الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال أبو داود: وهذا كان سيدَ قومِه: حضينُ بن المُنذر أبو ساسان
(1)
.
4481 -
حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن ابنِ أبي عَروبةَ، عن الدَّاناجِ، عن حُضَين بنِ المُنذر
عن علي، قال: جلَدَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في الخمرِ وأبو بكر أربعينَ، وكمَّلَها عُمَرُ ثمانينَ، وكلٌّ سُنّةٌ
(2)
.
37 - باب إذا تتايَعَ في شرب الخمر
(3)
4482 -
حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا أبانُ، عن عاصِمٍ، عن أبي صالحٍ ذكوان
عن معاويةَ بن أبي سُفيان، قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا شَرِبُوا الخمر فاجلِدُوهُم، ثم إن شَرِبُوا فاجلدُوهُم، ثم إن شَرِبُوا فاجلِدُوهُم، ثُمَّ إنْ شَرِبُوا فاجلِدُوهُم، ثم إن شَرِبُوا فاقتُلُوهُم"
(4)
.
(1)
مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ).
(2)
إسناده صحيح. الداناج: هو عبد الله بن فيروز، وابن أبي عَروبة: هو سعيد، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، ومُسدَّد: هو ابن مُسَرْهَد.
وأخرجه مسلم (1707)، وابن ماجه (2571)، والنسائي في "الكبرى"(5250)
من طريق سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإسناد.
وهو في "مسند أحمد"(624).
وانظر ما قبله.
(3)
هذا التبويب أثبتناه من (ب) و (هـ)، وهو في "مخصر المنذري" إلا أنه قال في (ب): إذا تتابع، يعني: توالى، والتتايُع: المتابعة والتوارد على الوقوع في الشر من غير فكرٍ ولا رويَّه، قال صاحب "عون المعبود": وكلاهما صحيح.
(4)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عاصم -وهو ابن أبي النَّجُود، ويقال له أيضاً: ابن بَهْدلة- وقد توبع. إلا أن المحفوظ في حديث معاوية أن القتل في الرابعة، لا في الخامسة. أبان: هو ابن يزيد العطار. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه ابن ماجه (2573)، والترمذي (1510)، والنسائي في "الكبرى"(5278) من طرق عن عاصم بن بهدلة، به. وجعلوا القتل في الرابعة، ولم يجعلوه في الخامسة كالمصنف.
وهو في "مسند أحمد"(16859)، و "صحيح ابن حبان"(4446).
وأخرجه النسائي (5279) و (5280) من طريق عبد الرحمن بن عبدٍ الجدَلي، عن معاوية وإسناده صحيح. وجعل القتل في الرابعة أيضاً.
وهو في "مسند أحمد"(16847).
وفي الباب عن غير واحد من الصحابة أشرنا إليها في "المسند" عند حديث عبد الله بن عمرو بن العاص (6552) وعندهم جميعاً أن القتل في الرابعة. وقد أشار إلى بعضها المُصنِّف بإثر الحديث (4484).
وقد روي هذا الحديث من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة كما سيأتي عند المصنف (4484)، وقال البخاري فيما نقله عنه الترمذي بإثر (1510) حديث أبي صالح عن معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا أصح من حديث أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال الترمذي: وإنما كان هذا في أول الأمر، ثم نُسخ بعدُ، هكذا روى محمَّد ابن إسحاق، عن محمَّد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه"، قال: ثم أُتي النبيَّ صلى الله عليه وسلم بعد ذلك برجل قد شرب الخمر في الرابعة فضربه ولم يقتله [قلنا: أخرجه النسائي في "الكبرى" (5302) و (5303) سنده لين وفيه عنعنة ابن إسحاق].
ثم قال الترمذي: وكذلك روى الزهري عن قبيصة بن ذؤيب، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا، فرفع القتل وكانت رُخصة. [قلنا: أخرجه المصنف برقم (4484)].
ثم قال: والعمل على هذا الحديث عند عامة أهل العلم، لا نعلم بينهم اختلافاً في ذلك في القديم والحديث، ومما يقوي هذا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من أوجه كثيرة أنه قال:"لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني والتارك لدينه".
قلنا: وقد حكى الاتفاق قبله على ترك قتل من تكرر منه شرب الخمر أكثر من ثلاث مرار: الإمام الشافعي في "الأم" 6/ 144 حيث قال: والقتل منسوخ بهذا الحديث =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= [يعني حديث قبيصة بن ذؤيب الآتي عند المصنف بعده] وغيره، وهذا مما لا اختلاف فيه بين أحد من أهل العلم علمتُه.
ونقل الحافظ في "الفتح" 12/ 80 عن ابن المنذر قوله: كان العمل فيمن شرب الخمر أن يضرب وينكّل به، ثم نسخ بالأمر بجلده، فإن تكرر ذلك أربعاً قتل، ثم نسخ ذلك بالأخبار الثابتة وبإجماع أهل العلم إلا من شَذَّ ممن لا يُعَدُّ خِلافُه خِلافاً.
وكذلك قال النووي في "شرح مسلم" 5/ 298 بأن الإجماع دَلَّ على نسخ هذا الحديث في قتل شارب الخمر، وكذلك قال ابن الصلاح في "علوم الحديث" في النوع الرابع والثلاثين: معرفة ناسخ الحديث ومنسوخه.
قلنا: لكن ذهب آخرون إلى عدم نسخ الحديث منهم ابن حبان في "صحيحه" بإثر الحديث (4447) حيث حمل هذا الحديث على ما إذا استحلّ شربه ولم يقبل تحريم النبي صلى الله عليه وسلم. قلنا: لكن لو كان الأمر كذلك لم ينتظر بشارب الخمر المشحل أن يشرب ثلاث مرات؛ لأنه إن كان مستحلاً يكفر من أول مرة.
وذهب الخطابي إلى أن الأمر قد يرد بالوعيد، ولا يراد به وقوع الفعل، فإنما يقصد به الردع والتحذير، كقوله صلى الله عليه وسلم:"من قتل عبّده قتلناه، ومن جدع عبده جدعناه" وهو لو قتل عبده لم يُقتل به في قول عامة العلماء، وكذلك لو جدعه لم يُجدَع له بالاتفاق. ثم قال الخطابي: وقد يحتمل أن يكون القتل في الخامسة واجباً، ثم نسخ لحصول الإجماع من الأمة على أنه لا يُقتل، وقد روي عن قبيصة بن ذؤيب ما يدل على ذلك.
وقد ذكر الحافظ ابن حجر في "الفتح" 12/ 78 دليلاً آخر على النسخ يؤيد قول القائلين به وهو حديث عمر بن الخطاب عند البخاري (6780) وغيره، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم جلد رجلاً يقال له عبد الله في الشراب فأتي به يوماً فجلد، فقال رجل من القوم: اللهم العنه، ما أكثر ما يؤتى به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تلعنوه، فوالله ما علمتُ إنه يحب الله ورسوله" قال الحافظ: فيه ما يدل على نسخ الأمر الوارد بقتل شارب الخمر إذا تكرر منه، فقد ذكر ابن عبد البر أنه أتي به أكثر من خمسين مرة.
وقال ابن القيم في "تهذيب السنن" 6/ 238: الذي يقتضيه الدليل أن الأمر بقتله ليس حتماً، ولكنه تعزير بحسب المصلحة، فإذا أكثر الناس من الخمر، ولم ينزجروا بالحد، فرأى الإِمام أن يقتل فيه قتل.
4483 -
حدَّثنا مُوسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حماد، عن حُميدِ بنِ يزيدَ، عن نافعٍ
عن ابنِ عُمَرَ أن رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال، بهذا المعنى، قال: وأحسِبُه قال في الخامِسَةِ: "إن شَرِبَها فاقتلُوه"
(1)
.
قال أبو داود: وكذا في حديثِ أبي غُطَيفٍ: "في الخامِسَةِ".
4484 -
حدَّثنا نصرُ بنُ عاصِمِ الأنطاكيُّ، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارون الواسطيُّ، حدَّثنا ابنُ أبي ذئبٍ، عن الحارثِ بنِ عبدِ الرحمن، عن أبي سَلَمَة
عن أبي هُريرة، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سَكِرَ فاجلِدُوهُ، ثم إن سَكِرَ فاجلِدُوه، ثم إن سَكِرَ فاجلِدُوهُ، فإن عادَ الرابِعَةَ فاقتُلُوه"
(2)
.
(1)
حديث صحيح لكن بذكر القتل في الرابعة، وهذا إسناد ضعيف لجهالة حميد بن يزيد، لكن روي من وجه آخر صحيح كما سيأتي. حماد: هو ابن سلمة.
وهو في "مسند أحمد"(6197) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في "الكبرى"(5281) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن مغيرة بن مقْسَم، عن عبد الرحمن بن أبي نُعم (وتحرف في الأصل الخطي والتحفة قديما إلى: عبد الرحمن بن إبراهيم) عن ابن عمر ونفر من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
فذكره وذكر القتل في الرابعة. وإسناده صحيح.
وانظر فقه هذا الحديث وأنه منسوخ عند الحديث السالف قبله.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل نصر بن عاصم الأنطاكي فهو حسن الحديث، والحارث بن عبد الرحمن -وهو القرشي العامري خال ابن ذئب- قوي الحديث، وهما متابعان. ابن أبي ذئب: هو محمَّد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث.
وأخرجه ابن ماجه (2572)، والنسائي في "الكبرى"(5152) من طريق شابة بن سوّار، عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد. =
قال أبو داود: وكذا حديثُ عُمر بن أبي سلمةَ، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا شَرِبَ الخمرَ فاجلِدُوه، فإن عاد الرابعةَ فاقتلُوُه".
وكذا حديثُ سهيلٍ، عن أبي صالح، عن أبي هُريرةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم:"إن شَرِبُوا الرَّابِعَة فاقتلُوهُم".
وكذا حديثُ ابنِ أبي نُعم، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وكذا حديثُ عبدِ الله بنِ عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
= وهو في "مسند أحمد"(7911)، و"صحيح ابن حبان"(4447).
وأخرجه النسائي (5277) من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة. وإسناده صحح. مع أن البخاري صحح طريق أبي صالح عن معاوية بن أبي سفيان كما سلف برقم (4482) لكن مثل هذا الاختلاف لا يضر؛ لأنه اختلاف في تعيين الصحابي، ولا يؤثر كونه معاوية أو أبا هريرة لأن الصحابة كلهم عدول ثقات.
وهو في "مسند أحمد"(7762).
وطريق عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة التي أشار إليها المصنف أخرجها أحمد (10729)، وإسنادها حسن.
وانظر فقه الحديث وأنه منسوخ عند الحديث السالف برقم (4482).
وحديث ابن أبي نُعْم عن ابن عمر سلف تخريجه عند الحديث السالف قبله.
وحديث عبد الله بن عمرو أخرجه أحمد (6553) و (6791)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 159، والطبراني في "مسند الشاميين"(235)، والحاكم 4/ 372، بإسناده ضعيف.
وحديث الشريد أخرجه النسائي في "الكبرى"(5282)، وفي إسناده رجل لم نقع له على ترجمة.
وأما رواية الجدلي -وهو عبد الرحمن بن عبدٍ- عن معاوية فسلفت عند الحديث (4482).
والشَّريدِ، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم.
وفي حديثِ الجدلي، عن معاوية: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "فإن عاد في الثالثةِ أو الرابعةِ، فاقتلُوه".
4485 -
حدَّثنا أحمدُ بنُ عبدَة الضَّبِّيُّ، حدَّثنا سفيانُ، قال: الزهريُّ أخبرنا عن قَبِيصَةَ بن ذؤيب، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ شَرِبَ الخمر فاجلِدُوه، فإن عادَ فاجلِدُوه، فإن عاد فاجلِدوهُ، فإن عادَ في الثالثَةِ أو الرابِعَة فاقتُلُوه" فأتِيَ برجُلٍ قد شَرِبَ فجلَدَه، ثم أُتي به فَجَلَدَه، ثم أُتي به فجَلَدَهُ، ثم أُتي به فجَلَدَه، ورُفِعَ القتلُ، وكانت رخصةً
(1)
.
(1)
حديث صحيح، وقال الحافظ في "فتح الباري" 12/ 80: وقبيصة بن ذؤيب من أولاد الصحابة، وولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه، ورجال هذا الحديث ثقات مع إرساله، والظاهر أن الذي بلَّغ قبيصة ذلك صحابي، فيكون الحديث على شرط الصحيح؛ لأن إبهام الصحابي لا يضر. ويؤيد كلام الحافظ هذا أن المنذري قال في "اختصار السنن": ذكروا أن قبيصة سمع من الصحابة، وإذا ثبت أن مولده في أول سنة من الهجرة أمكن أن يكون سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويؤيد هذا الحديث ويقويه الاجماعُ على ترك القتل كما حكاه غير واحد من أهل العلم ممن سلفَ ذكرناهم عند الحديث (4482).
وأخرجه ابن طهمان في "مشيخته" ص 67، والشافعي في "مسنده" 2/ 89، وفي "الأم" 6/ 144، وعبد الرزاق في "مصنفه"(17084)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 161، وابن شاهين في "ناسخ الحديث ومنسوخه"(532)، وأبو القاسم بن بشران في "أماليه"(150)، وابن حزم في المحلى، 11/ 368، والبيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 314، وفي "معرفة السنن والآثار"(17381) والخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه" 1/ 125، وفي "الأسماء المبهمة" ص 306 و 307، والبغوي في "شرح السنة"(2605) من طرق عن ابن شهاب الزهري، به. =
=
قال سفيانُ: حدَّث الزهريُّ بهذا الحديثِ وعندَه منصورُ بنُ المُعْتَمِرِ ومِخْولُ بنُ راشدٍ، فقال لهما: كونا وافِدي أهِل العراق بهذا الحديثِ.
4486 -
حدَّثنا إسماعيلُ بنُ مُوسى الفَزارِيُّ، حدَّثنا شريكٌ، عن أبي حَصِين، عن عُمَيرِ بنِ سعيد
عن عليٍّ، قال: لا أدي -أو ما كُنْتُ لأدِيَ- مَنْ أقَمتُ عليه حداً إلا شارِبَ الخَمْرِ، فإن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لم يَسُنَّ فيه شيئاً، إنما هو شيٌ قلناه نحنُ
(1)
.
= قال أبو الطيب العظيم آبادي في "عون المعبود" 12/ 124: والمقصود بقول الزهري: أن منصور بن المعتمر ومِخْوَل بن راشد لما كانا من أهل العراق، قال الزهري لهما بعد ما حدثهما هذا الحديث: اذهبا بهذا الحديث إلى أهل العراق، وأخبراهم به، ليعلموا أن القتل بشرب الخمر في الرابعة منسوخ، وأن الناسخ له هو هذا الحديث، والله تعالى أعلم.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات من أجل شريك -وهو ابن عبد الله النخعي- فهو سيء الحفظ، وهو متابع. أبو حَصِين: هو عثمان بن عاصم الأسدي.
وأخرجه البخاري (6778)، ومسلم (1707)، وابن ماجه (2569) والنسائي
في "الكبرى"(5252) و (5253) من طرق عن عمير بن سعيد، به.
وهو في "مسند أحمد"(1024).
قال البيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 322: إنما أراد -والله أعلم- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يَسُنَّه زيادة على الأربعين، أو لم يسنه بالسياط وقد سنه بالنعال وأطراف الثياب مقدار أربعين، والله أعلم.
أدي: مضارع وداه يديه: إذا أعطى ديته، وقوله: من أقمت عليه حداً مفعول به.
قال الحافظ: والجمع بين حديث علي المصرح بأن النبي صلى الله عليه وسلم جلد أربعين وأنه سنة وبين حديثه المذكرر هنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسنه بأن يحمل النفي على أنه لم يحد الثمانين، أي: لم يسن شيئاً زائداً على الأربعين، ويؤيده قوله، وإنما هو شيء صنعناه نحن =
4487 -
حدَّثنا سليمانُ بنُ داود المَهْرِيُّ المِصريُّ ابن أخي رشدِينَ بن سعْد، أخبرنا ابنُ وهب، أخبرني أسامةُ بنُ زيدٍ، أن ابنَ شهابٍ حدَّثه
عن عبدِ الرحمن بنِ أزهرَ، قال: كأني أنظرُ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم الآن وهو في الرِّحالِ يلتمِسُ رحلَ خالد بنِ الوليد، فبينما هُوَ كذلكَ إذ أُتي برجلٍ قد شَرِبَ الخمرَ، فقال للناسِ:"اضرِبُوه" فمنهم من ضَرَبَهُ بالنِّعالِ، ومنهم مَنْ ضربه بالعَصَا، ومنهم مَنْ ضربَه بالمِيتَخَةِ -قال ابنُ وهبٍ: الجَريدةُ الرَّطْبةُ-، ثم أخَذَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم تراباً مِن الأرضِ، فَرَمَى بهِ في وجهِهِ
(1)
.
= يشير إلى ما أشار به على عمر، وعلى هذا فقوله:"لو مات لوديته" أي: في الأربعين الزائدة، وبذلك جزم البيهقي وابن حزم، ويحتمل أن يكونَ قوله:"لم يسنه" أي الثمانين، لقوله في الرواية الأخرى: وإنما هو شيء صنعناه، فكأنه خاف من الذي صنعوه باجتهادهم أن لا يكون مطابقاً، واختص هو بذلك لكونه الذي كان أشار بذلك، واستدل له، ثم ظهر له أن الوقوف عندما كان الأمر عليه أولاً أولى، فرجع إلى ترجيحه، وأخبر بأنه لو أقام الحد ثمانين، فمات المضروب وداه للعلة المذكورة.
واستدل بصنيع عمر في جلد شارب الخمر ثمانين على أن حد الخمر ثمانون، وهو قول الأئمة الثلاثة وأحد القولين للشافعي، واختاره ابن المنذر، والقول الآخر للشافعي وهو الصحيح أنه أربعون. قلت: قد جاء عن أحمد كالمذهبين، قال القاضي عياض: أجمعوا على وجوب الحد في الخمر، واختلفوا في تقديره فمذهب الجمهور إلى الثمانين، وقال الشافعي في المشهور عنه وأحمد في روايته وأبو ثور وداود:
أربعين، وتبعه على الإجماع ابن دقيق العيد والنووي ومن تبعهما.
(1)
حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه كما قال المنذري في "مختصر السنن" 6/ 291، الزهري لم يسمع هذا الحديث من عبد الرحمن بن أزهر، بينهما عبد الله ابن عبد الرحمن بن أزهر، وهو مجهول الحال، وما جاء من تصريح الزهري بسماعه من عبد الرحمن بن أزهر عند أحمد (16810)، فوهم من أسامة بن زيد الليثي. ومع ذلك فقد توبع عبد الله بن عبد الرحمن بن أزهر كما سيأتي. =
4488 -
حدَّثنا ابنُ السَّرْحِ، قال: وجدْتُ في كتابِ خاليِ عبدِ الرحمن بنِ عبدِ الحميدِ، عن عُقيلٍ، أن ابنَ شهابٍ أخبره، أنَّ عبدَ الله بن عبدِ الرحمن بنِ الأزهرِ أخبره عن أبيه، قال: أُتِيَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بشاربِ، وهو بحُنينٍ، فَحثَى في وجهِه الترابَ، ثم أمر أصحابه فَضَرَبُوه بنعالهم وما كان في أيديهم، حتَّى قال لهم:"ارفعوا" فَرَفَعُوا. فتُوفِّيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ثم جَلَدَ أبو بَكرٍ في الخمرِ أربعينَ، ثم جَلَدَ عُمَرُ أربعينَ، صَدْراً مِن إمارتِه، ثمِ جَلَدَ ثمانينَ في آخِرِ خلافتهِ، ثم جَلَدَ عثمانُ الحَدَّين كليهما ثمانين وأربعينَ، ثم أثبتَ معاويةُ الحدَّ ثمانينَ
(1)
.
= وأخرجه النسائي في "الكبرى"(5262) من طريق أسامة بن زيد، و (5263) من طريق صالح بن كيسان، كلاهما عن الزهري، به. ورواية صالح مختصرة بقصة حتى التراب في وجه السكران. وجاء في رواية أسامة بن زيد زيادة أن أبا بكر ضرب أربعين. وستأتي ضمن روايته الآتية برقم (4489).
وهو في "مسند أحمد"(16809) و (16810).
وأخرجه النسائي أيضاً (5265) و (5267) من طريق محمَّد بن عمرو بن علقمة ابن وقاص الليثي، عن أبي سلمة، و (5266) و (5267) من طريق محمَّد بن عمرو بن علقمة، عن محمَّد بن إبراهيم التيمي، كلاهما عن عبد الرحمن بن أزهر. وإسناده حسن من أجل محمَّد بن عمرو بن علقمة.
وانظر تالييه.
والميتخة: هي الدِّرَّة أو العصا أو الجريدة كما قال ابن الأثير، وقال: قد اختُلفَ في ضبطها، فقيل: هي بكسر الميم وتشديد التاء وبفتح الميم مع التشديد، وبكسر الميم وسكون التاء قبل الياء، وبكسر الميم وتقديم الياء الساكنه على التاء.
(1)
حديث حسن كسابقه، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عبد الله بن عبد الرحمن ابن أزهر وهو متابع كما سلف في الطريق السالف قبله. عُقَيل: هو ابن خالد الأيلي.
وأخرجه النسائي في "الكبرى"(5264) من طريق عُقيل بن خالد، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.
4489 -
حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا عثمانُ بنُ عُمر، حدَّثنا أسامةُ بنُ زَيدٍ، عن الزهريِّ
عن عبدِ الرحمن بنِ أزهرَ، قال: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم غَداةَ الفتحِ، وأنا غلامٌ شابٌّ يتخلَّلُ الناسَ، يسألُ عن منزلِ خالدِ بن الوليدِ، فأُتِيَ بشارِبٍ، فأمَرهم فضربُوه بما في أيديهم: فَمِنهم مَن ضربه بالسَّوْطِ، ومِنهم مَن ضربه بعصاً، ومِنهم مَن ضربَه بنعلِه، وحثَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الترابَ، فلما كان أبو بكرٍ أُتي بِشَاربٍ، فسألهم عن ضربِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم الذي ضَرَبَهُ، فَحرزُوْهُ أربعينَ، فضرب أبو بكر أربعينَ، فلما كان عُمَرُ، كتَبَ إليه خالدُ بنُ الوليد: إنَّ الناسَ قد انهمَكُوا في الشُّربِ، وتَحَاقَرُوا الحدَّ والعقوبةَ، قال: هُمْ عندَك فَسلْهم، وعنده المهاجرونَ الأوَّلون، فسألهم، فأجمعُوا على أن يُضْرَبَ ثمانينَ، قال: وقال عليٌّ: إن الرجلَ إذا شَرِب افْتَرَى، فأرَى أن تَجعَلَهُ كَحدِّ الفِرْيَةِ
(1)
.
(1)
حديث حسن كسابقيه. وهذا إسناد منقطع كالرواية السالفة برقم (4487).
وقوله في هذا الخبر: غداة الفتح، وهم من أسامة بن زيد؛ لأن هذه القصة كانت في حنين كما في الرواية السالفة قبله، وكما في رواية أبي سلمة عن ابن أزهر عند النسائي (5267).
وقوله: يتخللُ الناسَ، أي: يسيرُ في خَلَلِهم، أي: في وسطهم.
وقوله: فحرزوه، أي: حفظوه أربعين، يقال: أحرزت الشيء أحرزه إحرازاً: إذا حفظتَه وضممتَه إليك وصُنْتَه عن الأخذ، وحدّ الفرية هو حد القذف وهو ثمانون سوطاً، وتحاقروا الحد، أي: رأوه حقيراً.
تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من هامشي (ب) و (هـ)، وهو في رواية ابن داسه وابن الأعرابي وغيرهما.