الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني
التيمم لمن ضل عن مكانه
الذي فيه الماء
اتفق جمهور الفقهاء على أن من ضلَّ عن مكانه الذي فيه الماء، أو ضل رحله في الرحال بسبب ظلمة أو غيرها، أو ضل عن موضع بئر كان يعرفها، فتيمم بعد طلبه الماء فإن تيممه صحيح ولا إعادة عليه
(1)
(2)
، إلا وجهًا لبعض الشافعية وقولاً لبعض الحنابلة أنه لا يصح تيممه وتلزمه الإعادة قياسًا على الناسي
(3)
.
وكانت أدلة هذا الاتفاق ما يلي:
أولاً: من الكتاب:
قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43، المائدة: 18].
(1)
أحكام القرآن للجصاص (4/ 14)، مواهب الجليل (1/ 525)، حاشية الخرشي (1/ 367)، الأم (2/ 99)، مغني المحتاج (1/ 252)، الكافي لابن قدامة (1/ 100)، الإنصاف (1/ 266).
(2)
لم أجد للحنفية نصًا صريحًا في هذه المسألة، سوى ما قاله الجصاص في أحكام القرآن:«ألا ترى أن الماء لو كان في رحله ومنعه منه مانع جاز له التيمم» (1/ 14). قلت: وإضلاله مانع، ثم إن الحنفية قالوا بعدم إعادة الصلاة لمن نسي الماء في رحله وبصحة تيممه ـ كما سبق بيانه في المطلب الأول ـ فعدم إعادة الصلاة في مسألتنا هذه من باب أولى؛ لأنها أولى من حالة النسيان.
(3)
المجموع (2/ 212)، المغني (1/ 319).
وجه الدلالة:
أن الله سبحانه وتعالى أباح التيمم عند عدم الماء، وهذا غير واجد للماء فجاز له التيمم بنص الآية
(1)
.
ثانيًا: من المعقول:
1.
أنه غير مفرط فتصح صلاته
(2)
.
2.
لأنه قد يشتغل بشد متاع أو إصلاح شأن فيعرض له ذلك كثيرًا
(3)
.
3.
ولأنه تيمم وهو مع الذكر للماء غير قادر على استعماله، فصار عاجزًا عنه
(4)
.
4.
ولأنه غير عالم بمكان الماء.
الترجيح:
الراجح ـ والله أعلم ـ هو القول الأول القائل بصحة تيمم من ضل عن مكانه الذي فيه الماء ولا إعادة عليه، وذلك لقوة أدلتهم، ولأن القياس على الناسي لا يصح؛ لأن المقيس عليه محل خلاف، وحتى القول القائل بإعادة الصلاة لمن نسي الماء فإنه فرق بين الناسي وبين مسألتنا، فأوجب الإعادة في الناسي لتفريطه بخلاف مسألتنا.
(1)
المحلّى شرح المجلّى لابن حزم (1/ 78)، ط: دار إحياء التراث العربي 1418 هـ.
(2)
الذخيرة (1/ 362)، الفتاوى الكبرى الفقهية على مذهب الإمام الشافعي لابن حجر الهيتمي (1/ 110)، ط: دار الكتب العلمية 1417 هـ، المغني (1/ 319).
(3)
الذخيرة (1/ 362).
(4)
الحاوي (2/ 1139)، مغني المحتاج (1/ 252).