المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأولطهارة من كان بعض بدنه جريحاوبعضه صحيحا - أحكام التيمم دراسة فقهية مقارنة

[رائد بن حمدان الحازمي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌أـ أهمية الموضوع وأسباب اختياره:

- ‌ب ـ الدراسات السابقة:

- ‌ج ـ خطة البحث:

- ‌د ـ منهج البحث:

- ‌التمهيدفي التيممالتعريف، والمشروعية، والاختصاص

- ‌المبحث الأولتعريف التيمم في اللغة والاصطلاح

- ‌أولاً: تعريف التيمم في اللغة:

- ‌ثانيًا: تعريف التيمم في الاصطلاح:

- ‌المبحث الثانيمشروعية التيمم

- ‌المطلب الأولأدلة مشروعية التيمم

- ‌أولاً: من الكتاب:

- ‌ثانيًا: من السنة:

- ‌ثالثًا: الإجماع:

- ‌المطلب الثانيسبب مشروعية التيمم

- ‌المطلب الثالثالحكمة من مشروعية التيمم

- ‌المبحث الثالثاختصاص الأمة بالتيمم

- ‌الباب الأولالأسباب الموجبة للتيمم

- ‌الفصل الأولفقد الماء

- ‌المبحث الأولطلب الماء قبل التيمم

- ‌المطلب الأولحكم الطلب

- ‌الحالة الأولى:

- ‌أولاً: من الكتاب:

- ‌ثانيًا: من المعقول:

- ‌الحالة الثانية:

- ‌الحالة الثالثة:

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌أدلة القول الأول:

- ‌أولاً: من الكتاب:

- ‌ثانيًا: من السنة:

- ‌ثالثًا: من المعقول:

- ‌أدلة القول الثاني:

- ‌أولاً: من الكتاب:

- ‌ثانيًا: من السنة:

- ‌ثالثًا: من المعقول:

- ‌المطلب الثانيوقت الطلب

- ‌المطلب الثالثمسافة الطلب

- ‌أولاً: الحنفية

- ‌ثانيًا: المالكية

- ‌ثالثًا: الشافعية

- ‌رابعًا: الحنابلة

- ‌المطلب الرابعصفة الطلب

- ‌المطلب الخامستكرار الطلب

- ‌المبحث الثانيشراء الماء

- ‌المطلب الأولحكم شراء الماء لمن فقده

- ‌أولاً: من الكتاب:

- ‌ثانيًا: من المعقول:

- ‌المطلب الثانيحكم الاقتراض(1)لشراء الماء

- ‌المطلب الثالثشراء الماء في الذمة

- ‌المطلب الرابعحكم قبول الماء الموهوب

- ‌الفرع الأولحكم قبول الماء الموهوب

- ‌الفرع الثانيهل يجب استيهاب الماء أو اقتراضه

- ‌المبحث الثالثنسيان الماء

- ‌المطلب الأولالتيمم لمن نسي الماءبعد أن علم به

- ‌المطلب الثانيالتيمم لمن ضل عن مكانهالذي فيه الماء

- ‌المطلب الثالثإذا قام وصلى ثم بان أنه بقربهبئر أو ماء

- ‌المطلب الرابعإذا وُضع الماء في رحلهولم يعلم به

- ‌المطلب الخامسالتيمم لمن ظن أن الماء قد نفذ

- ‌المبحث الرابعالتيمم لمن وجد ماء لا يكفيللطهارة

- ‌المطلب الأولحكم من وجد من الماءبعض ما يكفيه

- ‌المطلب الثانيكيفية استعمال الماء الذيلا يكفي للطهارة

- ‌المطلب الثالثإذا كان مع الجنب ماء يكفيللوضوء فقط

- ‌المبحث الخامسالتيمم لمن أراق الماء أو باعه أو وهبهولم يترك ما يتطهر به

- ‌المطلب الأولحكم إراقة الماء بعد دخول الوقت

- ‌المطلب الثانيالتيمم لمن باع الماء أو وهبهبعد دخول الوقت

- ‌الفرع الأولحكم بيع الماء أو هبته بعد دخول الوقت

- ‌الفرع الثانيحكم التيمم لمن باع الماء أو وهبه بعد دخول الوقت

- ‌الفصل الثانيعدم القدرة على استعمالالماء

- ‌المبحث الأولتيمم المريض

- ‌المطلب الأولتيمم المريض العادم للماء

- ‌الفرع الأولتعريف المرض لغة واصطلاحًا

- ‌أولاً: في اللغة:

- ‌ثانيًا: في الاصطلاح:

- ‌الفرع الثانيحكم تيمم المريض العادم للماء

- ‌المطلب الثانيحكم تيمم المريض الواجد للماء

- ‌المطلب الثالثضابط الخوف المبيح للتيمم

- ‌المطلب الرابعحكم تيمم المريض الذيلا يجد من يناوله الماء

- ‌المطلب الخامسمن يعتمد قوله في تقدير المرض

- ‌المبحث الثانيتيمم الجريح

- ‌المطلب الأولطهارة من كان بعض بدنه جريحًاوبعضه صحيحًا

- ‌المطلب الثانيكيفية الجمع بين التيمم والغسللمن كان بعض بدنه جريحًا

- ‌المطلب الثالثحكم تيمم من وضع على الجرح أو الكسرجبيرة أو لصوقًا

- ‌المبحث الثالثعدم القدرة على استعمال الماء

- ‌الفصل الثالثالخوف من استعمال الماء

- ‌المبحث الأولتيمم الصحيح الخائفمن العطش

- ‌المبحث الثانيتيمم الصحيح الخائف من البرد

- ‌المطلب الأولحكم تيمم الصحيح الخائفمن البرد

- ‌المطلب الثانيحكم إعادة الصلاة لمن صلىبالتيمم لخوف البرد

- ‌المبحث الثالثالتيمم لمن خاف فوات الوقتللصلوات المكتوبة

- ‌المبحث الرابعالتيمم لمن خاف فوات صلاةالعيدين(1)والجنازة(2)ونحوهما

- ‌المبحث الخامسالتيمم لمن خاف فوات الجمعة

- ‌الباب الثانيفي أحكام التيمم

- ‌الفصل الأولحكم التيمم بينالرخصة والعزيمة

- ‌المبحث الأولتعريف الرخصة والعزيمةفي اللغة والاصطلاح

- ‌المطلب الأولتعريف الرخصة في اللغةوالاصطلاح

- ‌أولاً: في اللغة:

- ‌ثانيًا: في الاصطلاح:

- ‌المطلب الثانيتعريف العزيمة في اللغة والاصطلاح

- ‌أولاً: في اللغة:

- ‌ثانيًا: في الاصطلاح:

- ‌المبحث الثانيحكم التيمم بين الرخصة والعزيمة

- ‌الفصل الثانيبدلية التيمم عن الماء

- ‌المبحث الأولنوع بدلية التيمم

- ‌المبحث الثانيما يترتب على الخلاف فينوع بدلية التيمم

- ‌المطلب الأولوقت التيمم

- ‌الفرع الأولوقت التيمم للصلاة المؤقتة بوقت

- ‌الفرع الثانيوقت التيمم للصلاة التي غير مؤقتة بوقت

- ‌الفرع الثالثالوقت المستحب للتيمم

- ‌المطلب الثانيحكم الوطء لعادم الماء

- ‌المطلب الثالثحكم إمامة المتيمم للمتوضئ

- ‌المطلب الرابعحكم المسح على الخفين(1)لمن لبسهعلى طهارة التيمم

- ‌المطلب الخامسحكم التيمم إذا وجد الماء بعد التيمم وقبل الصلاة

- ‌الفصل الثالثحكم التيمم للطهارةعن الحدث

- ‌المبحث الأولحكم التيمم عن الحدث الأصغر

- ‌المبحث الثانيحكم التيمم عن الحدث الأكبر

- ‌الفصل الرابعحكم التيمم للنجاسة

- ‌المبحث الأولالتيمم للنجاسة في الثوب والبدن

- ‌المطلب الأولحكم التيمم للنجاسة فيالثوب والبدن

- ‌المطلب الثانيما يترتب على القول بجواز التيمملنجاسة البدن

- ‌الفرع الأولتعدد محل النجاسة على البدن مع عدم الماء

- ‌الفرع الثانيإذا اجتمع على الشخص حدث ونجاسةفهل يكفيه تيمم واحد لهما أم لا

- ‌المبحث الثانيحكم من اجتمع عليه نجاسة وحدثومعه ماء يكفي أحدهما

- ‌الفصل الخامسالتيمم في السفر والحضر

- ‌المبحث الأولالتيمم في السفر

- ‌المطلب الأولحكم التيمم في السفر

- ‌المطلب الثانيتيمم العاصي بسفره

- ‌المبحث الثانيحكم التيمم في الحضر

- ‌الباب الثالثشروط التيمم

- ‌الشرط الأولالنية

- ‌المبحث الأولحكم النية في التيمم

- ‌المطلب الأولحكم اشتراط النية في التيمم

- ‌المطلب الثانيحكم التيمم بنية تعليم الغير

- ‌المبحث الثانيحكم التيمم بنية رفع الحدث

- ‌المبحث الثالثما ينويه بالتيمم

- ‌المبحث الرابعإذا نوى بتيممه فرض التيمم

- ‌المبحث الخامسما يستباح بالتيمم

- ‌المطلب الأولما يباح له بتيممه إذا نوى به الفريضة

- ‌الفرع الأولإذا نوى بتيممه فريضة، فهل يصلي به أكثر من فريضة

- ‌الفرع الثانيإذا نوى بتيممه فريضة، فهل يصلي به نافلة

- ‌المطلب الثانيما يباح له بتيممه إذا نوى بهنافلة أو صلاة مطلقة

- ‌الفرع الأولحكم التيمم للنافلة ونحوها مما يتطهر له

- ‌الفرع الثانيإذا نوى التيمم للنافلة فهل يصلي به نوافل أخرى

- ‌الفرع الثالثإذا نوى التيمم لنافلة فهل يصلي به فريضة

- ‌الفرع الرابعإذا نوى بتيممه صلاة مطلقة

- ‌المطلب الثالثمراتب النية

- ‌المبحث السادسحكم الجمع بين الصلاتين للمتيمم

- ‌المبحث السابعحكم اشتراط النية في الحدثالأصغر أو الأكبر

- ‌المطلب الأولحكم تعيين نية ما يتيمم عنهمن حدث أصغر أو أكبر

- ‌المطلب الثانياجتماع الأحداث وأثره في تداخلهاعند النسيان

- ‌المطلب الثالثإذا نوى الحدثين بتيمم واحد

- ‌الفرع الأولإذا نوى الحدثين بتيمم واحد أو أحد أسباب أحدهما

- ‌الفرع الثانيإذا نوى الحدثين بتيمم واحد أو نوى الأكبرثم أحدث حدثاً أصغر

- ‌الشرط الثانيالإسلام

- ‌الشرط الثالثالتكليف

- ‌الشرط الرابعانقطاع دم الحيض والنفاس

- ‌الشرط الخامسإزالة ما يمنع مسح أعضاء التيمم

- ‌الشرط السادسطلب الماء وإعوازه بعد الطلب

- ‌الشرط السابعدخول الوقت

- ‌الشرط الثامنالتيمم بالصعيد

- ‌المبحث الأولحكم التيمم بكل ما هو من جنس الأرض

- ‌المطلب الأولالتيمم بغير التراب

- ‌المطلب الثانيحكم إيصال التراب إلى أعضاء التيمم

- ‌المبحث الثانيالتيمم على الخشب والزرع والحشيش

- ‌المبحث الثالثالتيمم على الثلج

- ‌المبحث الرابعالتيمم بالتراب المختلط بغيره

- ‌المبحث الخامسحكم التيمم بالطين المحترق

- ‌المبحث السادسالتيمم بالأرض النجسة

- ‌المطلب الأولحكم التيمم بالأرض النجسة

- ‌المطلب الثانيحكم التيمم بالأرض التي أصابتها نجاسةفزال أثرها بالشمس أوالريح

- ‌المطلب الثالثالتيمم بتراب المقبرة

- ‌المبحث السابعحكم التيمم بالتراب المستعمل

- ‌المبحث الثامنحكم التيمم بالتراب المغصوب

- ‌الباب الرابعفروض التيمم

- ‌الفرض الأولمسح الوجه واليدين مع الاستيعاب

- ‌المبحث الأولتحديد أعضاء التيمم

- ‌المبحث الثانيتحديد مسح اليدين

- ‌المبحث الثالثتحديد القدر الواجب من الضربفي التيمم

- ‌المبحث الرابعحكم استيعاب المسح للوجه واليدين

- ‌المبحث الخامسحكم إيصال التراب إلى ما تحتالشعر الخفيف

- ‌المبحث السادسصفة مسح الوجه واليدين

- ‌المبحث السابعحكم التيمم من غير ضرب

- ‌المطلب الأولحكم ضرب الأرض باليد

- ‌المطلب الثانيحكم من وصل التراب إلى وجههويديه من غير ضرب

- ‌المطلب الثالثحكم التمعك في التراب بنية التيمم

- ‌المبحث الثامنحكم تيمم مقطوع اليد أو بعضها

- ‌المبحث التاسعحكم مسح الوجه بيد واحدةأو ببعض أصابعه

- ‌الفرض الثانيالترتيب

- ‌الفرض الثالثالموالاة

- ‌المبحث الأولحكم الموالاة بين أعضاء التيمم

- ‌المبحث الثانيحكم الموالاة بين التيمم والصلاة

- ‌الباب الخامسسنن التيمم ومكروهاته

- ‌الفصل الأولسنن التيمم

- ‌المبحث الأولالتسمية

- ‌المبحث الثانيتقديم اليد اليمنى على اليسرى

- ‌المبحث الثالثاستقبال القبلة

- ‌المبحث الرابعتخفيف التراب المأخوذ بنفض أو نفخ

- ‌المبحث الخامستفريج الأصابع

- ‌المبحث السادستخليل(1)الأصابع

- ‌المبحث السابعسنن أخرى تستحب في التيمم

- ‌الفصل الثانيمكروهات التيمم

- ‌المبحث الأولتجديد التيمم

- ‌المبحث الثانيتكرار المسح

- ‌الباب السادسمبطلات التيمم وفاقد الطهورين

- ‌الفصل الأولمبطلات التيمم

- ‌المبحث الأولمبطلات الوضوء

- ‌المبحث الثانيوجود الماء

- ‌المطلب الأولوجود الماء قبل الصلاة

- ‌المطلب الثانيوجود الماء أثناء الصلاة

- ‌المطلب الثالثوجود الماء بعد الصلاة

- ‌المبحث الثالثخروج وقت الصلاة

- ‌المبحث الرابعزوال العذر المبيح للتيمم

- ‌المبحث الخامسالردة عن الإسلام

- ‌المبحث السادسالفصل الطويل بين التيمم والصلاة

- ‌المبحث السابعخلع ما يجوز المسح عليه

- ‌الفصل الثانيفاقد الطهورين

- ‌المبحث الأولحكم صلاة فاقد الطهورين

- ‌المبحث الثانيصفة صلاة فاقد الطهورين

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر

- ‌أولاً: كتب التفسير:

- ‌ثانياً: كتب الحديث وعلومه:

- ‌ثالثًا: كتب أصول الفقه:

- ‌رابعاً: كتب الفقه:

- ‌أـ كتب الفقه الحنفي:

- ‌ب ـ كتب الفقه المالكي:

- ‌جـ ـ كتب الفقه الشافعي:

- ‌د ـ كتب الفقه الحنبلي:

- ‌هـ ـ كتب الفقه الظاهري:

- ‌خامسًا: كتب اللغة والمعاجم والمصطلحات:

- ‌سادسًا: كتب التاريخ والتراجم:

- ‌سابعًا: كتب ورسائل متنوعة:

الفصل: ‌المطلب الأولطهارة من كان بعض بدنه جريحاوبعضه صحيحا

‌المطلب الأول

طهارة من كان بعض بدنه جريحًا

وبعضه صحيحًا

من كان بعض بدنه جريحًا وأراد الطهارة للصلاة، فإنه لا يخلو من ثلاث حالات:

الحالة الأولى: أن يمكنه غسل الجريح بالماء، فإنه في هذه الحالة يجب عليه الغسل باتفاق الفقهاء

(1)

.

واستدلوا على ذلك بما يلي:

أولاً: من الكتاب:

قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة:6].

وجه الدلالة:

أن الله سبحانه وتعالى أمر باستعمال الماء في الطهارة من الحدث الأصغر والأكبر، ولا يعدل عنه إلا عند الضرورة، ولا ضرورة هنا.

ثانيًا: من السنة:

قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الصعيد الطيب طهور المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته

»

(2)

.

(1)

الأصل (1/ 124)، مواهب الجليل (1/ 531)، المجموع (2/ 230)، كشاف القناع (1/ 395، 396).

(2)

تقدم تخريجه (ص 25).

ص: 191

وجه الدلالة:

دل الحديث على أن الأصل في طهارة الإنسان استعمال الماء، والجريح قادر على استعمال الماء فلا يجوز له أن يعدل عنه إلى غيره.

الحالة الثانية: أن يمكنه مسح الجريح بالماء، فقد وقع الخلاف بين الفقهاء في هذه الحالة على قولين:

القول الأول: أنه يجب عليه مسح الجريح بالماء ويكفيه عن التيمم، وهو قول الحنفية والمالكية والحنابلة

(1)

.

واستدلوا على ذلك بما يلي:

أولاً: من السنة:

قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم»

(2)

.

ثانيًا: من المعقول:

أن الغسل مأمور به، والمسح بعضه، فوجب كمن عجز عن الركوع والسجود وقدر على الإيماء

(3)

.

القول الثاني: أنه لا يجب مسح مواضع الجراحة بالماء وإن كان لا يخاف

(1)

الأصل (1/ 124)، الفتاوى الهندية (1/ 28)، مواهب الجليل (1/ 531)، شرح منتهى الإرادات (1/ 182).

(2)

تقدم تخريجه (ص 97).

(3)

المبدع (1/ 168)، كشاف القناع (1/ 396).

ص: 192

منه ضررًا، وإنما يجب التيمم بدلاً منه، سواء كان الجرح في غير محل التيمم أو في محله، إلا أنه إذا كان في محل التيمم فيجب إمرار التراب عليه إن أمكن، وهو قول الشافعية

(1)

.

واستدلوا على ذلك بأن الواجب الغسل، فإذا تعذر فلا فائدة من المسح بالماء

(2)

.

المناقشة:

يمكن مناقشته من وجهين

(3)

:

الوجه الأول: أن طهارة المسح بالماء أولى من طهارة التيمم؛ فالمسح طهارة مائية والتيمم طهارة ترابية.

الوجه الثاني: أنه إذا جاز المسح على حائل العضو فالمسح على العضو أولى.

الراجح:

الراجح ـ والله أعلم ـ هو القول الأول القائل بوجوب المسح، وذلك لقوة أدلتهم، وسلامتها من المعارضة، في مقابل ضعف دليل القول الثاني بما حصل من مناقشة، ولأن المسح بالماء يكون على العضو نفسه بخلاف التيمم فإنه يكون في عضوين فقط، فالمسح أولى.

(1)

العزيز (1/ 225، 226)، المجموع (2/ 230، 231).

(2)

المصدران السابقان.

(3)

شرح العمدة (1/ 437)، مجموع فتاوى ابن تيمية (21/ 216). وانظر: بدائع الفوائد لابن القيم (4/ 868)، ط: نزار الباز 1416 هـ.

ص: 193

الحالة الثالثة: أن يتضرر بغسل الجرح أو مسحه بالماء: فهل تكون طهارته بالجمع بين غسل الصحيح من بدنه والتيمم عن الجريح، أو يقتصر على أحد الطهورين؟ اختلف الفقهاء في هذه الحالة على قولين:

القول الأول: أنه لا يجمع بين الغسل والتيمم، بل إذا كان أكثر بدنه صحيحًا غسل الصحيح ومسح على مواضع الجراحة إن لم يضره، وإلا وجب عليه أن يضع على جرحه عصابة

(1)

أو يشد على كسره جبيرة

(2)

ثم يمسح عليها، ولا يتيمم، وإن كان أكثر بدنه جريحًا تيمم ولا غسل عليه، وهو قول الحنفية، والمالكية

(3)

.

القول الثاني: أنه يجمع بين الغسل والتيمم، فيلزمه غسل ما أمكنه ويتيمم عن الباقي، وهو قول الشافعية، والحنابلة

(4)

.

(1)

العصابة: اسم ما يشد به من عصب رأسه عصبه تعصيبًا، أي: شده، والعصابة أيضًا العمامة. لسان العرب (1/ 603).

(2)

الجبيرة: العيدان التي تشد على العظم لتجبره على استواء. لسان العرب (4/ 115).

(3)

المبسوط (1/ 122)، بدائع الصنائع (1/ 328)، الفتاوى الهندية (1/ 28)، المدونة (1/ 45)، التفريع (1/ 202)، عقد الجواهر الثمينة (1/ 60).

ملاحظة: اختلف قول الحنفية في من كان نصف بدنه صحيحًا ونصفه جريحًا، وذلك على قولين:

القول الأول: يجب التيمم فقط؛ لأنه طهارة كاملة، واختاره الموصلي وقال: إنه أحسن.

القول الثاني: يجب غسل الصحيح ومسح الجريح إذا لم يضره المسح؛ لأن الغسل طهارة حقيقية وحكمية، فكان أولى. انظر: الاختيار (1/ 31)، البحر الرائق (1/ 285).

(4)

الأم (2/ 90)، المجموع (2/ 230)، الكافي (1/ 101)، الفروع (1/ 286).

ص: 194

أدلة القول الأول:

عللوا ما ذهبوا إليه بما يلي:

1 ـ أن التيمم بدل عن الماء، ولا يجب الجمع بين البدل والمبدل، كالصوم والرقبة في الكفارة

(1)

.

المناقشة:

نوقش بأنه قياس مع الفارق، ووجه الفرق يتضح بما يلي:

الأول: أنه يبطل بالماسح على الخفين، فإنه يجمع بين البدل والمبدل ومع هذا فإنه جائز

(2)

.

الثاني: أنه يبطل بالمسح على الجبائر مع الغسل، فإنه جمع بين البدل والمبدل وهو جائز

(3)

.

الثالث: أن الجمع بين البدل والمبدل في الكفارة لا يجب؛ لأنهما عن شيء واحد وهو الحنث في اليمين، بخلاف هذا فإن التيمم بدل عما لم يصبه الماء دون ما أصابه

(4)

.

2 ـ أن الأقل تابع للأكثر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الجريح في حديث جابر:

(1)

المبسوط (1/ 122)، الذخيرة (1/ 343)، الحاوي (2/ 1085).

(2)

التعليقة الكبرى (ص 934)، المغني (1/ 337).

(3)

التعليقة الكبرى (ص 934).

(4)

الحاوي (2/ 1087)، المغني (1/ 337).

ص: 195

«إنما كان يكفيه أن يتيمم» ولا أحد يقول: أنه يغسل ما بين كل جدريين، فدل على أن العبرة للأكثر، وإذا كان الأكثر مجروحًا لم يكن له بدٌ من التيمم فسقط فرض الغسل

(1)

.

المناقشة:

نوقش من وجهين:

الوجه الأول: أن القول بأن الأقل تابع للأكثر لا يعتبر في الطهارات، ولهذا من غسل أكثر جسده من جنابة، أو أكثر أعضاء وضوئه من حدثه لم يجزه تغليبًا للأكثر، فكذا هنا

(2)

.

الوجه الثاني: أن الاستدلال بأنه لا أحد يقول: يجب عليه غسل ما بين الجدريين، فدل على أن العبرة للأكثر لا يصح؛ لأنه إن كان لا يلحقه الضرر في ذلك وجب عليه غسل ما بين الجدريين، وإن كان يلحقه الضرر لم يجب، وهاهنا لا يلحقه ضرر في غسل هذا الموضع فافترقا

(3)

.

ثم لو فرضنا أنه لا أحد يقول بهذا، فقوله مبني على أساس تعذر غسل ما بين كل جدريين أو التحرج من ذلك والحرج منفي شرعًا.

(1)

المبسوط (1/ 122).

(2)

الحاوي (2/ 1087).

(3)

التعليقة الكبرى (ص 934، 935).

ص: 196

أدلة القول الثاني:

استدلوا على ذلك بما يلي:

أولاً: من السنة:

حديث جابر رضي الله عنه وفيه: «إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر أو يعصب على جرحه، ثم يمسح عليه ويغسل سائر جسده»

(1)

.

وجه الدلالة:

أن الحديث نص صريح في الجمع بين الغسل والتيمم

(2)

.

المناقشة:

يمكن مناقشته بأن الحديث ضعيف

(3)

.

ثانيًا: من المعقول:

1 ـ أن العجز عن إيصال الماء إلى بعض أعضائه لا يقتضي سقوط الفرض عن إيصاله إلى ما لم يعجز عنه، قياسًا على ما إذا كان عادمًا لبعض أعضائه

(4)

.

2 ـ أن كل جزء من الجسد يجب تطهيرة بشيء إذا استوى الجسم كله في المرض أو الصحة، فيجب الغسل بالماء إذا كان صحيحًا، ويجب التيمم إذا

(1)

سبق تخريجه (ص 126).

(2)

الحاوي (1/ 1086)، مختصر خلافيات البيهقي لأحمد اللّخمي (1/ 363)، ط: مكتبة الرشد 1417 هـ، المبدع (1/ 168).

(3)

تقدم بيان وجه ضعفه (ص 126)، الهامش رقم (2).

(4)

الحاوي (2/ 1086)، المبدع (1/ 168).

ص: 197

كان مريضًا، وإن خالفه غيره كما لو كان من جملة الأكثر، فإن حكمه لا يسقط بمعنى في غيره

(1)

.

3 ـ أن تطهير بعض أعضائه بالماء لا يسقط فرض التطهر عما لم يصل إليه قياسًا على من كان صحيح الأعضاء

(2)

.

4 ـ أنها طهارة ضرورة فلم يعف فيها إلا عن قدر ما دعت إليه الضرورة كطهارة المستحاضة

(3)

.

الترجيح:

الراجح ـ والله أعلم ـ هو القول الثاني القائل بأنه يجمع بين الغسل والتيمم، وذلك لقوة أدلتهم وسلامتها ـ في الجملة ـ من الاعتراضات القادحة فيها، في مقابل ضعف أدلة القول الأول بما حصل من مناقشتها.

(1)

المغني (1/ 337).

(2)

الحاوي (2/ 1086)، رؤوس المسائل الخلافية (1/ 79).

(3)

الحاوي (2/ 1086).

ص: 198