المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفرع الأولإذا نوى بتيممه فريضة، فهل يصلي به أكثر من فريضة - أحكام التيمم دراسة فقهية مقارنة

[رائد بن حمدان الحازمي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌أـ أهمية الموضوع وأسباب اختياره:

- ‌ب ـ الدراسات السابقة:

- ‌ج ـ خطة البحث:

- ‌د ـ منهج البحث:

- ‌التمهيدفي التيممالتعريف، والمشروعية، والاختصاص

- ‌المبحث الأولتعريف التيمم في اللغة والاصطلاح

- ‌أولاً: تعريف التيمم في اللغة:

- ‌ثانيًا: تعريف التيمم في الاصطلاح:

- ‌المبحث الثانيمشروعية التيمم

- ‌المطلب الأولأدلة مشروعية التيمم

- ‌أولاً: من الكتاب:

- ‌ثانيًا: من السنة:

- ‌ثالثًا: الإجماع:

- ‌المطلب الثانيسبب مشروعية التيمم

- ‌المطلب الثالثالحكمة من مشروعية التيمم

- ‌المبحث الثالثاختصاص الأمة بالتيمم

- ‌الباب الأولالأسباب الموجبة للتيمم

- ‌الفصل الأولفقد الماء

- ‌المبحث الأولطلب الماء قبل التيمم

- ‌المطلب الأولحكم الطلب

- ‌الحالة الأولى:

- ‌أولاً: من الكتاب:

- ‌ثانيًا: من المعقول:

- ‌الحالة الثانية:

- ‌الحالة الثالثة:

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌أدلة القول الأول:

- ‌أولاً: من الكتاب:

- ‌ثانيًا: من السنة:

- ‌ثالثًا: من المعقول:

- ‌أدلة القول الثاني:

- ‌أولاً: من الكتاب:

- ‌ثانيًا: من السنة:

- ‌ثالثًا: من المعقول:

- ‌المطلب الثانيوقت الطلب

- ‌المطلب الثالثمسافة الطلب

- ‌أولاً: الحنفية

- ‌ثانيًا: المالكية

- ‌ثالثًا: الشافعية

- ‌رابعًا: الحنابلة

- ‌المطلب الرابعصفة الطلب

- ‌المطلب الخامستكرار الطلب

- ‌المبحث الثانيشراء الماء

- ‌المطلب الأولحكم شراء الماء لمن فقده

- ‌أولاً: من الكتاب:

- ‌ثانيًا: من المعقول:

- ‌المطلب الثانيحكم الاقتراض(1)لشراء الماء

- ‌المطلب الثالثشراء الماء في الذمة

- ‌المطلب الرابعحكم قبول الماء الموهوب

- ‌الفرع الأولحكم قبول الماء الموهوب

- ‌الفرع الثانيهل يجب استيهاب الماء أو اقتراضه

- ‌المبحث الثالثنسيان الماء

- ‌المطلب الأولالتيمم لمن نسي الماءبعد أن علم به

- ‌المطلب الثانيالتيمم لمن ضل عن مكانهالذي فيه الماء

- ‌المطلب الثالثإذا قام وصلى ثم بان أنه بقربهبئر أو ماء

- ‌المطلب الرابعإذا وُضع الماء في رحلهولم يعلم به

- ‌المطلب الخامسالتيمم لمن ظن أن الماء قد نفذ

- ‌المبحث الرابعالتيمم لمن وجد ماء لا يكفيللطهارة

- ‌المطلب الأولحكم من وجد من الماءبعض ما يكفيه

- ‌المطلب الثانيكيفية استعمال الماء الذيلا يكفي للطهارة

- ‌المطلب الثالثإذا كان مع الجنب ماء يكفيللوضوء فقط

- ‌المبحث الخامسالتيمم لمن أراق الماء أو باعه أو وهبهولم يترك ما يتطهر به

- ‌المطلب الأولحكم إراقة الماء بعد دخول الوقت

- ‌المطلب الثانيالتيمم لمن باع الماء أو وهبهبعد دخول الوقت

- ‌الفرع الأولحكم بيع الماء أو هبته بعد دخول الوقت

- ‌الفرع الثانيحكم التيمم لمن باع الماء أو وهبه بعد دخول الوقت

- ‌الفصل الثانيعدم القدرة على استعمالالماء

- ‌المبحث الأولتيمم المريض

- ‌المطلب الأولتيمم المريض العادم للماء

- ‌الفرع الأولتعريف المرض لغة واصطلاحًا

- ‌أولاً: في اللغة:

- ‌ثانيًا: في الاصطلاح:

- ‌الفرع الثانيحكم تيمم المريض العادم للماء

- ‌المطلب الثانيحكم تيمم المريض الواجد للماء

- ‌المطلب الثالثضابط الخوف المبيح للتيمم

- ‌المطلب الرابعحكم تيمم المريض الذيلا يجد من يناوله الماء

- ‌المطلب الخامسمن يعتمد قوله في تقدير المرض

- ‌المبحث الثانيتيمم الجريح

- ‌المطلب الأولطهارة من كان بعض بدنه جريحًاوبعضه صحيحًا

- ‌المطلب الثانيكيفية الجمع بين التيمم والغسللمن كان بعض بدنه جريحًا

- ‌المطلب الثالثحكم تيمم من وضع على الجرح أو الكسرجبيرة أو لصوقًا

- ‌المبحث الثالثعدم القدرة على استعمال الماء

- ‌الفصل الثالثالخوف من استعمال الماء

- ‌المبحث الأولتيمم الصحيح الخائفمن العطش

- ‌المبحث الثانيتيمم الصحيح الخائف من البرد

- ‌المطلب الأولحكم تيمم الصحيح الخائفمن البرد

- ‌المطلب الثانيحكم إعادة الصلاة لمن صلىبالتيمم لخوف البرد

- ‌المبحث الثالثالتيمم لمن خاف فوات الوقتللصلوات المكتوبة

- ‌المبحث الرابعالتيمم لمن خاف فوات صلاةالعيدين(1)والجنازة(2)ونحوهما

- ‌المبحث الخامسالتيمم لمن خاف فوات الجمعة

- ‌الباب الثانيفي أحكام التيمم

- ‌الفصل الأولحكم التيمم بينالرخصة والعزيمة

- ‌المبحث الأولتعريف الرخصة والعزيمةفي اللغة والاصطلاح

- ‌المطلب الأولتعريف الرخصة في اللغةوالاصطلاح

- ‌أولاً: في اللغة:

- ‌ثانيًا: في الاصطلاح:

- ‌المطلب الثانيتعريف العزيمة في اللغة والاصطلاح

- ‌أولاً: في اللغة:

- ‌ثانيًا: في الاصطلاح:

- ‌المبحث الثانيحكم التيمم بين الرخصة والعزيمة

- ‌الفصل الثانيبدلية التيمم عن الماء

- ‌المبحث الأولنوع بدلية التيمم

- ‌المبحث الثانيما يترتب على الخلاف فينوع بدلية التيمم

- ‌المطلب الأولوقت التيمم

- ‌الفرع الأولوقت التيمم للصلاة المؤقتة بوقت

- ‌الفرع الثانيوقت التيمم للصلاة التي غير مؤقتة بوقت

- ‌الفرع الثالثالوقت المستحب للتيمم

- ‌المطلب الثانيحكم الوطء لعادم الماء

- ‌المطلب الثالثحكم إمامة المتيمم للمتوضئ

- ‌المطلب الرابعحكم المسح على الخفين(1)لمن لبسهعلى طهارة التيمم

- ‌المطلب الخامسحكم التيمم إذا وجد الماء بعد التيمم وقبل الصلاة

- ‌الفصل الثالثحكم التيمم للطهارةعن الحدث

- ‌المبحث الأولحكم التيمم عن الحدث الأصغر

- ‌المبحث الثانيحكم التيمم عن الحدث الأكبر

- ‌الفصل الرابعحكم التيمم للنجاسة

- ‌المبحث الأولالتيمم للنجاسة في الثوب والبدن

- ‌المطلب الأولحكم التيمم للنجاسة فيالثوب والبدن

- ‌المطلب الثانيما يترتب على القول بجواز التيمملنجاسة البدن

- ‌الفرع الأولتعدد محل النجاسة على البدن مع عدم الماء

- ‌الفرع الثانيإذا اجتمع على الشخص حدث ونجاسةفهل يكفيه تيمم واحد لهما أم لا

- ‌المبحث الثانيحكم من اجتمع عليه نجاسة وحدثومعه ماء يكفي أحدهما

- ‌الفصل الخامسالتيمم في السفر والحضر

- ‌المبحث الأولالتيمم في السفر

- ‌المطلب الأولحكم التيمم في السفر

- ‌المطلب الثانيتيمم العاصي بسفره

- ‌المبحث الثانيحكم التيمم في الحضر

- ‌الباب الثالثشروط التيمم

- ‌الشرط الأولالنية

- ‌المبحث الأولحكم النية في التيمم

- ‌المطلب الأولحكم اشتراط النية في التيمم

- ‌المطلب الثانيحكم التيمم بنية تعليم الغير

- ‌المبحث الثانيحكم التيمم بنية رفع الحدث

- ‌المبحث الثالثما ينويه بالتيمم

- ‌المبحث الرابعإذا نوى بتيممه فرض التيمم

- ‌المبحث الخامسما يستباح بالتيمم

- ‌المطلب الأولما يباح له بتيممه إذا نوى به الفريضة

- ‌الفرع الأولإذا نوى بتيممه فريضة، فهل يصلي به أكثر من فريضة

- ‌الفرع الثانيإذا نوى بتيممه فريضة، فهل يصلي به نافلة

- ‌المطلب الثانيما يباح له بتيممه إذا نوى بهنافلة أو صلاة مطلقة

- ‌الفرع الأولحكم التيمم للنافلة ونحوها مما يتطهر له

- ‌الفرع الثانيإذا نوى التيمم للنافلة فهل يصلي به نوافل أخرى

- ‌الفرع الثالثإذا نوى التيمم لنافلة فهل يصلي به فريضة

- ‌الفرع الرابعإذا نوى بتيممه صلاة مطلقة

- ‌المطلب الثالثمراتب النية

- ‌المبحث السادسحكم الجمع بين الصلاتين للمتيمم

- ‌المبحث السابعحكم اشتراط النية في الحدثالأصغر أو الأكبر

- ‌المطلب الأولحكم تعيين نية ما يتيمم عنهمن حدث أصغر أو أكبر

- ‌المطلب الثانياجتماع الأحداث وأثره في تداخلهاعند النسيان

- ‌المطلب الثالثإذا نوى الحدثين بتيمم واحد

- ‌الفرع الأولإذا نوى الحدثين بتيمم واحد أو أحد أسباب أحدهما

- ‌الفرع الثانيإذا نوى الحدثين بتيمم واحد أو نوى الأكبرثم أحدث حدثاً أصغر

- ‌الشرط الثانيالإسلام

- ‌الشرط الثالثالتكليف

- ‌الشرط الرابعانقطاع دم الحيض والنفاس

- ‌الشرط الخامسإزالة ما يمنع مسح أعضاء التيمم

- ‌الشرط السادسطلب الماء وإعوازه بعد الطلب

- ‌الشرط السابعدخول الوقت

- ‌الشرط الثامنالتيمم بالصعيد

- ‌المبحث الأولحكم التيمم بكل ما هو من جنس الأرض

- ‌المطلب الأولالتيمم بغير التراب

- ‌المطلب الثانيحكم إيصال التراب إلى أعضاء التيمم

- ‌المبحث الثانيالتيمم على الخشب والزرع والحشيش

- ‌المبحث الثالثالتيمم على الثلج

- ‌المبحث الرابعالتيمم بالتراب المختلط بغيره

- ‌المبحث الخامسحكم التيمم بالطين المحترق

- ‌المبحث السادسالتيمم بالأرض النجسة

- ‌المطلب الأولحكم التيمم بالأرض النجسة

- ‌المطلب الثانيحكم التيمم بالأرض التي أصابتها نجاسةفزال أثرها بالشمس أوالريح

- ‌المطلب الثالثالتيمم بتراب المقبرة

- ‌المبحث السابعحكم التيمم بالتراب المستعمل

- ‌المبحث الثامنحكم التيمم بالتراب المغصوب

- ‌الباب الرابعفروض التيمم

- ‌الفرض الأولمسح الوجه واليدين مع الاستيعاب

- ‌المبحث الأولتحديد أعضاء التيمم

- ‌المبحث الثانيتحديد مسح اليدين

- ‌المبحث الثالثتحديد القدر الواجب من الضربفي التيمم

- ‌المبحث الرابعحكم استيعاب المسح للوجه واليدين

- ‌المبحث الخامسحكم إيصال التراب إلى ما تحتالشعر الخفيف

- ‌المبحث السادسصفة مسح الوجه واليدين

- ‌المبحث السابعحكم التيمم من غير ضرب

- ‌المطلب الأولحكم ضرب الأرض باليد

- ‌المطلب الثانيحكم من وصل التراب إلى وجههويديه من غير ضرب

- ‌المطلب الثالثحكم التمعك في التراب بنية التيمم

- ‌المبحث الثامنحكم تيمم مقطوع اليد أو بعضها

- ‌المبحث التاسعحكم مسح الوجه بيد واحدةأو ببعض أصابعه

- ‌الفرض الثانيالترتيب

- ‌الفرض الثالثالموالاة

- ‌المبحث الأولحكم الموالاة بين أعضاء التيمم

- ‌المبحث الثانيحكم الموالاة بين التيمم والصلاة

- ‌الباب الخامسسنن التيمم ومكروهاته

- ‌الفصل الأولسنن التيمم

- ‌المبحث الأولالتسمية

- ‌المبحث الثانيتقديم اليد اليمنى على اليسرى

- ‌المبحث الثالثاستقبال القبلة

- ‌المبحث الرابعتخفيف التراب المأخوذ بنفض أو نفخ

- ‌المبحث الخامستفريج الأصابع

- ‌المبحث السادستخليل(1)الأصابع

- ‌المبحث السابعسنن أخرى تستحب في التيمم

- ‌الفصل الثانيمكروهات التيمم

- ‌المبحث الأولتجديد التيمم

- ‌المبحث الثانيتكرار المسح

- ‌الباب السادسمبطلات التيمم وفاقد الطهورين

- ‌الفصل الأولمبطلات التيمم

- ‌المبحث الأولمبطلات الوضوء

- ‌المبحث الثانيوجود الماء

- ‌المطلب الأولوجود الماء قبل الصلاة

- ‌المطلب الثانيوجود الماء أثناء الصلاة

- ‌المطلب الثالثوجود الماء بعد الصلاة

- ‌المبحث الثالثخروج وقت الصلاة

- ‌المبحث الرابعزوال العذر المبيح للتيمم

- ‌المبحث الخامسالردة عن الإسلام

- ‌المبحث السادسالفصل الطويل بين التيمم والصلاة

- ‌المبحث السابعخلع ما يجوز المسح عليه

- ‌الفصل الثانيفاقد الطهورين

- ‌المبحث الأولحكم صلاة فاقد الطهورين

- ‌المبحث الثانيصفة صلاة فاقد الطهورين

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر

- ‌أولاً: كتب التفسير:

- ‌ثانياً: كتب الحديث وعلومه:

- ‌ثالثًا: كتب أصول الفقه:

- ‌رابعاً: كتب الفقه:

- ‌أـ كتب الفقه الحنفي:

- ‌ب ـ كتب الفقه المالكي:

- ‌جـ ـ كتب الفقه الشافعي:

- ‌د ـ كتب الفقه الحنبلي:

- ‌هـ ـ كتب الفقه الظاهري:

- ‌خامسًا: كتب اللغة والمعاجم والمصطلحات:

- ‌سادسًا: كتب التاريخ والتراجم:

- ‌سابعًا: كتب ورسائل متنوعة:

الفصل: ‌الفرع الأولإذا نوى بتيممه فريضة، فهل يصلي به أكثر من فريضة

‌المطلب الأول

ما يباح له بتيممه إذا نوى به الفريضة

وفيه فرعان:

‌الفرع الأول

إذا نوى بتيممه فريضة، فهل يصلي به أكثر من فريضة

؟

إذا نوى المكلف بتيممه فريضة، ثم بعد أن صلى الفريضة أراد بهذا التيمم صلاة فريضة أخرى، فهل يجوز له الصلاة بالتيمم السابق، أم لا يجوز له الصلاة بهذا التيمم أكثر من فريضة؟

للفقهاء في هذه المسألة قولان:

القول الأول: أنه يجوز أن يصلي بالتيمم الواحد ما شاء من الفرائض والنوافل ما لم يجد الماء أو يحدث، وهو قول الحنفية، والمزني من الشافعية، ورواية عند الحنابلة، اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية

(1)

.

القول الثاني: أنه لا يجوز أن يصلي بالتيمم الواحد أكثر من فريضة، وهو قول المالكية، والشافعية، ورواية عند الحنابلة

(2)

.

(1)

بدائع الصنائع (1/ 344)، شرح فتح القدير (1/ 137)، المجموع (2/ 235)، المحرر (1/ 22)، مجموع فتاوى ابن تيمية (21/ 352).

(2)

المدونة (1/ 48)، التفريع (1/ 203)، الأم (2/ 99، 100)، المجموع (2/ 235)، المحرر (1/ 22)، الإنصاف (1/ 277).

ص: 409

القول الثالث: أنه يجوز أن يصلي بالتيمم الواحد ما شاء من الفرائض والنوافل ما لم يخرج وقت الصلاة، وهو قول الحنابلة

(1)

.

سبب الخلاف:

يرجع سبب الخلاف في هذه المسألة إلى الأمور التالية:

1 ـ اختلافهم في التيمم هل هو رافع للحدث أو مبيح للصلاة؟ فمن رأى بأن التيمم رافع للحدث أجاز أن يصلي بالتيمم الواحد ما شاء من الفروض والنوافل، ومن رأى بأن التيمم مبيح للصلاة قال بعدم الجواز أن يصلي بالتيمم الواحد أكثر من فريضة، أو قال بجواز ذلك ما لم يخرج وقت الصلاة.

2 ـ اختلافهم في وجوب تكرار طلب الماء لكل صلاة، فمن أوجب ذلك قال بعدم جواز أن يصلي بالتيمم الواحد أكثر من فريضة، أو قال بجواز ذلك ما لم يخرج وقت الصلاة، ومن لم يوجب الطلب لكل صلاة قال بجواز أن يصلي بالتيمم الواحد ما شاء من الفرائض ما لم يجد الماء أو يحدث

(2)

.

3 ـ اختلافهم في اشتراط دخول وقت الصلاة لصحة التيمم، فمن اشترط ذلك قال بعدم جواز أن يصلي بالتيمم الواحد أكثر من فريضة، أو قال بجواز ذلك ما لم يخرج وقت الصلاة، ومن لم يشترط دخول الوقت لصحة التيمم قال بجواز أن يصلي بتيممه ما شاء من الفرائض والنوافل ما لم يجد الماء أو يحدث

(3)

.

(1)

الكافي لابن قدامة (1/ 99)، الإنصاف (1/ 277، 278).

(2)

انظر: شرح التلقين (1/ 293)، الأم (1/ 100).

(3)

انظر: الذخيرة (1/ 359).

ص: 410

أدلة القول الأول:

استدل القائلون بجواز أن يصلي بالتيمم الواحد ما شاء من الفروض والنوافل بما يلي:

أولاً: من الكتاب:

قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43، المائدة: 6].

وجه الدلالة:

أن الله سبحانه وتعالى اشترط للتيمم عدم وجود الماء فقط، فدل هذا على جواز الصلاة بالتيمم الواحد ما شاء من الفرائض ما لم يحدث أو يجد الماء

(1)

.

ثانيًا: من السنة:

1 ـ حديث أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الصعيد الطيب وضوء المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين»

(2)

.

وجه الدلالة:

أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل التيمم طهارة ممتدة إلى وجود الماء، فكان في حالة العدم كالوضوء، من غير أن يوقت ذلك بفعل الصلاة، فيكون التراب في ذلك حكم الماء

(3)

.

(1)

مجمع الأنهر (1/ 41).

(2)

تقدم تخريجه (ص 25).

(3)

أحكام القرآن للجصاص (4/ 21)، رؤوس المسائل (ص 117).

ص: 411

المناقشة:

نوقش بأن ظاهره غير مراد، وأنه يجب أن يحمل على ابتداء التيمم دون استدامته

(1)

، فيستبيح الإنسان بالتيمم صلاة بعد صلاة بتيممات، وإن استمر ذلك عشر سنين إلى أن يجد الماء

(2)

.

الجواب:

يمكن أن يجاب بأن المعنى المبيح للصلاة ابتداء هو عدم الماء، وهو لا زال قائمًا بعد فعل الصلاة، فينبغي أن يبقى تيممه، إذ إنه لا فرق بين الابتداء والبقاء إذا كان المعنى فيهما واحدًا وهو عدم الماء

(3)

.

2 ـ حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «

وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا»

(4)

.

وجه الدلالة:

أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل التراب طهورًا للمسلم، والطهور هو المطهر لغيره، فتبقى طهارته إلى وجود الماء أو ناقض آخر

(5)

.

(1)

الحاوي (2/ 1036).

(2)

المجموع (2/ 235).

(3)

أحكام القرآن للجصاص (4/ 21، 22).

(4)

تقدم تخريجه (ص 38).

(5)

بدائع الصنائع (1/ 344)، تبيين الحقائق (1/ 130).

ص: 412

ثالثًا: من المعقول:

1 ـ أن التيمم طهارة صحيحة، فلا تنتقض إلا بوجود الماء أو الحدث كالوضوء

(1)

.

المناقشة:

نوقش بأن الوضوء طهارة رفاهية يرفع الحدث، والتيمم طهارة ضرورة فقصرت على الضرورة

(2)

.

الجواب:

يمكن أن يجاب بأن الشارع أمر بالتيمم عند عدم الماء أو عند عدم القدرة على استعماله فجعله طهورًا ولم يقيده، والضرورة قائمة ما لم يجد الماء.

2 ـ أنه يجوز فعل أكثر من فريضة بتيمم واحد قياسًا على مسح الخفين؛ لأن كل واحد منهما بدل

(3)

.

المناقشة:

نوقش بأن المسح على الخفين طهارة قوية ترفع الحدث، بخلاف التيمم، كما أن المسح على الخفين تخفيف؛ إذ يجوز المسح مع القدرة على غسل الرجلين، بخلاف التيمم فإنه طهارة ضرورة، فقصر على الضرورة

(4)

.

(1)

رؤوس المسائل (ص 117)، البناية (1/ 556).

(2)

الحاوي (2/ 1037)، المجموع (2/ 235).

(3)

أحكام القرآن للجصاص (4/ 22)، التجريد (1/ 225).

(4)

المجموع (2/ 235).

ص: 413

الجواب:

يمكن أن يجاب بأن التيمم كذلك طهارة قوية وتخفيف، بل التيمم أقوى؛ لأن المسح مؤقت بمدة قليلة، والشارع جوز التيمم ولو إلى عشر حجج ما لم يجد الماء، وأما القول بأنه ضرورة، فالضرورة عدم الماء، وقد حصل

(1)

.

34 ـ أنه بالفراغ من المكتوبة لم تنتقض طهارته؛ حيث جاز له أداء النافلة، وإذا جاز له أن يؤدي النافلة فإنه يجوز له أن يؤدي الفرض؛ لأن الشرط أن يقوم إليه طاهرًا، وقد وجد

(2)

.

المناقشة:

نوقش من وجهين

(3)

.

الوجه الأول: أن النوافل تكثر وتلحق المشقة الشديدة بالإنسان في إعادة التيمم لها، فخفف أمرها لذلك، بخلاف الفرائض.

الجواب:

أجيب بأنهما وإن افترقا في هذا الوجه المذكور، فإنهما لا يختلفان في اشتراط الطهارة لكل واحد منهما، فإذا جاز له النفل بالتيمم الذي أدى به الفرض، وجب أن يحوز فعل فرض آخر به، إذ إنه لا فرق في حكم الطهارة بين النفل والفرض في الأصول

(4)

.

(1)

انظر: التجريد (1/ 228)، البحر الرائق (1/ 273).

(2)

المبسوط (1/ 113).

(3)

الحاوي (2/ 1037)، المجموع (2/ 235).

(4)

أحكام القرآن للجصاص (4/ 22).

ص: 414

الوجه الثاني: أن النوافل تبع للفرائض، ومعلوم أنه يجوز في التابع ما لا يجوز في المتبوع.

الجواب:

أجيب بأن صلاة الجنازة وسجدة التلاوة ليسا بتبع للفرض ويجوز عندكم، فدل ذلك على أنه لا خلاف بين الفرض والنفل في باب الطهارة

(1)

.

35 ـ أن الحدث الواحد لا يجب له طهران

(2)

.

المناقشة:

نوقش بأن الطهارة هنا ليست للحدث بل لإباحة الصلاة، فالتيمم الأول أباح الصلاة الأولى، والثاني أباح الثانية

(3)

.

الجواب:

يمكن أن يجاب عليه بأن ذلك هو عين النزاع، ولا يصلح الاستدلال بمحل النزاع.

أدلة القول الثاني:

استدل القائلون بعدم جواز الصلاة بالتيمم الواحد أكثر من فرض، بما يلي:

أولاً: من الكتاب:

قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} إلى قوله: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: 6].

(1)

التجريد (1/ 226).

(2)

الحاوي (2/ 1035)، المجموع (2/ 235).

(3)

المجموع (2/ 235).

ص: 415

وجه الدلالة:

أن الله سبحانه وتعالى أوجب الطهارة عند القيام لكل صلاة، وقد خرج الوضوء بالدليل، فبقي التيمم على مقتضاه، لذا فإنه لا يجوز أن يصلي بالتيمم الواحد أكثر من فريضة

(1)

.

المناقشة:

نوقش من وجهين:

الوجه الأول: أن قوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ} لا يقتضي التكرار في اللغة، فإذا لم يقتض ذلك في الوضوء، فلا يقتضيه كذلك في التيمم

(2)

.

الوجه الثاني: أن الآية لا توجب شيئًا مما ذُكر، ولو أوجبت ذلك لأوجبت غسل الجنابة على كل قائم إلى الصلاة أبدًا، وإنما حكم الآية في إيجاب الله تعالى الوضوء والتيمم، والغسل إنما هو على المجنبين والمحدثين فقط، يدل على هذا قرينة متصلة بالآية وهي {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: 6]، ولا يختلف اثنان في أن هاهنا حذف دل عليه

(1)

البيان والتحصيل (1/ 203)، المجموع (2/ 235)، وانظر: تخريج الفروع على الأصول للزنجاني (ص 79)، ط: مكتبة العبيكان 1420 هـ.

(2)

أحكام القرآن للجصاص (4/ 22).

ص: 416

العطف فيكون معنى الآية: وإن كنتم مرضى أو على سفر فأحدثتم، أو جاء أحد منكم من الغائط فبطل ما قالوا به

(1)

.

ثانيًا: من الآثار:

1 ـ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «من السنة أن لا يصلي الرجل بالتيمم إلا صلاة واحدة، ثم يتيمم للصلاة الأخرى» .

وجه الدلالة:

أن هذا الأثر له حكم الرفع؛ لأن السنة في كلام الصحابي تنصرف إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي هذا دليل على عدم جواز الصلاة بالتيمم الواحد أكثر من فريضة

(2)

.

2 ـ عن علي رضي الله عنه قال: «يتيمم لكل صلاة» .

3 ـ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «يتيمم لكل صلاة وإن لم يحدث» .

4 ـ عن عمرو بن العاص أنه كان يحدث لكل صلاة تيممًا»

(3)

.

المناقشة:

تقدم مناقشة هذه الآثار

(4)

، فلا داعي للتكرار.

(1)

المحلى (1/ 84).

(2)

العزيز (1/ 251)، نهاية المحتاج (1/ 311)، شرح العمدة (1/ 443).

(3)

تقدم تخريج هذه الآثار (ص 214، 215).

(4)

انظر (ص 214، 215).

ص: 417

ثالثًا: من المعقول:

1 ـ أن طهارة التيمم طهارة ضرورة فبطلت بخروج الوقت، كطهارة المستحاضة

(1)

.

المناقشة:

تقدم مناقشة هذا الدليل

(2)

، فلا داعي للتكرار.

2 ـ أن طهارة التيمم طهارة ضرورة فلا يباح بها إلا قدر الضرورة

(3)

.

المناقشة:

نوقش بأن الضرورة عدم الماء، وقد حصل

(4)

.

أدلة القول الثالث:

استدل القائلون بجواز الصلاة بالتيمم الواحد ما شاء من الفرائض ما لم يخرج وقت الصلاة، بما يلي:

1 ـ أن طهارة التيمم طهارة صحيحة، أباحت فرضًا، فأباحت فرضين، كطهارة الماء

(5)

.

المناقشة:

تقدم مناقشة هذا الدليل والجواب على هذه المناقشة

(6)

.

(1)

الإشراف (1/ 166)، المجموع (2/ 235)، المغني (1/ 341).

(2)

انظر (ص 216).

(3)

المجموع (2/ 235).

(4)

التجريد (1/ 228).

(5)

المغني (1/ 342)، المبدع (1/ 179).

(6)

انظر (ص 315).

ص: 418

2 ـ أن الطهارة في الأصول تتقيد بالوقت دون الفعل كطهارة الماسح على الخفين

(1)

.

المناقشة:

يمكن مناقشته بأن القياس على الماسح على الخفين قياس مع الفارق؛ لأن طهارة الماسح على الخفين مقدره بالوقت شرعًا، بخلاف التيمم فلم يرد في الشرع ما يدل على أنه مقدر بوقت.

3 ـ أن كل تيمم أباح صلاة، أباح ما هو من نوعها بدليل صلوات النوافل

(2)

.

المناقشة:

تقدم مناقشة هذا الدليل والجواب على هذه المناقشة

(3)

.

الترجيح:

الراجح ـ والله أعلم ـ هو القول الأول القائل بجواز أن يصلي بالتيمم الواحد ما شاء من الفرائض والنوافل ما لم يجد لماء أو يحدث، وذلك لما يلي:

1 ـ لقوة أدلتهم، وإفادتها المراد، وسلامتها من الاعتراضات القادحة.

2 ـ ضعف أدلة القول المخالف بما حصل من مناقشة.

(1)

المغني (1/ 342).

(2)

المصدر السابق.

(3)

انظر (ص 316، 317).

ص: 419

3 ـ صراحة دلالة السنة الصحيحة الثابتة على أن الصعيد الطاهر وضوء المسلم عند فقد الماء، فيأخذ التيمم حكم الماء.

4 ـ أنه لم يصح حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في أنه يتيمم لكل صلاة، ولا في الأمر به، وإنما دلت الأحاديث على أن التيمم يقوم مقام الوضوء، وهذا يقتضي عدم الفرق بينهما في الحكم، اللهم إلا فيما اقتضى الدليل خلافه

(1)

.

5 ـ أن الطهارة إذا كملت وجاز أن يصلي المرء ما شاء من النوافل، فكذلك له أن يصلي بها ما شاء من المكتوبة، إذ ليس بين طهارته للمكتوبة وطهارته للنافلة فرق في شيء من أبواب الصلاة

(2)

.

6 ـ أن الحكمة من مشروعية التيمم هي التخفيف والتيسير على المكلف، وفي الأمر بالتيمم لكل صلاة ما يخالف هذه الحكمة.

(1)

زاد المعاد (1/ 220، 221).

(2)

الأوسط (2/ 58، 59).

ص: 420