الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني
صفة صلاة فاقد الطهورين
إذا قلنا بأن فاقد الطهورين يصلي على حسب حاله، سواء قيل بالقضاء أو لا، فهل له أن يزيد على ما يجزئ في الصلاة، وهل له أن يتنفل ويمس المصحف ونحو ذلك؟ في هذا خلاف بين الفقهاء:
القول الأول: أنه يصلي الفرض فقط، وليس له أن يصلي نافلة، ولا أن يمس المصحف، وإن كانت امرأة انقطع حيضها فليس له أن يطأها، وهو قول الشافعية والحنابلة
(1)
.
وأضاف الشافعية: أنه لا يقرأ في الصلاة غير الفاتحة في حال الجنابة وانقطاع دم الحيض
(2)
.
وأما الحنابلة فقالوا: لا يزيد على ما يجزئ في الصلاة من قراءة وغيرها، فلا يقرأ زائدًا على الفاتحة، ولا يزيد على ما يجزئ في طمأنينة ركوع أو سجود أو جلوس بين السجدتين، ولا على ما يجزئ في التشهدين
(3)
.
(1)
المجموع (2/ 223)، نهاية المحتاج (1/ 318)، الفروع (1/ 293)، الإنصاف (1/ 269).
(2)
مغني المحتاج (1/ 274).
(3)
الإنصاف (1/ 269، 270)، كشاف القناع (1/ 405).
القول الثاني: أنه يجوز لعادم الطهورين أن يزيد على ما يجزئ في الصلاة من قراءة وغيرها، وله أيضًا أن يصلي النافلة، وأن يمس المصحف، وأن يطأ الحائض عند انقطاع حيضها، وهو قول لبعض الحنابلة، اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية
(1)
.
القول الثالث: أنه يصلي صلاة صورية، وذلك بأن يركع ويسجد بدون قراءة أو تسبيح أو تشهد أو استفتاح، ولا ينوي بذلك صلاة، وهو قول أبي يوسف ومحمد بن الحسن
(2)
.
أدلة القول الأول:
استدلوا بأنه يجب الطهارة لهذه العبادات، ولا حاجة إلى النوافل بلا طهارة، وإنما جاز الفرض بلا طهارة للضرورة محافظة على حرمتها
(3)
.
أدلة القول الثاني:
استدلوا بأن تحريم الصلاة بلا طهارة إنما يثبت مع من قدر على الطهارة، لا على من لم يقدر عليها، وإذا صح الفرض بلا طهارة فالنافلة من باب أولى
(4)
.
(1)
الاختيارات الفقهية (ص 21)، الإنصاف (1/ 269).
(2)
بدائع الصنائع (1/ 326)، رد المحتار (1/ 374، 375).
(3)
المجموع (2/ 223)، كشاف القناع (1/ 405).
(4)
شرح العمدة (1/ 455)، الفروع (1/ 293).
أدلة القول الثالث:
استدلوا بأن صلاة فاقد الطهورين ليست بصلاة في الحقيقة، وإنما هو تَشبهٌ بالمصلين لشرف الوقت
(1)
.
المناقشة:
يمكن مناقشته بأن صلاة فاقد الطهورين إذا لم تكن صلاة فلا يؤمر بالقيام بها.
الترجيح:
الراجح ـ والله أعلم ـ هو القول الثاني القائل بالجواز؛ وذلك لوجاهة ما استدلوا به، ولأن القول بعدم الجواز يحتاج إلى دليل صحيح يدل عليه، فإن الصحابة رضوان الله عليهم صلوا بغير طهارة كما في حديث عائشة رضي الله عنها
(2)
، ولم ينقل أنهم اقتصروا على ما يجزئ فيها، والله أعلم.
(1)
المبسوط (1/ 123)، رد المحتار (1/ 374، 375).
(2)
تقدم ذكره وتخريجه (ص 520).