الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الخامس
حكم التيمم إذا وجد الماء بعد التيمم وقبل الصلاة
تقدم ذكر اتفاق الفقهاء على أن التيمم لا يرفع الحدث مع وجود الماء
(1)
، فمن تيمم ثم وجد الماء قبل دخوله في الصلاة فإن تيممه يبطل، وعليه استعمال الماء
(2)
.
وهذه المسألة إنما هي ثمرة للخلاف في نوع بدلية التيمم مع من يرى بأن التيمم يرفع الحدث مطلقًا، وهو قول أبي سلمة بن عبد الرحمن
(3)
، وليست المسألة من ثمرة الخلاف في نوع بدلية التيمم بين الجمهور والحنفية؛ لاتفاقهم ببطلان التيمم عند وجود الماء.
واستدل أبو سلمة على أن التيمم يرفع الحدث مطلقًا، بما يلي:
أن الطهارة بعد صحتها لا تنتقض إلا بالحدث، ووجود الماء ليس بحدث
(4)
.
(1)
انظر: (ص 211).
(2)
سيأتي ذكر أدلة هذا الاتفاق (ص 496، 497).
(3)
هو: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، من فقهاء التابعين، ولد سنة بضع وعشرين، كان ثقة عالمًا، من بحور العلم، وهو سيد بن سادات قريش، أرضعته أم كلثوم، أدرك الصحابة، وروى عنهم، توفي سنة 94 أو 104.
انظر: سير أعلام النبلاء (4/ 287 ـ 292)، تهذيب التهذيب (12/ 127).
(4)
بدائع الصنائع (1/ 347، 348)، المقدمات (1/ 116)، المجموع (2/ 241).
المناقشة:
نوقش من ثلاثة وجوه:
الوجه الأول: أنه قول مردود؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الصعيد الطيب طهور المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته، فإن ذلك خير»
(1)
.
وجه الدلالة:
أنه صلى الله عليه وسلم جعل التيمم طهور المسلم إلى غاية وجود الماء، والممدود إلى غاية ينتهي عند وجود الغاية
(2)
.
الوجه الثاني: أن التيمم خلف عن الوضوء، ولا يجوز المصير إلى الخلف مع وجود الأصل، كما في سائر الأخلاف مع أصولها
(3)
.
الوجه الثالث: أن القول بأن وجود الماء ليس بحدث مسلم به؛ لأن المتيمم لا يصير محدثًا بوجود الماء، وإنما الحدث السابق يظهر حكمه عند وجود الماء، ولا يظهر حكم ذلك الحدث في حق الصلاة المؤداة
(4)
.
قال ابن المنذر: «أجمع عوام أهل العلم على أن من تيمم، ثم وجد الماء قبل دخوله في الصلاة أن طهارته تنقض، وعليه أن يتطهر ويصلي، إلا حرف
(1)
البيان (1/ 269)، والحديث قد تقدم تخريجه (ص 25).
(2)
بدائع الصنائع (1/ 348).
(3)
بدائع الصنائع (1/ 348)، شرح التلقين (1/ 306).
(4)
بدائع الصنائع (1/ 348).
روي عن أبي سلمة فإنه بلغني عنه أنه قال في الجنب، يتيمم، ثم يجد الماء، قال: لا يغتسل»
(1)
.
وقال ابن رجب الحنبلي ـ في معرض رده على أبي سلمة ـ: «وهذا شذوذ عن العلماء، ويرده قوله: «فإذا وجدت الماء فأمسه بشرتك» ، ومن العجب أن أبا سلمة ممن يقول: إن من صلى بالتيمم ثم وجد الماء في الوقت أنه يعيد الصلاة، وهذا تناقض فاحش»
(2)
.
(1)
الأوسط (2/ 65).
(2)
فتح الباري (2/ 64).