الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول
حكم الموالاة بين أعضاء التيمم
اتفق الفقهاء على مشروعية الموالاة بين أعضاء التيمم، واختلفوا في فرضيته، هل هو من فروض التيمم أم من سننه؟ وذلك على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن الموالاة سنة في التيمم مطلقًا، سواء أكان عن حدث أصغر أو أكبر، وهو قول الحنفية، والشافعية، وقول عند الحنابلة
(1)
.
القول الثاني: أن الموالاة فرض في التيمم مطلقًا، سواء أكان عن حدث أصغر أو أكبر، وهو قول المالكية
(2)
.
القول الثالث: أن الموالاة فرض في التيمم عن الحدث الأصغر دون الأكبر، وهو قول الحنابلة
(3)
.
دليل القول الأول:
استدلوا بالقياس على الطهارة بالماء، فكما لا تلزم الموالاة في الوضوء والغسل فكذلك لا تلزم في البدل وهو التيمم
(4)
.
(1)
المبسوط (1/ 121)، البحر الرائق (1/ 255)، المجموع (2/ 186)، تحفة المحتاج (1/ 597)، الفروع (1/ 299)، الإنصاف (1/ 274).
(2)
المدونة (1/ 44)، الشرح الكبير (1/ 250).
(3)
الفروع (1/ 299)، الإنصاف (1/ 274).
(4)
المبسوط (1/ 121)، منهاج الطالبين (1/ 127).
المناقشة:
يمكن مناقشته بأن المقيس عليه محل خلاف، فبطل القياس
(1)
.
دليل القول الثاني:
استدلوا بالقياس على الطهارة بالماء، فكما تلزم الموالاة في الوضوء والغسل فكذلك في بدله
(2)
.
المناقشة:
يمكن مناقشته بما نوقش به دليل القول الأول.
دليل القول الثالث:
استدلوا بالقياس على الطهارة بالماء، فكما تلزم الموالاة في الوضوء دون الغسل فكذلك في بدله
(3)
.
المناقشة:
يمكن مناقشته بما نوقش به دليل القول الأول.
الترجيح:
الراجح ـ والله أعلم ـ هو القول الثالث القائل بأن الموالاة فرض في الحدث الأصغر دون الأكبر، وذلك لما يلي:
(1)
تقدم بيان مذاهب العلماء في حكم الموالاة بين أفعال الوضوء والغسل (ص 56) هامش رقم (3) و (4).
(2)
عقد الجواهر الثمينة (1/ 62)، الذخيرة (1/ 356).
(3)
المبدع (1/ 177)، كشاف القناع (1/ 413).
أن القول بوجوب الموالاة في الغسل يحتاج إلى دليل شرعي، وليس هناك أي دليل شرعي يدل على وجوب الموالاة في الغسل، بل المأمور به في الغسل هو غسل البدن، فكيفما غسل فقد قام بما أوجب الله عليه، وإذا لم تجب الموالاة في الغسل فكذلك لا تجب في بدله، بخلاف الوضوء عن الحدث الأصغر فقد ورد في الحديث الصحيح ما يدل على وجوب الموالاة في الوضوء، كما في حديث جابر رضي الله عنه قال: أخبرني عمر بن الخطاب أن رجلاً توضأ فترك موضع ظفر على قدمه فأبصره النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «ارجع فأحسن وضوءك» ، فرجع ثم صلى
(1)
.
قال القاضي عياض
(2)
: «في هذا الحديث دليل على وجوب الموالاة في الوضوء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «أحسن وضوءك» ولم يقل: اغسل ذلك الموضع الذي تركته»
(3)
.
وإذا وجبت الموالاة في الوضوء فإن التيمم بدل عنه، والبدل يأخذ حكم المبدل.
(1)
أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب استيعاب جميع أجزاء محل الطهارة [صحيح مسلم (1/ 215) حديث (243)].
(2)
هو: القاضي أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض بن عمرو اليحصبي، ولد في مدينة سبتة عام (476 هـ)، كان إمام وقته في الحديث وعلومه والنحو واللغة وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم، له مصنفات منها: الإكمال في شرح كتاب مسلم، ومشارق الأنوار وغيرهما، توفي بمراكش سنة (544 هـ).
انظر: وفيات الأعيان (3/ 483 ـ 485)، الديباج المذهب (ص 168 ـ 171).
(3)
إكمال المعلم (2/ 40)، وانظر: المفهم (1/ 498).