الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الثاني
إذا نوى بتيممه فريضة، فهل يصلي به نافلة
؟
للفقهاء في هذه المسألة قولان
(1)
:
القول الأول: أنه يجوز له التنفل بتيمم الفرض مطلقًا بعد الفريضة وقبلها، متصلاً بها أو متراخيًا عنها، وهو قول الحنفية، والأصح عند الشافعية، وقول الحنابلة.
القول الثاني: أنه يجوز له التنفل بتيمم الفرض بشرطين وهما: أن تكون النافلة متأخرة عن الفرض، وأن تكون متصلة به، وهو قول المالكية، وقول للشافعية في اشتراط تأخير النفل عن الفرض، ورواية عند الحنابلة أنه لا يتنفل قبل الفريضة بغير الراتبة.
أدلة القول الأول:
عللوا ما ذهبوا إليه بما يلي:
1 ـ أن النفل تابع للفرض، فإذا استباح المتبوع استباح التابع
(2)
، كما إذا اعتق الأم يعتق الحمل
(3)
.
(1)
بدائع الصنائع (1/ 344)، الهداية (1/ 29)، التفريع (1/ 203)، مواهب الجليل (1/ 496 ـ 499)، الأم (1/ 100)، العزيز (1/ 238)، الكافي لابن قدامة (1/ 96)، الإنصاف (1/ 278).
(2)
شرح التلقين (1/ 295)، المغني (1/ 330).
(3)
نهاية المحتاج (1/ 299).
2 ـ أن كل طهارة جاز أن يتنفل بها بعد الفريضة جاز قبلها كالوضوء
(1)
.
3 ـ أن طهارة التيمم يستباح بها الصلاة، فجاز أن يتقدم النفل على الفرض فيها كالماء
(2)
.
أدلة القول الثاني:
عللوا ما ذهبوا إليه بما يلي:
أما اشتراط تأخر النفل فهو أن النفل تابع للفرض، فإذا قدم النفل خرج عن أن يكون تابعًا، وصار الفرض هو التابع فلم يجزئه
(3)
.
المناقشة:
نوقش بأن النفل تبع في الاستباحة لا في الفعل، كالسنن الراتبة، وقراءة القرآن وغيرهما
(4)
.
وأما دليلهم على اشتراط الاتصال فيوضحه ابن رشد في قوله: «
…
لأن الأصل كان ألا يصلي بالتيمم إلا صلاة واحدة
…
وألا تصلى نافلة بتيمم فريضة ـ وإن اتصلت بها ـ، فإنما تصلى النافلة بتيمم الفريضة ـ إذا اتصلت بها ـ استحسانًا ومراعاة لقول من يقول: إن التيمم يرفع الحدث كالوضوء بالماء،
(1)
المهذب (1/ 136)، البيان (1/ 278).
(2)
الإشراف (1/ 163).
(3)
الإشراف (1/ 164)، البيان (1/ 278)، شرح العمدة (1/ 447).
(4)
المغني (1/ 330).
فإذا لم يتصل بها وطال الأمر بينهما، واتسع الوقت لطلب الماء ثانية للنافلة وجب أن ينتقض التيمم على الأصل، وألا يراعى في ذلك الخلاف كما روعي إذا اتصلت بها لكونها في اتصالها بها في معنى الصلاة الواحدة»
(1)
.
الترجيح:
الراجح ـ والله أعلم ـ هو القول الأول القائل بجواز التنفل بتيمم الفرض مطلقًا وبغير شروط، وذلك لقوة أدلتهم، وإفادتها المراد، وسلامتها من الاعتراضات القادحة.
ويؤيد هذا القول بأن الأدلة الشرعية اشترطت لصحة التيمم عدم وجود الماء، ولم تشترط الاتصال والتأخير، فينبغي أن يستمر حكم التيمم حتى يجد الماء، أو يحدث ما يبطله، وذلك لأن التيمم بدل عن الماء، والبدل يقدم مقام المبدل.
(1)
البيان والتحصيل (2/ 189).