المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الأولحكم صلاة فاقد الطهورين - أحكام التيمم دراسة فقهية مقارنة

[رائد بن حمدان الحازمي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌أـ أهمية الموضوع وأسباب اختياره:

- ‌ب ـ الدراسات السابقة:

- ‌ج ـ خطة البحث:

- ‌د ـ منهج البحث:

- ‌التمهيدفي التيممالتعريف، والمشروعية، والاختصاص

- ‌المبحث الأولتعريف التيمم في اللغة والاصطلاح

- ‌أولاً: تعريف التيمم في اللغة:

- ‌ثانيًا: تعريف التيمم في الاصطلاح:

- ‌المبحث الثانيمشروعية التيمم

- ‌المطلب الأولأدلة مشروعية التيمم

- ‌أولاً: من الكتاب:

- ‌ثانيًا: من السنة:

- ‌ثالثًا: الإجماع:

- ‌المطلب الثانيسبب مشروعية التيمم

- ‌المطلب الثالثالحكمة من مشروعية التيمم

- ‌المبحث الثالثاختصاص الأمة بالتيمم

- ‌الباب الأولالأسباب الموجبة للتيمم

- ‌الفصل الأولفقد الماء

- ‌المبحث الأولطلب الماء قبل التيمم

- ‌المطلب الأولحكم الطلب

- ‌الحالة الأولى:

- ‌أولاً: من الكتاب:

- ‌ثانيًا: من المعقول:

- ‌الحالة الثانية:

- ‌الحالة الثالثة:

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌أدلة القول الأول:

- ‌أولاً: من الكتاب:

- ‌ثانيًا: من السنة:

- ‌ثالثًا: من المعقول:

- ‌أدلة القول الثاني:

- ‌أولاً: من الكتاب:

- ‌ثانيًا: من السنة:

- ‌ثالثًا: من المعقول:

- ‌المطلب الثانيوقت الطلب

- ‌المطلب الثالثمسافة الطلب

- ‌أولاً: الحنفية

- ‌ثانيًا: المالكية

- ‌ثالثًا: الشافعية

- ‌رابعًا: الحنابلة

- ‌المطلب الرابعصفة الطلب

- ‌المطلب الخامستكرار الطلب

- ‌المبحث الثانيشراء الماء

- ‌المطلب الأولحكم شراء الماء لمن فقده

- ‌أولاً: من الكتاب:

- ‌ثانيًا: من المعقول:

- ‌المطلب الثانيحكم الاقتراض(1)لشراء الماء

- ‌المطلب الثالثشراء الماء في الذمة

- ‌المطلب الرابعحكم قبول الماء الموهوب

- ‌الفرع الأولحكم قبول الماء الموهوب

- ‌الفرع الثانيهل يجب استيهاب الماء أو اقتراضه

- ‌المبحث الثالثنسيان الماء

- ‌المطلب الأولالتيمم لمن نسي الماءبعد أن علم به

- ‌المطلب الثانيالتيمم لمن ضل عن مكانهالذي فيه الماء

- ‌المطلب الثالثإذا قام وصلى ثم بان أنه بقربهبئر أو ماء

- ‌المطلب الرابعإذا وُضع الماء في رحلهولم يعلم به

- ‌المطلب الخامسالتيمم لمن ظن أن الماء قد نفذ

- ‌المبحث الرابعالتيمم لمن وجد ماء لا يكفيللطهارة

- ‌المطلب الأولحكم من وجد من الماءبعض ما يكفيه

- ‌المطلب الثانيكيفية استعمال الماء الذيلا يكفي للطهارة

- ‌المطلب الثالثإذا كان مع الجنب ماء يكفيللوضوء فقط

- ‌المبحث الخامسالتيمم لمن أراق الماء أو باعه أو وهبهولم يترك ما يتطهر به

- ‌المطلب الأولحكم إراقة الماء بعد دخول الوقت

- ‌المطلب الثانيالتيمم لمن باع الماء أو وهبهبعد دخول الوقت

- ‌الفرع الأولحكم بيع الماء أو هبته بعد دخول الوقت

- ‌الفرع الثانيحكم التيمم لمن باع الماء أو وهبه بعد دخول الوقت

- ‌الفصل الثانيعدم القدرة على استعمالالماء

- ‌المبحث الأولتيمم المريض

- ‌المطلب الأولتيمم المريض العادم للماء

- ‌الفرع الأولتعريف المرض لغة واصطلاحًا

- ‌أولاً: في اللغة:

- ‌ثانيًا: في الاصطلاح:

- ‌الفرع الثانيحكم تيمم المريض العادم للماء

- ‌المطلب الثانيحكم تيمم المريض الواجد للماء

- ‌المطلب الثالثضابط الخوف المبيح للتيمم

- ‌المطلب الرابعحكم تيمم المريض الذيلا يجد من يناوله الماء

- ‌المطلب الخامسمن يعتمد قوله في تقدير المرض

- ‌المبحث الثانيتيمم الجريح

- ‌المطلب الأولطهارة من كان بعض بدنه جريحًاوبعضه صحيحًا

- ‌المطلب الثانيكيفية الجمع بين التيمم والغسللمن كان بعض بدنه جريحًا

- ‌المطلب الثالثحكم تيمم من وضع على الجرح أو الكسرجبيرة أو لصوقًا

- ‌المبحث الثالثعدم القدرة على استعمال الماء

- ‌الفصل الثالثالخوف من استعمال الماء

- ‌المبحث الأولتيمم الصحيح الخائفمن العطش

- ‌المبحث الثانيتيمم الصحيح الخائف من البرد

- ‌المطلب الأولحكم تيمم الصحيح الخائفمن البرد

- ‌المطلب الثانيحكم إعادة الصلاة لمن صلىبالتيمم لخوف البرد

- ‌المبحث الثالثالتيمم لمن خاف فوات الوقتللصلوات المكتوبة

- ‌المبحث الرابعالتيمم لمن خاف فوات صلاةالعيدين(1)والجنازة(2)ونحوهما

- ‌المبحث الخامسالتيمم لمن خاف فوات الجمعة

- ‌الباب الثانيفي أحكام التيمم

- ‌الفصل الأولحكم التيمم بينالرخصة والعزيمة

- ‌المبحث الأولتعريف الرخصة والعزيمةفي اللغة والاصطلاح

- ‌المطلب الأولتعريف الرخصة في اللغةوالاصطلاح

- ‌أولاً: في اللغة:

- ‌ثانيًا: في الاصطلاح:

- ‌المطلب الثانيتعريف العزيمة في اللغة والاصطلاح

- ‌أولاً: في اللغة:

- ‌ثانيًا: في الاصطلاح:

- ‌المبحث الثانيحكم التيمم بين الرخصة والعزيمة

- ‌الفصل الثانيبدلية التيمم عن الماء

- ‌المبحث الأولنوع بدلية التيمم

- ‌المبحث الثانيما يترتب على الخلاف فينوع بدلية التيمم

- ‌المطلب الأولوقت التيمم

- ‌الفرع الأولوقت التيمم للصلاة المؤقتة بوقت

- ‌الفرع الثانيوقت التيمم للصلاة التي غير مؤقتة بوقت

- ‌الفرع الثالثالوقت المستحب للتيمم

- ‌المطلب الثانيحكم الوطء لعادم الماء

- ‌المطلب الثالثحكم إمامة المتيمم للمتوضئ

- ‌المطلب الرابعحكم المسح على الخفين(1)لمن لبسهعلى طهارة التيمم

- ‌المطلب الخامسحكم التيمم إذا وجد الماء بعد التيمم وقبل الصلاة

- ‌الفصل الثالثحكم التيمم للطهارةعن الحدث

- ‌المبحث الأولحكم التيمم عن الحدث الأصغر

- ‌المبحث الثانيحكم التيمم عن الحدث الأكبر

- ‌الفصل الرابعحكم التيمم للنجاسة

- ‌المبحث الأولالتيمم للنجاسة في الثوب والبدن

- ‌المطلب الأولحكم التيمم للنجاسة فيالثوب والبدن

- ‌المطلب الثانيما يترتب على القول بجواز التيمملنجاسة البدن

- ‌الفرع الأولتعدد محل النجاسة على البدن مع عدم الماء

- ‌الفرع الثانيإذا اجتمع على الشخص حدث ونجاسةفهل يكفيه تيمم واحد لهما أم لا

- ‌المبحث الثانيحكم من اجتمع عليه نجاسة وحدثومعه ماء يكفي أحدهما

- ‌الفصل الخامسالتيمم في السفر والحضر

- ‌المبحث الأولالتيمم في السفر

- ‌المطلب الأولحكم التيمم في السفر

- ‌المطلب الثانيتيمم العاصي بسفره

- ‌المبحث الثانيحكم التيمم في الحضر

- ‌الباب الثالثشروط التيمم

- ‌الشرط الأولالنية

- ‌المبحث الأولحكم النية في التيمم

- ‌المطلب الأولحكم اشتراط النية في التيمم

- ‌المطلب الثانيحكم التيمم بنية تعليم الغير

- ‌المبحث الثانيحكم التيمم بنية رفع الحدث

- ‌المبحث الثالثما ينويه بالتيمم

- ‌المبحث الرابعإذا نوى بتيممه فرض التيمم

- ‌المبحث الخامسما يستباح بالتيمم

- ‌المطلب الأولما يباح له بتيممه إذا نوى به الفريضة

- ‌الفرع الأولإذا نوى بتيممه فريضة، فهل يصلي به أكثر من فريضة

- ‌الفرع الثانيإذا نوى بتيممه فريضة، فهل يصلي به نافلة

- ‌المطلب الثانيما يباح له بتيممه إذا نوى بهنافلة أو صلاة مطلقة

- ‌الفرع الأولحكم التيمم للنافلة ونحوها مما يتطهر له

- ‌الفرع الثانيإذا نوى التيمم للنافلة فهل يصلي به نوافل أخرى

- ‌الفرع الثالثإذا نوى التيمم لنافلة فهل يصلي به فريضة

- ‌الفرع الرابعإذا نوى بتيممه صلاة مطلقة

- ‌المطلب الثالثمراتب النية

- ‌المبحث السادسحكم الجمع بين الصلاتين للمتيمم

- ‌المبحث السابعحكم اشتراط النية في الحدثالأصغر أو الأكبر

- ‌المطلب الأولحكم تعيين نية ما يتيمم عنهمن حدث أصغر أو أكبر

- ‌المطلب الثانياجتماع الأحداث وأثره في تداخلهاعند النسيان

- ‌المطلب الثالثإذا نوى الحدثين بتيمم واحد

- ‌الفرع الأولإذا نوى الحدثين بتيمم واحد أو أحد أسباب أحدهما

- ‌الفرع الثانيإذا نوى الحدثين بتيمم واحد أو نوى الأكبرثم أحدث حدثاً أصغر

- ‌الشرط الثانيالإسلام

- ‌الشرط الثالثالتكليف

- ‌الشرط الرابعانقطاع دم الحيض والنفاس

- ‌الشرط الخامسإزالة ما يمنع مسح أعضاء التيمم

- ‌الشرط السادسطلب الماء وإعوازه بعد الطلب

- ‌الشرط السابعدخول الوقت

- ‌الشرط الثامنالتيمم بالصعيد

- ‌المبحث الأولحكم التيمم بكل ما هو من جنس الأرض

- ‌المطلب الأولالتيمم بغير التراب

- ‌المطلب الثانيحكم إيصال التراب إلى أعضاء التيمم

- ‌المبحث الثانيالتيمم على الخشب والزرع والحشيش

- ‌المبحث الثالثالتيمم على الثلج

- ‌المبحث الرابعالتيمم بالتراب المختلط بغيره

- ‌المبحث الخامسحكم التيمم بالطين المحترق

- ‌المبحث السادسالتيمم بالأرض النجسة

- ‌المطلب الأولحكم التيمم بالأرض النجسة

- ‌المطلب الثانيحكم التيمم بالأرض التي أصابتها نجاسةفزال أثرها بالشمس أوالريح

- ‌المطلب الثالثالتيمم بتراب المقبرة

- ‌المبحث السابعحكم التيمم بالتراب المستعمل

- ‌المبحث الثامنحكم التيمم بالتراب المغصوب

- ‌الباب الرابعفروض التيمم

- ‌الفرض الأولمسح الوجه واليدين مع الاستيعاب

- ‌المبحث الأولتحديد أعضاء التيمم

- ‌المبحث الثانيتحديد مسح اليدين

- ‌المبحث الثالثتحديد القدر الواجب من الضربفي التيمم

- ‌المبحث الرابعحكم استيعاب المسح للوجه واليدين

- ‌المبحث الخامسحكم إيصال التراب إلى ما تحتالشعر الخفيف

- ‌المبحث السادسصفة مسح الوجه واليدين

- ‌المبحث السابعحكم التيمم من غير ضرب

- ‌المطلب الأولحكم ضرب الأرض باليد

- ‌المطلب الثانيحكم من وصل التراب إلى وجههويديه من غير ضرب

- ‌المطلب الثالثحكم التمعك في التراب بنية التيمم

- ‌المبحث الثامنحكم تيمم مقطوع اليد أو بعضها

- ‌المبحث التاسعحكم مسح الوجه بيد واحدةأو ببعض أصابعه

- ‌الفرض الثانيالترتيب

- ‌الفرض الثالثالموالاة

- ‌المبحث الأولحكم الموالاة بين أعضاء التيمم

- ‌المبحث الثانيحكم الموالاة بين التيمم والصلاة

- ‌الباب الخامسسنن التيمم ومكروهاته

- ‌الفصل الأولسنن التيمم

- ‌المبحث الأولالتسمية

- ‌المبحث الثانيتقديم اليد اليمنى على اليسرى

- ‌المبحث الثالثاستقبال القبلة

- ‌المبحث الرابعتخفيف التراب المأخوذ بنفض أو نفخ

- ‌المبحث الخامستفريج الأصابع

- ‌المبحث السادستخليل(1)الأصابع

- ‌المبحث السابعسنن أخرى تستحب في التيمم

- ‌الفصل الثانيمكروهات التيمم

- ‌المبحث الأولتجديد التيمم

- ‌المبحث الثانيتكرار المسح

- ‌الباب السادسمبطلات التيمم وفاقد الطهورين

- ‌الفصل الأولمبطلات التيمم

- ‌المبحث الأولمبطلات الوضوء

- ‌المبحث الثانيوجود الماء

- ‌المطلب الأولوجود الماء قبل الصلاة

- ‌المطلب الثانيوجود الماء أثناء الصلاة

- ‌المطلب الثالثوجود الماء بعد الصلاة

- ‌المبحث الثالثخروج وقت الصلاة

- ‌المبحث الرابعزوال العذر المبيح للتيمم

- ‌المبحث الخامسالردة عن الإسلام

- ‌المبحث السادسالفصل الطويل بين التيمم والصلاة

- ‌المبحث السابعخلع ما يجوز المسح عليه

- ‌الفصل الثانيفاقد الطهورين

- ‌المبحث الأولحكم صلاة فاقد الطهورين

- ‌المبحث الثانيصفة صلاة فاقد الطهورين

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر

- ‌أولاً: كتب التفسير:

- ‌ثانياً: كتب الحديث وعلومه:

- ‌ثالثًا: كتب أصول الفقه:

- ‌رابعاً: كتب الفقه:

- ‌أـ كتب الفقه الحنفي:

- ‌ب ـ كتب الفقه المالكي:

- ‌جـ ـ كتب الفقه الشافعي:

- ‌د ـ كتب الفقه الحنبلي:

- ‌هـ ـ كتب الفقه الظاهري:

- ‌خامسًا: كتب اللغة والمعاجم والمصطلحات:

- ‌سادسًا: كتب التاريخ والتراجم:

- ‌سابعًا: كتب ورسائل متنوعة:

الفصل: ‌المبحث الأولحكم صلاة فاقد الطهورين

‌المبحث الأول

حكم صلاة فاقد الطهورين

إذا فقد المحدث الطهورين كأن يُحبس في موضع ليس فيه واحد منهما، أو حبس في موضع نجس وليس لديه ماء، أو كان لديه ماء يحتاج إليه لعطش، وكالمصلوب على خشبة ونحوها، وكمن كان في سفينة ولا يستطيع الوصول إلى الماء، وكمن كان على دابته ويخاف على نفسه إن نزل منها

(1)

، ونحو ذلك من الصور التي لا يستطيع الشخص استعمال الطهورين فيها، فهل يصلي بدون طهارة أم تسقط عنه الصلاة؟

للفقهاء في هذه المسألة أربعة أقوال:

القول الأول: أنه لا يصلي على حاله، بل يقضي إذا وجد أحد الطهورين، وهو قول أبي حنيفة، وأصبغ

(2)

من المالكية، وقول للشافعية (هو قول قديم للشافعي)

(3)

.

(1)

ومثله في زماننا من كان في سيارته وخاف على نفسه أو على من معه كأهله الضرر إن نزل منها، وكذلك من كان في الطائرة أو في القطار ويستحيل عليه النزول منهما.

(2)

هو: أبو عبد الله أصبغ بن الفرج بن سعيد بن نافع المصري المالكي، الإمام الفقيه المحدث، وكان قد رحل إلى المدينة ليسمع من مالك، فدخلها يوم مات، كان من أعلم الناس برأي مالك، روى عنه البخاري وغيره، توفي سنة (225 هـ).

انظر: ترتيب المدارك (1/ 325 ـ 328)، الديباج المذهب (ص 97).

(3)

الأصل (1/ 125)، المبسوط (1/ 123)، الذخيرة (1/ 350)، العزيز (1/ 262)، المجموع (2/ 223).

ص: 668

القول الثاني: أنه يصلي على حسب حاله، ويجب عليه الإعادة إذا وجد أحد الطهورين، وهو قول أبي يوسف ومحمد بن الحسن من الحنفية، وابن القاسم

(1)

من المالكية، والصحيح عند الشافعية (هو قول الإمام الشافعي في الجديد)، ورواية عند الحنابلة

(2)

.

القول الثالث: أنه يصلي في الحال، وليس عليه إعادة، وهو قول أشهب

(3)

من المالكية، وقول للشافعية (هو قول قديم للشافعي) واختاره المزني، وهو مذهب الحنابلة

(4)

.

(1)

هو: أبو عبد الله عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة، العتقي بالولاء، الإمام، الفقيه المالكي، جمع بين الزهد والعلم، وتفقه بالإمام مالك وصحبه عشرين سنة، وانتفع به أصحاب مالك بعد موت مالك، وهو صاحب المدونة، ولد سنة (132 هـ)، وقيل:(128 هـ)، وتوفي بمصر سنة (191 هـ).

انظر: وفيات الأعيان (3/ 129، 130)، الديباج المذهب (ص 146، 147).

(2)

الأصل (1/ 125)، المبسوط (1/ 123)، الاستذكار (3/ 150)، الأم (2/ 107)، المجموع (2/ 223)، المغني (1/ 327، 328)، الإنصاف (1/ 269، 270).

ملاحظة: اختلفت الروايات عن محمد بن الحسن، فروي عنه مثل قول أبي حنيفة، وروي عنه مثل قول أبي يوسف. انظر: بدائع الصنائع (1/ 326)، البحر الرائق (1/ 286).

(3)

هو: أبو عمر أشهب بن عبد العزيز بن داود بن إبراهيم القيسي العامري، الإمام، الفقيه المالكي، وأشهد لقب، واسمه مسكين، تفقه بمالك، كان نبيلاً، حسن النظر، ألف مدونة تسمى مدونة أشهب، توفي سنة (204 هـ).

انظر: ترتيب المدارك (1/ 259 ـ 262)، الديباج المذهب (ص 98، 99).

(4)

عقد الجواهر الثمينة (1/ 64)، العزيز (1/ 264)، المجموع (2/ 223، 225)، المحرر (1/ 23)، الإنصاف (1/ 269، 270).

ص: 669

القول الرابع: أنه لا يصلي على حاله ولا يقضي، وهو مذهب المالكية

(1)

.

أدلة القول الأول:

استدل القائلون بأن فاقد الطهورين لا يصلي حتى يجد أحد الطهورين فيقضي، بما يلي:

أولاً: من الكتاب:

قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: 43].

وجه الدلالة:

أن الله سبحانه وتعالى نهى عن قربان الصلاة إلا بطهارة، فدل على أنه لا يجوز الدخول فيها بالحدث.

ثانيًا: من السنة:

حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقبل صلاة بغير طهور»

(2)

.

وجه الدلالة:

أن النبي صلى الله عليه وسلم نفى القبول عن الصلاة التي تؤدى بغير طهارة، وما لا يقبل لا يشرع فعله

(3)

.

(1)

التاج والإكليل (1/ 528 ـ 530)، مواهب الجليل (1/ 529، 530)، شرح الزرقاني (1/ 230).

(2)

تقدم تخريجه (ص 186).

(3)

رد المحتار (1/ 374)، الذخيرة (1/ 350).

ص: 670

المناقشة:

نوقش استدلالهم بالآية والحديث بأنهما محمولان على من قدر على الطهارة بالماء أو التراب، لا على من لا يقدر على الطهارة

(1)

.

ثالثًا: من المعقول:

أن عدم الطهارة أصلاً وبدلاً يمنع من انعقاد الصلاة، كالحائض

(2)

.

المناقشة:

نوقش بأن الحائض مكلفة بترك الصلاة، لا طريق لها إلى فعلها ولو وجدت الطهور، وهذا بخلافها

(3)

.

أن الصلاة عبادة لا يسقط قضاؤها، فلم تكن واجبة عند العجز عن الطهارة، كصيام الحائض

(4)

.

المناقشة:

نوقش بأنه قياس لا يصح؛ لأن الصوم يدخله التأخير بخلاف الصلاة، بدليل أن المسافر يؤخر الصوم دون الصلاة

(5)

.

(1)

المجموع (2/ 226)، المحلى (1/ 89).

(2)

المنتقى (1/ 116)، الحاوي (2/ 1067).

(3)

المجموع (2/ 226)، فتح الباري لابن رجب (2/ 30).

(4)

بدائع الصنائع (1/ 327).

(5)

المغني (1/ 329).

ص: 671

أدلة القول الثاني:

استدل القائلون بأن فاقد الطهورين يصلي ويعيد، بمايلي:

أولاً: من السنة:

حديث عائشة رضي الله عنها: «أنها استعارت من أسماء

(1)

قلادة فهلكت

(2)

، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً

(3)

فوجدها، فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء، فصلوا، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله آية التيمم»

(4)

.

وجه الدلالة:

دل الحديث على وجوب الصلاة لفاقد الطهورين، وذلك لأنهم صلوا معتقدين وجوب ذلك، ولو كانت الصلاة حينئذ ممنوعة لأنكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم، فكان هذا شرعًا عامًا حتى يرد الدليل الرافع له

(5)

.

(1)

هي: أسماء بنت أبي بكر الصديق، أسلمت قديمًا بمكة، وهاجرت إلى المدينة وهي حامل بعبد الله ابن الزبير فوضعته بقباء، كانت تسمى بذات النطاقين، روت عن النبي صلى الله عليه وسلم عدة أحاديث، توفيت بمكة سنة (73 هـ).

انظر: الاستيعاب (4/ 1783)، الإصابة (7/ 486).

(2)

هلكت: أي سقطت وضاعت. لسان العرب (10/ 506)، فتح الباري (1/ 519).

(3)

هذا الرجل هو: أُسيد بن حُضير، وقد صرح بذلك أبو داود في رواية له عن عائشة رضي الله عنها. سنن أبي داود (1/ 86).

(4)

أخرجه البخاري ـ واللفظ له ـ في كتاب التيمم، باب إذا لم يجد ماء ولا ترابًا [صحيح البخاري (1/ 128) حديث (329)]، ومسلم في كتاب الحيض، باب التيمم [صحيح مسلم (1/ 279) حديث (367)].

(5)

إكمال المعلم (2/ 219)، معالم السنن (1/ 83، 84)، فتح الباري (1/ 524).

ص: 672

حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم»

(1)

.

وجه الدلالة:

أن العجز عن الطهارة لا يبيح ترك الصلاة؛ لأنه مأمور بالصلاة بشروطها، فمتى عجز عن بعضها أتى بما قدر عليه منها

(2)

.

واستدلوا على وجوب الإعادة بما يلي:

أولاً: من السنة:

حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقبل صلاة بغير طهور»

(3)

.

وجه الدلالة:

دل الحديث على أن الصلاة بغير طهارة غير مقبولة، وإذا كانت غير مقبولة فلابد من إعادتها.

المناقشة:

نوقش هذا الدليل بما نوقش به دليل الكتاب والسنة من أدلة القول الأول.

(1)

تقدم تخريجه (ص 97).

(2)

المهذب (1/ 133)، الحاوي (2/ 1068).

(3)

تقدم تخريجه (ص 186).

ص: 673

ثانيًا: من المعقول:

أن العجز عن الطهارة عذر نادر غير متصل، فلم تسقط الإعادة، كمن صلى محدثًا ناسيًا، فإنه يلزمه الإعادة

(1)

.

المناقشة من وجهين:

الوجه الأول: أنكم إذا أوجبتم عليه الإعادة إذا قدر على الماء أو التيمم، لم يكن أمركم إياه بالصلاة معنى

(2)

.

الوجه الثاني: أن القياس على إعادة صلاة من صلى محدثًا لا يصح؛ لأنه قياس مع الفارق؛ لأن من صلى محدثًا ناسيًا حدثه لم يكن مأمورًا بتلك الصلاة، وإنما أمره الله أن يصلي بالطهارة، فإذا صلى بغير طهارة كان عليه الإعادة، بخلاف العاجز عن الطهارة فإنه فعل كما أمر وبما قدر عليه، فلم تلزمه الإعادة

(3)

.

أدلة القول الثالث:

استدل القائلون بأن فاقد الطهورين يصلي ولا يعيد، بما يلي:

أولاً: من الكتاب:

قوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286].

قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16].

(1)

المجموع (2/ 225)، المبدع (1/ 174).

(2)

أحكام القرآن للجصاص (2/ 19)، التمهيد (19/ 278).

(3)

مجموع فتاوى ابن تيمية (21/ 448).

ص: 674

ثانيًا: من السنة:

حديث أبي هريرة رضي الله عنه السابق وفيه: «

وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم»

(1)

.

وجه الدلالة:

هذه النصوص تدل على أنه لا يكلف المرء في العبادة إلا ما استطاعه، وأن ما لم يستطعه لا يكلف به

(2)

، وفاقد الطهورين لا يستطيع الصلاة إلا بتلك الحال، فوجب عليه ذلك.

حديث عائشة رضي الله عنها السابق وفيه: «

فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء، فصلوا، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله آية التيمم»

(3)

.

وجه الدلالة:

أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرهم بإعادة ما صلوه مع الحدث، بل ولا أنكر صنيعهم، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز

(4)

.

المناقشة:

نوقش بأن الإعادة لا تجب على الفور، فلم يتأخر البيان عن وقت الحاجة

(5)

.

(1)

تقدم تخريجه (ص 97).

(2)

المحلى (1/ 88).

(3)

تقدم تخريجه (ص 520).

(4)

الذخيرة (1/ 351)، المبدع (1/ 174)، فتح الباري (1/ 524).

(5)

المجموع (2/ 226)، فتح الباري (1/ 524، 525).

ص: 675

الجواب من وجهين:

الوجه الأول: أن هذا التعقيب ليس بجيد، والصواب وجوب الإعادة على الفور عند وجود مقتضيها، فلما لم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة دل على عدم وجوبها

(1)

.

الوجه الثاني: أنه على التسليم بصحة ما قالوه، فإنه لابد من دليل آخر يدل على وجوب الإعادة، فالإعادة إنما تجب بأمر جديد، ولم يثبت الأمر، والأصل عدمه، فلا تجب الإعادة

(2)

.

ثالثًا: من المعقول:

أن الطهارة شرط للصلاة فلا تؤخر لفقدان هذا الشرط، كالسترة واستقبال القبلة

(3)

.

أن المكلف قد فعل ما أمر به باستطاعته، فلا إعادة عليه

(4)

.

أن إيجاب الإعادة يؤدي إلى إيجاب ظهرين عن يوم واحد، وذلك ممنوع

(5)

.

أدلة القول الرابع:

استدل القائلون بأن الفاقد للطهورين لا يصلي ولا يقضي، بما يلي:

(1)

هذا تعليق الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله على فتح الباري (1/ 524).

(2)

شرح صحيح مسلم (4/ 283)، فتح الباري (1/ 525).

(3)

مواهب الجليل (1/ 529)، الانتصار (1/ 417).

(4)

نهاية المحتاج (1/ 318)، المغني (1/ 328).

(5)

الإشراف (1/ 171)، المجموع (2/ 225)، مجموع فتاوى ابن تيمية (21/ 448).

ص: 676

أولاً: من السنة:

حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقبل صلاة بغير طهور»

(1)

.

وجه الدلالة:

دل الحديث على عدم قبول الصلاة التي بغير طهور، وما لا يقبل لا يشرع فعله.

المناقشة:

نوقش هذا الدليل بما نوقش به دليل السنة من أدلة القول الأول.

ثانيًا: من المعقول:

أن هذا محدث لا يقدر على رفع حدثه ولا استباحة الصلاة، فلم تجب عليه صلاة ولا قضاء كالحائض

(2)

.

المناقشة:

نوقش بأنه قياس لا يصح، وذلك للأمور التالية

(3)

:

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» ، وهذا يستطيع الصلاة.

(1)

تقدم تخريجه (ص 186).

(2)

الإشراف (1/ 170، 171)، الشرح الصغير (1/ 201).

(3)

المغني (1/ 329).

ص: 677

قياس الطهارة على سائر شرائط الصلاة أولى من قياسها على الحائض؛ لأن الحيض أمر معتاد يتكرر عادة، والعجز هاهنا عذر غير معتاد فلا يصح قياسه على الحيض.

أن هذا عذر نادر فلم يُسقط الفرض، كنسيان الصلاة، وفقد سائر الشروط.

الترجيح:

الراجح ـ والله أعلم ـ هو القول الثالث القائل بأن فاقد الطهورين يصلي في الحال، وليس عليه إعادة، وذلك لما يلي:

لقوة أدلتهم، وسلامتها من المعارضة، في مقابل ضعف أدلة المخالفين بما حصل من مناقشة.

أن الصحابة رضي الله عنهم قد صلوا بلا وضوء عند فقدهم الماء، والوضوء هو الأصل، فإذا جاز أن يصلي المكلف على حاله بلا وضوء عند فقدان الماء وهو الأصل، فلأن يجوز أن يصلي المكلف عند فقدان الماء والتراب الذي هو بدل عن الأصل من باب أولى.

أن هذا القول هو الموافق لسماحة الشريعة الإسلامية ويسرها، وحرصها على رفع الحرج عن المكلف.

ص: 678