الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس
التيمم لمن خاف فوات الجمعة
اختلف الفقهاء في المكلف يجد الماء ويقدر على استعماله، ولكن يخشى باستعماله فوات الجمعة، فهل يباح له التيمم ليدرك صلاة الجمعة أم يلزمه الوضوء ولا يجوز له التيمم في تلك الحالة؟ وذلك على قولين
(1)
:
القول الأول: أنه يلزمه الوضوء لصلاة الجمعة وإن خشي فواتها، ولا يتيمم لها، وهو قول الحنفية، والمشهور من مذهب المالكية، وقول الشافعية، والحنابلة.
القول الثاني: أنه لا يلزمه الوضوء لصلاة الجمعة إذ خشي فواتها، بل يتيمم لها، وهو قول للمالكية، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
سبب الخلاف:
سبب الخلاف في هذه المسألة هو اختلافهم في صلاة الجمعة، هل لها بدل عند فواتها ـ وهو الظهر ـ أو ليس لها بدل لكونها فرض يومها؟
فمن رأى أن للجمعة بدل عند فواتها ـ وهو الظهر ـ قال: بعدم التيمم، ومن رأى أنه ليس للجمعة بدل قال: بجواز التيمم.
(1)
مختصر القدوري (ص 52)، المبسوط (2/ 32)، الذخيرة (1/ 357)، حاشية الخرشي (1/ 345)، حاشية البناني مع شرح الرزقاني (1/ 205)، ط: دار الكتب العلمية، مختصر المزني (ص 16)، المجموع (2/ 194)، مجموع فتاوى ابن تيمية (21/ 456)، الفروع (1/ 290، 291)، الإنصاف (1/ 288).
أدلة القول الأول:
استدلوا بالأدلة نفسها المتقدمة الدالة على عدم التيمم للجنازة والعيد ونحوهما.
أدلة القول الثاني:
يمكن أن يستدل لهم بأدلة من قال بجواز التيمم لمن خشي فوات الجنازة والعيد ونحوهما، وقد تقدمت
(1)
.
الترجيح:
الراجح ـ والله أعلم ـ هو القول الأول القائل بوجوب الوضوء لصلاة الجمعة، ولو خاف فواتها، وذلك لقوة أدلتهم، ولأن أدلة القول الثاني تم مناقشتها في المطلب السابق.
وقد حكى ابن المنذر عن أبي ثور
(2)
الإجماع على عدم صلاة الجمعة بالتيمم مع وجود الماء فقال: «قال أبو ثور: لا أعلم خلافًا أن رجلاً لو أحدث يوم الجمعة، وخاف فواتها أن ليس له أن يتيمم ويصلي، فإذا كان هذا من القوم إجماعًا لوجود الماء، كان كل محدث في موضع يجد فيه الماء مثله»
(3)
.
(1)
انظر (ص 189 ـ 193).
(2)
هو: أبو ثور إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي البغدادي، الإمام الحافظ الحجة المجتهد، الفقيه، مفتي العراق، وصاحب الإمام الشافعي، ولد في حدود سنة (170 هـ)، كان أحد أئمة الدنيا فقهًا وعلمًا وورعًا وفضلاً، حدّث عنه أبو داود وابن ماجه، توفي في صفر سنة (240 هـ)، وقيل:(246 هـ).
انظر: وفيات الأعيان (1/ 26)، سير أعلام النبلاء (12/ 72 ـ 76).
(3)
الأوسط لابن المنذر (2/ 71).