت، ومنه قول الله تعالى:{إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء:103].
قال أبو داود: هذا الحديث مما تفرَّد به أهلُ المدينةِ حديث الحسن بنِ علي هذا
(1)
.
4477 -
حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا أبو ضَمرةَ، عن يزيدَ ابنِ الهادِ، عن محمدِ بنِ إبراهيمَ، عن أبي سَلَمَة
عن أبي هُريرة: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أُتيَ برجل قد شَرِبَ، فقال:"اضرِبُوهُ" فقال أبو هُريرة: فَمِنا الضَّارِبُ بيده، والضَّارب بنعله، والضاربُ بثوبه، فلما انصرفَ قال بعضُ القوم: أخزَاكَ اللهُ! فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَقُولُوا هكذا، لا تُعينوا عليه الشَّيْطَانَ"
(2)
.
4478 -
حدَّثنا محمدُ بنُ داودَ بن أبي ناجيةَ الإسكندرانىُّ، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، أخبرني يحيى بنُ أيوبَ وحيوةُ بن شريحٍ وابنُ لهيعةَ
عن ابن الهاد، بإسناده ومعناه، قال فيه بَعْدَ الضربِ: ثم قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لأصحابِه: "بكَّتُوه"، فأقبلُوا عليه يقولون: أما اتقيتَ اللهَ، ما خَشِيتَ اللهَ، وما استحييت مِن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ثم أرسَلُوه،
(1)
مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (أ) و (هـ). وهي في رواية ابن العبد وابن داسه.
(2)
إسناده صحيح. أبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف، ومحمد بن إبراهيم: هو ابن الحارث التيمي، ويزيد ابن الهاد: هو ابن عبد الله بن أسامة بن الهاد، معروف بالنسبة إلى جد أبيه، وأبو ضمرة: هو أنس بن عياض.
وأخرجه البخاري (6777) و (6781)، والنسائي في "الكبرى"(5268) من طريق أنس بن عياض، بهذا الإسناد. زاد النسائي في روايته:"ولكن قولوا: رحمك اللهُ".
وهو في "مسند أحمد"(7985)، و "صحيح ابن حبان"(5730).
وانظر ما بعده.
وانظر الكلام في حد شارب الخمر عند الحديث الآتي برقم (4480).
وقال في آخِرِه: "ولكن قولوا: اللَّهم اغفِر له، اللهم ارْحَمه" وبعضهم يزيدُ الكلمةَ ونحوَها
(1)
.
4479 -
حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا هِشامٌ، وحدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن هِشام -المعنى- عن قتادَةَ
عن أنسِ بنِ مالكِ: أن النبي صلى الله عليه وسلم جَلدَ في الخَمْرِ بالجَريدِ والنِّعالِ، وجَلَدَ أبو بكر أربعينَ، فلما ولي عُمَرُ دعا الناسَ، فقال لهم: إنَّ الناسَ قد دنوا مِن الرِّيفِ -وقال مُسَدَّدٌ: من القُرى والريفِ- فما ترونَ في حد الخمر؟ فقال له عبدُ الرحمن بنُ عَوفٍ: نرى أن تَجْعَلَه كأخفِّ الحُدودِ، فَجَلَدَ فيه ثَمَانِينَ
(2)
.
(1)
إسناده صحيح كسابقه. ابن وهب: هو عبد الله، وابن لهيعة: هو عبد الله.
(2)
إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دِعامة السدوسي، وهشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان.
وأخرجه البخاري (6773) و (6776)، ومسلم (1706)، وابن ماجه (2570) والنسائي في "الكبرى"(5258) من طريق هشام الدستوائي، به. ورواية البخاري وابن ماجه والنسائي مختصرة بقوله: أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب في الخمر بالجريد والنعال، وزاد البخاري ذكر أبي بكر فقط، وفي رواية لهشام عند مسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضرب في الخمر بالنعال والجريد أربعين. فذكر عدد الجلدات، وتابعه عليه شعبة كما سيأتي.
وأخرجه البخاري (6773)، ومسلم (1706)، والترمذي (1509) والنسائي (5255 - 5257) من طريق شعبة بن الحجاج، وابن ماجه (2570) من طريق سعيد بن أبي عروبة، كلاهما عن قتادة، به، ورواية البخاري مختصرة كما ذكرنا، ولم يذكر النسائي في الموضع الأول قصة عمر بن الخطاب. وجاء في رواية شعبة عندهم خلا البخاري: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل قد شرب الخمر فجلده بجريدتين نحواً من أربعين.
فذكر عدد الجلدات بأنها كانت نحواً من أربعين. =
قال أبو داود: رواه ابنُ أبي عَروبة، عن قتادةَ، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه جَلَدَ بالجريدِ والنعالِ أربعين. ورواه شعبةُ، عن قتادة
عن أنسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ضرب بجريدَتَين نحو الأربعينَ. 4480 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ بنُ مُسَرهَدٍ وموسى بنُ إسماعيل -المعنى- قالا: حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ المختار، حدَّثنا عبدُ الله الدَّاناجُ، حدَّثني حُضَينُ بنُ المُنذر الرَّقاشِيُّ أبو ساسان، قال: شهدتُ عثمانَ بنَ عفان وأُتي بالوليدِ بن عُقبةَ فَشَهِدَ عليه حُمرانُ ورجل آخرُ، فشهد أحدُهما أنه رآه يَشْربُها -يعني الخمرَ-، وشَهِدَ الآخر أنه رآه يتقيَّؤُها، فقال عثمانُ: إنه لم يتقيأها حتى شَرِبَها، فقال لِعليٍّ: أقِم عليه الحدَّ، فقال علي للحسنِ: أقم عليه الحَدَّ، فقال الحسنُ: ولِّ حارَّها من تولَّى قارَّها، فقال عليٌّ لعبدِ الله بنِ جعفر: أقِمْ عليه الحدَّ، قال: فأخذ السَّوطَ فجلدَه وعليٌّ يعُدُّ، فلما بلغ أربعين، قال: حسبُكَ، جَلدَ النبي صلى الله عليه وسلم أربعين، -أحسبه قال:- وجلد أبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، وكلٌّ سنّةٌ، وهذا أحبُّ إلىَّ
(1)
.
= وهو في "مسند أحمد"(12139) و (12805)، و"صحيح ابن حبان"(4448) و (4449) و (4450) وانظر كلام الخطابي في حد شارب الخمر عند الحديث التالي.
(1)
إسناده صحيح. عبد الله الداناج: هو ابن فيروز، والداناج بالفارسية معناه: العالِم.
وأخرجه مسلم (1707)، وابن ماجه (2571)، والنسائي في "الكبرى"(5251) من طريق عبد العزيز بن المختار، بهذا الإسناد.
وهو في "مسند أحمد"(624).
وانظر ما بعده. =
قال أبو داود: وقال الأصمعيُّ: ولِّ حارَّها مَنْ تولَّى قارَّها: ولِّ شديدَها من تولَّى هيِّنها.
= قال الخطابي: وَلِّ حارَّها من تولَّى قارَّها، مثلٌ، أي: وَلِّ العقوبة والضربَ من تُوليه العملَ والنفع. والقارّ: البارد. وقال الأصمعي: معناه: ولِّ شديدها مَن تولِّي هيِّنها، وكلاهما قريب.
وفي قول علي رضي الله عنه عند الأربعين: حسبُك، دليل على أن أصل الحد في الخمر إنما هو أربعون، وما وراءها تعزير. وللإمام أن يزيد في العقوبة إذا أداه اجتهاده إلى ذلك، ولو كانت الثمانون حداً ما كان لأحد فيه الخيار، وإلى هذا ذهب الشافعي.
وقال مالك وأبو حنيفة وأصحابه: الحد في الخمر ثمانون، ولا خيار للإمام فيه.
وقوله: وكلٌّ سنةٌ، يريد: أن الأربعين سنة قد عمل بها النبي صلى الله عليه وسلم في زمانه، والثمانون سنة رآها عمر رضي الله عنه، ووافقه من الصحابة علىٌّ، فصارت سنة. وقد قال صلى الله عليه وسلم:"اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر"[قلنا: هذا الحديث أخرجه أحمد (23245)، وابن ماجه (97)، والترمذي (3991)، وابن حبان (6902) وهو حديث حسن].
وقال النووي في "شرح مسلم": واختلف العلماء في قدر حد الخمر، فقال الشافعي وأبو ثور وداود وأهل الظاهر وآخرون: حده أربعون. قال الشافعي رضي الله عنه: وللإمام أن يبلغ به ثمانين وتكون الزيادةُ على الأربعين تعزيراتٍ على تسببه في إزالة عقله، وفي تعرضه للقذف والقتل وأنواع الايذاء وترك الصلاة وغير ذلك. قال: ونقل القاضي عن الجمهور من السلف والفقهاء منهم مالك وأبو حنيفة والأوزاعي والثوري وأحمد وإسحاق رحمهم الله تعالى أنهم قالوا: حده ثمانون، واحتجوا بأنه الذي استقر عليه إجماع الصحابة، وأن فعل النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن للتحديد، ولهذا قال في الرواية الأولى: نحو أربعين، وحجة الشافعي وموافقيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما جلد أربعين كما صرح به في الرواية الثانية، وأما زيادة عمر فهي تعزيرات، والتعزير إلى رأي الإِمام إن شاء فعله وإن شاء تركه بحسب المصلحة في فعله وتركه فرآه عمر ففعله، ولم يره النبي صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا علي فتركوه.