الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الرابع
حكم تيمم المريض الذي
لا يجد من يناوله الماء
اتفق الفقهاء على أن المريض إذا كان مسافرًا أو حاضرًا وعجز عن استعمال الماء بنفسه ولم يجد من يناوله إياه، فإنه يجوز له أن يتيمم ويصلي
(1)
.
واستدلوا على ذلك بما يلي:
أولاً: من الكتاب:
قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ
…
} إلى قوله: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43، المائدة: 6].
وجه الدلالة:
أن المريض الذي لا يجد من يناوله الماء غير قادر على استعمال الماء
(2)
، فيباح له التيمم.
ثانيًا: من المعقول:
1 ـ أنه لا سبيل له إلى الماء فأشبه من وجد بئرًا ليس له ما يستقي منها
(3)
.
(1)
المبسوط (1/ 112)، بدائع الصنائع (1/ 320)، البحر الرائق (1/ 245، 246)، المعونة (1/ 147)، مواهب الجليل (1/ 494)، التهذيب (1/ 419)، المجموع (2/ 229)، المستوعب (1/ 275)، الفروع (1/ 275). وانظر: صحيح البخاري (1/ 128)، فتح الباري (1/ 526).
(2)
البحر الرائق (1/ 246)، البيان والتحصيل (1/ 488)، المجموع (2/ 230).
(3)
التلقين (1/ 68)، المغني (1/ 316).
2 ـ أن العجز متحقق والقدرة موهومة فوجد شرط الجواز
(1)
.
3 ـ قياسًا على من حال بينه وبين الماء سبع أو عدو
(2)
.
4 ـ قياسًا على العادم للماء
(3)
.
واختلفوا في إعادة الصلاة على قولين
(4)
:
القول الأول: أنه لا يعيد الصلاة، وهو قول جمهور الفقهاء من الحنفية، والمالكية، والحنابلة.
واستدلوا بالأدلة نفسها المتقدمة الدالة على صحة تيمم المريض الذي لا يجد من يناوله الماء.
القول الثاني: أنه يعيد الصلاة، وهو قول الشافعية.
واستدلوا على ذلك بأنه عذر نادر فلا تسقط الإعادة.
الترجيح:
الراجح ـ والله أعلم ـ هو القول الأول القائل بعدم الإعادة، وذلك لما يلي:
1 ـ لقوة أدلة هذا القول وإفادتها المراد.
2 ـ أن القول بأنه عذر نادر لا يصح؛ لأنه قول لا دليل عليه؛ إذ لا فرق بين
(1)
بدائع الصنائع (1/ 320).
(2)
المجموع (2/ 230).
(3)
المعونة (1/ 147)، كشاف القناع (1/ 389).
(4)
انظر الهامش رقم (4)(ص 136).
العذر العام والعذر الخاص، فهذا المريض قد وجد عذره وصلى على طاقته بتيمم صحيح فلا تلزمه الإعادة، إذ لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.
ثم إن فقهاء الشافعية لا يقولون بإعادة الصلاة لمن حال بينه وبين الماء سبع ونحوه، فكان يلزمهم القول بذلك في المريض الذي لا يجد من يناوله الماء؛ لأنهم قالوا بصحة تيمم المريض الذي لا يجد من يناوله الماء قياسًا على من حال بينه وبين الماء سبع بجامع أن كلاً منهما عاجز عن استعمال الماء.
3 ـ أن هذا القول يتفق مع مقاصد الإسلام في رفع الحرج والمشقة عن العباد، فإن الله عز وجل يقول:{مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} [المائدة: 6]، ولو رخص للمريض بالتيمم مع وجوب الإعادة لحصل الحرج عليه وهو منفي شرعًا.