المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأولالتيمم لمن نسي الماءبعد أن علم به - أحكام التيمم دراسة فقهية مقارنة

[رائد بن حمدان الحازمي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌أـ أهمية الموضوع وأسباب اختياره:

- ‌ب ـ الدراسات السابقة:

- ‌ج ـ خطة البحث:

- ‌د ـ منهج البحث:

- ‌التمهيدفي التيممالتعريف، والمشروعية، والاختصاص

- ‌المبحث الأولتعريف التيمم في اللغة والاصطلاح

- ‌أولاً: تعريف التيمم في اللغة:

- ‌ثانيًا: تعريف التيمم في الاصطلاح:

- ‌المبحث الثانيمشروعية التيمم

- ‌المطلب الأولأدلة مشروعية التيمم

- ‌أولاً: من الكتاب:

- ‌ثانيًا: من السنة:

- ‌ثالثًا: الإجماع:

- ‌المطلب الثانيسبب مشروعية التيمم

- ‌المطلب الثالثالحكمة من مشروعية التيمم

- ‌المبحث الثالثاختصاص الأمة بالتيمم

- ‌الباب الأولالأسباب الموجبة للتيمم

- ‌الفصل الأولفقد الماء

- ‌المبحث الأولطلب الماء قبل التيمم

- ‌المطلب الأولحكم الطلب

- ‌الحالة الأولى:

- ‌أولاً: من الكتاب:

- ‌ثانيًا: من المعقول:

- ‌الحالة الثانية:

- ‌الحالة الثالثة:

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌أدلة القول الأول:

- ‌أولاً: من الكتاب:

- ‌ثانيًا: من السنة:

- ‌ثالثًا: من المعقول:

- ‌أدلة القول الثاني:

- ‌أولاً: من الكتاب:

- ‌ثانيًا: من السنة:

- ‌ثالثًا: من المعقول:

- ‌المطلب الثانيوقت الطلب

- ‌المطلب الثالثمسافة الطلب

- ‌أولاً: الحنفية

- ‌ثانيًا: المالكية

- ‌ثالثًا: الشافعية

- ‌رابعًا: الحنابلة

- ‌المطلب الرابعصفة الطلب

- ‌المطلب الخامستكرار الطلب

- ‌المبحث الثانيشراء الماء

- ‌المطلب الأولحكم شراء الماء لمن فقده

- ‌أولاً: من الكتاب:

- ‌ثانيًا: من المعقول:

- ‌المطلب الثانيحكم الاقتراض(1)لشراء الماء

- ‌المطلب الثالثشراء الماء في الذمة

- ‌المطلب الرابعحكم قبول الماء الموهوب

- ‌الفرع الأولحكم قبول الماء الموهوب

- ‌الفرع الثانيهل يجب استيهاب الماء أو اقتراضه

- ‌المبحث الثالثنسيان الماء

- ‌المطلب الأولالتيمم لمن نسي الماءبعد أن علم به

- ‌المطلب الثانيالتيمم لمن ضل عن مكانهالذي فيه الماء

- ‌المطلب الثالثإذا قام وصلى ثم بان أنه بقربهبئر أو ماء

- ‌المطلب الرابعإذا وُضع الماء في رحلهولم يعلم به

- ‌المطلب الخامسالتيمم لمن ظن أن الماء قد نفذ

- ‌المبحث الرابعالتيمم لمن وجد ماء لا يكفيللطهارة

- ‌المطلب الأولحكم من وجد من الماءبعض ما يكفيه

- ‌المطلب الثانيكيفية استعمال الماء الذيلا يكفي للطهارة

- ‌المطلب الثالثإذا كان مع الجنب ماء يكفيللوضوء فقط

- ‌المبحث الخامسالتيمم لمن أراق الماء أو باعه أو وهبهولم يترك ما يتطهر به

- ‌المطلب الأولحكم إراقة الماء بعد دخول الوقت

- ‌المطلب الثانيالتيمم لمن باع الماء أو وهبهبعد دخول الوقت

- ‌الفرع الأولحكم بيع الماء أو هبته بعد دخول الوقت

- ‌الفرع الثانيحكم التيمم لمن باع الماء أو وهبه بعد دخول الوقت

- ‌الفصل الثانيعدم القدرة على استعمالالماء

- ‌المبحث الأولتيمم المريض

- ‌المطلب الأولتيمم المريض العادم للماء

- ‌الفرع الأولتعريف المرض لغة واصطلاحًا

- ‌أولاً: في اللغة:

- ‌ثانيًا: في الاصطلاح:

- ‌الفرع الثانيحكم تيمم المريض العادم للماء

- ‌المطلب الثانيحكم تيمم المريض الواجد للماء

- ‌المطلب الثالثضابط الخوف المبيح للتيمم

- ‌المطلب الرابعحكم تيمم المريض الذيلا يجد من يناوله الماء

- ‌المطلب الخامسمن يعتمد قوله في تقدير المرض

- ‌المبحث الثانيتيمم الجريح

- ‌المطلب الأولطهارة من كان بعض بدنه جريحًاوبعضه صحيحًا

- ‌المطلب الثانيكيفية الجمع بين التيمم والغسللمن كان بعض بدنه جريحًا

- ‌المطلب الثالثحكم تيمم من وضع على الجرح أو الكسرجبيرة أو لصوقًا

- ‌المبحث الثالثعدم القدرة على استعمال الماء

- ‌الفصل الثالثالخوف من استعمال الماء

- ‌المبحث الأولتيمم الصحيح الخائفمن العطش

- ‌المبحث الثانيتيمم الصحيح الخائف من البرد

- ‌المطلب الأولحكم تيمم الصحيح الخائفمن البرد

- ‌المطلب الثانيحكم إعادة الصلاة لمن صلىبالتيمم لخوف البرد

- ‌المبحث الثالثالتيمم لمن خاف فوات الوقتللصلوات المكتوبة

- ‌المبحث الرابعالتيمم لمن خاف فوات صلاةالعيدين(1)والجنازة(2)ونحوهما

- ‌المبحث الخامسالتيمم لمن خاف فوات الجمعة

- ‌الباب الثانيفي أحكام التيمم

- ‌الفصل الأولحكم التيمم بينالرخصة والعزيمة

- ‌المبحث الأولتعريف الرخصة والعزيمةفي اللغة والاصطلاح

- ‌المطلب الأولتعريف الرخصة في اللغةوالاصطلاح

- ‌أولاً: في اللغة:

- ‌ثانيًا: في الاصطلاح:

- ‌المطلب الثانيتعريف العزيمة في اللغة والاصطلاح

- ‌أولاً: في اللغة:

- ‌ثانيًا: في الاصطلاح:

- ‌المبحث الثانيحكم التيمم بين الرخصة والعزيمة

- ‌الفصل الثانيبدلية التيمم عن الماء

- ‌المبحث الأولنوع بدلية التيمم

- ‌المبحث الثانيما يترتب على الخلاف فينوع بدلية التيمم

- ‌المطلب الأولوقت التيمم

- ‌الفرع الأولوقت التيمم للصلاة المؤقتة بوقت

- ‌الفرع الثانيوقت التيمم للصلاة التي غير مؤقتة بوقت

- ‌الفرع الثالثالوقت المستحب للتيمم

- ‌المطلب الثانيحكم الوطء لعادم الماء

- ‌المطلب الثالثحكم إمامة المتيمم للمتوضئ

- ‌المطلب الرابعحكم المسح على الخفين(1)لمن لبسهعلى طهارة التيمم

- ‌المطلب الخامسحكم التيمم إذا وجد الماء بعد التيمم وقبل الصلاة

- ‌الفصل الثالثحكم التيمم للطهارةعن الحدث

- ‌المبحث الأولحكم التيمم عن الحدث الأصغر

- ‌المبحث الثانيحكم التيمم عن الحدث الأكبر

- ‌الفصل الرابعحكم التيمم للنجاسة

- ‌المبحث الأولالتيمم للنجاسة في الثوب والبدن

- ‌المطلب الأولحكم التيمم للنجاسة فيالثوب والبدن

- ‌المطلب الثانيما يترتب على القول بجواز التيمملنجاسة البدن

- ‌الفرع الأولتعدد محل النجاسة على البدن مع عدم الماء

- ‌الفرع الثانيإذا اجتمع على الشخص حدث ونجاسةفهل يكفيه تيمم واحد لهما أم لا

- ‌المبحث الثانيحكم من اجتمع عليه نجاسة وحدثومعه ماء يكفي أحدهما

- ‌الفصل الخامسالتيمم في السفر والحضر

- ‌المبحث الأولالتيمم في السفر

- ‌المطلب الأولحكم التيمم في السفر

- ‌المطلب الثانيتيمم العاصي بسفره

- ‌المبحث الثانيحكم التيمم في الحضر

- ‌الباب الثالثشروط التيمم

- ‌الشرط الأولالنية

- ‌المبحث الأولحكم النية في التيمم

- ‌المطلب الأولحكم اشتراط النية في التيمم

- ‌المطلب الثانيحكم التيمم بنية تعليم الغير

- ‌المبحث الثانيحكم التيمم بنية رفع الحدث

- ‌المبحث الثالثما ينويه بالتيمم

- ‌المبحث الرابعإذا نوى بتيممه فرض التيمم

- ‌المبحث الخامسما يستباح بالتيمم

- ‌المطلب الأولما يباح له بتيممه إذا نوى به الفريضة

- ‌الفرع الأولإذا نوى بتيممه فريضة، فهل يصلي به أكثر من فريضة

- ‌الفرع الثانيإذا نوى بتيممه فريضة، فهل يصلي به نافلة

- ‌المطلب الثانيما يباح له بتيممه إذا نوى بهنافلة أو صلاة مطلقة

- ‌الفرع الأولحكم التيمم للنافلة ونحوها مما يتطهر له

- ‌الفرع الثانيإذا نوى التيمم للنافلة فهل يصلي به نوافل أخرى

- ‌الفرع الثالثإذا نوى التيمم لنافلة فهل يصلي به فريضة

- ‌الفرع الرابعإذا نوى بتيممه صلاة مطلقة

- ‌المطلب الثالثمراتب النية

- ‌المبحث السادسحكم الجمع بين الصلاتين للمتيمم

- ‌المبحث السابعحكم اشتراط النية في الحدثالأصغر أو الأكبر

- ‌المطلب الأولحكم تعيين نية ما يتيمم عنهمن حدث أصغر أو أكبر

- ‌المطلب الثانياجتماع الأحداث وأثره في تداخلهاعند النسيان

- ‌المطلب الثالثإذا نوى الحدثين بتيمم واحد

- ‌الفرع الأولإذا نوى الحدثين بتيمم واحد أو أحد أسباب أحدهما

- ‌الفرع الثانيإذا نوى الحدثين بتيمم واحد أو نوى الأكبرثم أحدث حدثاً أصغر

- ‌الشرط الثانيالإسلام

- ‌الشرط الثالثالتكليف

- ‌الشرط الرابعانقطاع دم الحيض والنفاس

- ‌الشرط الخامسإزالة ما يمنع مسح أعضاء التيمم

- ‌الشرط السادسطلب الماء وإعوازه بعد الطلب

- ‌الشرط السابعدخول الوقت

- ‌الشرط الثامنالتيمم بالصعيد

- ‌المبحث الأولحكم التيمم بكل ما هو من جنس الأرض

- ‌المطلب الأولالتيمم بغير التراب

- ‌المطلب الثانيحكم إيصال التراب إلى أعضاء التيمم

- ‌المبحث الثانيالتيمم على الخشب والزرع والحشيش

- ‌المبحث الثالثالتيمم على الثلج

- ‌المبحث الرابعالتيمم بالتراب المختلط بغيره

- ‌المبحث الخامسحكم التيمم بالطين المحترق

- ‌المبحث السادسالتيمم بالأرض النجسة

- ‌المطلب الأولحكم التيمم بالأرض النجسة

- ‌المطلب الثانيحكم التيمم بالأرض التي أصابتها نجاسةفزال أثرها بالشمس أوالريح

- ‌المطلب الثالثالتيمم بتراب المقبرة

- ‌المبحث السابعحكم التيمم بالتراب المستعمل

- ‌المبحث الثامنحكم التيمم بالتراب المغصوب

- ‌الباب الرابعفروض التيمم

- ‌الفرض الأولمسح الوجه واليدين مع الاستيعاب

- ‌المبحث الأولتحديد أعضاء التيمم

- ‌المبحث الثانيتحديد مسح اليدين

- ‌المبحث الثالثتحديد القدر الواجب من الضربفي التيمم

- ‌المبحث الرابعحكم استيعاب المسح للوجه واليدين

- ‌المبحث الخامسحكم إيصال التراب إلى ما تحتالشعر الخفيف

- ‌المبحث السادسصفة مسح الوجه واليدين

- ‌المبحث السابعحكم التيمم من غير ضرب

- ‌المطلب الأولحكم ضرب الأرض باليد

- ‌المطلب الثانيحكم من وصل التراب إلى وجههويديه من غير ضرب

- ‌المطلب الثالثحكم التمعك في التراب بنية التيمم

- ‌المبحث الثامنحكم تيمم مقطوع اليد أو بعضها

- ‌المبحث التاسعحكم مسح الوجه بيد واحدةأو ببعض أصابعه

- ‌الفرض الثانيالترتيب

- ‌الفرض الثالثالموالاة

- ‌المبحث الأولحكم الموالاة بين أعضاء التيمم

- ‌المبحث الثانيحكم الموالاة بين التيمم والصلاة

- ‌الباب الخامسسنن التيمم ومكروهاته

- ‌الفصل الأولسنن التيمم

- ‌المبحث الأولالتسمية

- ‌المبحث الثانيتقديم اليد اليمنى على اليسرى

- ‌المبحث الثالثاستقبال القبلة

- ‌المبحث الرابعتخفيف التراب المأخوذ بنفض أو نفخ

- ‌المبحث الخامستفريج الأصابع

- ‌المبحث السادستخليل(1)الأصابع

- ‌المبحث السابعسنن أخرى تستحب في التيمم

- ‌الفصل الثانيمكروهات التيمم

- ‌المبحث الأولتجديد التيمم

- ‌المبحث الثانيتكرار المسح

- ‌الباب السادسمبطلات التيمم وفاقد الطهورين

- ‌الفصل الأولمبطلات التيمم

- ‌المبحث الأولمبطلات الوضوء

- ‌المبحث الثانيوجود الماء

- ‌المطلب الأولوجود الماء قبل الصلاة

- ‌المطلب الثانيوجود الماء أثناء الصلاة

- ‌المطلب الثالثوجود الماء بعد الصلاة

- ‌المبحث الثالثخروج وقت الصلاة

- ‌المبحث الرابعزوال العذر المبيح للتيمم

- ‌المبحث الخامسالردة عن الإسلام

- ‌المبحث السادسالفصل الطويل بين التيمم والصلاة

- ‌المبحث السابعخلع ما يجوز المسح عليه

- ‌الفصل الثانيفاقد الطهورين

- ‌المبحث الأولحكم صلاة فاقد الطهورين

- ‌المبحث الثانيصفة صلاة فاقد الطهورين

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر

- ‌أولاً: كتب التفسير:

- ‌ثانياً: كتب الحديث وعلومه:

- ‌ثالثًا: كتب أصول الفقه:

- ‌رابعاً: كتب الفقه:

- ‌أـ كتب الفقه الحنفي:

- ‌ب ـ كتب الفقه المالكي:

- ‌جـ ـ كتب الفقه الشافعي:

- ‌د ـ كتب الفقه الحنبلي:

- ‌هـ ـ كتب الفقه الظاهري:

- ‌خامسًا: كتب اللغة والمعاجم والمصطلحات:

- ‌سادسًا: كتب التاريخ والتراجم:

- ‌سابعًا: كتب ورسائل متنوعة:

الفصل: ‌المطلب الأولالتيمم لمن نسي الماءبعد أن علم به

‌المطلب الأول

التيمم لمن نسي الماء

بعد أن علم به

اختلف الفقهاء في حكم من نسي الماء في رحله أو في موضع يمكنه استعماله وكان عالمًا بالماء، فتيمم وصلى ثم تذكر الماء، فهل تجب عليه إعادة الصلاة ولا يصح تيممه أم لا؟ على قولين

(1)

:

القول الأول: أنه لا تجب عليه الإعادة ويصح تيممه، وهو قول أبي حنيفة وصاحبه محمد بن الحسن

(2)

،

والمشهور عند المالكية، وقول للشافعية (هو قول الإمام الشافعي في القديم)، ورواية عند الحنابلة.

(1)

مختصر اختلاف العلماء للطحاوي (1/ 150)، ط: دار البشائر الإسلامية 1417 هـ، المبسوط (1/ 121)، بدائع الصنائع (1/ 324)، المدونة الكبرى للإمام مالك (1/ 43، 46)، ط: دار صادر، الذخيرة (1/ 361، 362)، مواهب الجليل (1/ 524 ـ 526)، مختصر المزني في فروع الشافعية (ص 16)، ط: دار الكتب العلمية 1419 هـ، المجموع (2/ 213)، مغني المحتاج (1/ 251، 252)، مسائل الإمام أحمد بن حنبل رواية ابنه عبد الله (ص 40)، ط: المكتب الإسلامي 1401 هـ، المحرر في الفقه لمجد الدين بن تيمية (1/ 22)، ط: مكتبة المعارف 1404 هـ، المبدع (1/ 171)، الإنصاف (1/ 265).

(2)

هو: أبو عبد الله محمد بن الحسن بن فرق الشيباني، من كبار أصحاب أبي حنيفة، وعمد المذهب، ولد بواسط عام (132 هـ)، ونشأ بالكوفة، كان لكتبه أكبر الأثر في ضبط مذهب أبي حنيفة، ونُشر منها: الأصل، والسير الكبير والصغير، والحجة على أهل المدينة وغيرها، توفي سنة (189 هـ) بالري.

انظر: وفيات الأعيان (4/ 184)، سير أعلام النبلاء (9/ 134 ـ 136)، شذرات الذهب (1/ 321 ـ 325).

ص: 103

القول الثاني: أنه تجب عليه الإعادة ولا يصح تيممه، وهو قول أبي يوسف

(1)

من الحنفية، ورواية للمالكية، والصحيح عند الشافعية (هو قول الإمام الشافعي في الجديد)، ومذهب الحنابلة.

أدلة القول الأول:

أولاً: من الكتاب:

8 ـ قوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286].

وجه الدلالة:

أن الله سبحانه وتعالى كلفنا بحسب الوسع، وليس في وسع الناس استعمال الماء قبل علمه به، وإذا لم يكن مخاطبًا باستعماله فوجوده كعدمه

(2)

.

9 ـ قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43، المائدة: 6].

(1)

هو: القاضي أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن خنيس الأنصاري، من أهل الكوفة صاحب أبي حنيفة، كان فقيهًا، عالمًا حافظًا، نشر مذهب أبي حنيفة وخالفه في مواضع كثيرة، تولي القضاء ببغداد لثلاثة من الخلفاء المهدي وابنه الهادي، ثم هارون الرشيد، وهو أوّل من دعي بقاضي القضاة، ولد سنة (113 هـ)، وتوفي ببغداد سنة (182 هـ).

انظر: وفيات الأعيان (6/ 378 ـ 390)، سير أعلام النبلاء (8/ 535 ـ 539).

(2)

الأصل لمحمد بن الحسن (1/ 123)، ط: دائرة المعارف العثمانية 1386 هـ، المبسوط (1/ 122).

ص: 104

وجه الدلالة:

أن الناسي غير واجد لما هو ناس له، إذ لا سبيل إلى الوصول إلى استعماله فهو بمنزلة من لا ماء في رحله ولا بحضرته

(1)

.

10 ـ قوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6].

وجه الدلالة:

أن الخطاب في هذه الآية لم يتوجه إلى الناسي؛ لأن تكليف الناسي لا يصح

(2)

، وإذا لم يكن مأمورًا مكلفًا بالغسل فهو مأمور بالتيمم لا محالة؛ لأنه لا يجوز سقوطهما جميعًا عنه مع الإمكان، فثبت جواز تيممه

(3)

.

11 ـ قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286].

وجه الدلالة:

أن الآية اقتضت سقوط حكم المنسي

(4)

.

(1)

أحكام القرآن للجصاص (4/ 13)، الإشراف (1/ 172)، المبدع (1/ 171).

(2)

انظر المعنى والأقوال لهذه المسألة الأصولية ـ تكليف الناسي لا يصح ـ في: البرهان في أصول الفقه للجويني (1/ 91)، ط: دار الوفاء 1418 هـ، المنخول من تعليقات الأصول للغزالي (ص 30)، ط: دار الفكر 1400 هـ، البحر المحيط في أصول الفقه للزركشي (1/ 282)، ط: دار الكتب العلمية 1421 هـ، القواعد والفوائد الأصولية للبعلي (ص 30)، ط: مطبعة السنة المحمدية 1375 هـ، التحبير شرح التحرير للمرداوي (3/ 1033)، ط: مكتبة الرشد 1421 هـ.

(3)

أحكام القرآن للجصاص (4/ 13)، أحكام القرآن لابن العربي (1/ 446).

(4)

أحكام القرآن للجصاص (4/ 13).

ص: 105

ثانيًا: من السنة:

حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه»

(1)

.

وجه الدلالة:

أن الله سبحانه وتعالى قد عفى عن المخطئ حال خطئه، وعن الناسي حال نسيانه، فيكون فرضه التيمم؛ لأن الله قد تجاوز عنه.

المناقشة:

نوقش بأن أهل الأصول اختلفوا في هذا الحديث هل هو مجمل أم عام؟ فإذا قيل: إنه مجمل توقف الاحتجاج به على بيان المراد فلا حجة لهم فيه.

وإذا قيل: إنه عام ـ قال النووي: وهو الأصح ـ فقد خص منه غرامة المتلفات، ومن صلى محدثًا ناسيًا، ومن نسي بعض أعضاء طهارته وغير ذلك، فكذا يخص منه نسيان الماء في رحله قياسًا على نسيان بعض الأعضاء وغيره

(1)

أخرجه ابن ماجه في كتاب الطلاق، باب طلاق المكره والناسي [سنن ابن ماجه (1/ 659) برقم (2045)]، وصححه ابن رجب في جامع العلوم والحكم (ص 371 ـ 374)، ط: مؤسسة الرسالة 1417 هـ، والبوصيري في مصباح الزجاجة (2/ 126)، ط: دار العربية 1403 هـ، وابن حجر في تلخيص الحبير (1/ 281، 282)، والسخاوي في المقاصد الحسنة (ص 370، 371)، ط: دار الكتاب العربي 1405 هـ، والألباني في إرواء الغليل (1/ 123، 124).

ص: 106

مما ذكرناه، فإن التخصيص بالقياس جائز

(1)

(2)

.

ثالثًا: من المعقول:

1 ـ أن الناسي قد صلى على الوجه الذي يلزمه في ذلك الوقت، فلا تجب عليه الإعادة

(3)

.

المناقشة:

نوقش بأنه إن أرادوا يلزمه في نفس الأمر فلا يسلم به، وإن أرادوا في الظاهر وبالنسبة إلى اعتقاده فينتقض بمن نسي بعض الأعضاء

(4)

.

2 ـ أن العجز عن استعمال الماء قد تحقق بسبب الجهالة والنسيان، فصح تيممه، كما لو حصل العجز بسبب عدم الدلو والرشاء

(5)

(6)

.

(1)

القياس إن كان قطعيًا فإنه يجوز التخصيص به بلا خلاف، وإن كان ظنيًا فقد اختلفوا فيه، والصحيح الذي عليه الأكثرون: جوازه أيضًا، وهو قول الأئمة الأربعة وأكثر الفقهاء. انظر: قواطع الأدلة في الأصول للسمعاني (1/ 190)، ط: دار الكتب العلمية 1418 هـ، المحصول للرازي (3/ 148)، ط: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية 1400 هـ، الإحكام للآمدي (2/ 361)، البحر المحيط (2/ 504)، التقرير والتحبير لابن أمير الحاج (1/ 355)، ط: دار الفكر 1417 هـ، إرشاد الفحول للشوكاني (1/ 270)، ط: دار الفكر 1412 هـ.

(2)

المجموع (2/ 213).

(3)

المصدر السابق.

(4)

المجموع (2/ 214).

(5)

الدلو: التي يستقى بها. مختار الصحاح (ص 195). والرشا: الحبل. مختار الصحاح (ص 224).

(6)

بدائع الصنائع (1/ 324)، البحر الرائق (1/ 279).

ص: 107

المناقشة:

يمكن أن يناقش بأنه ليس بعاجز عن استعمال الماء؛ لثبوت العلم نظرًا إلى الدليل وهو وجود الماء؛ لأن الرحل معدن الماء فيجب الطلب فيه قبل التيمم، فيلحق الرحل بالعمران وإخبار المخبر ووجود طير ووحش بجامع وجود دليل الماء

(1)

.

3 ـ لأن النسيان عذر حال بينه وبين استعمال الماء، كما لو وجد الماء ولم يصل إليه لخوف سبع أو عدو

(2)

.

المناقشة:

نوقش بأن هذا القياس لا يصح؛ لأن من منعه السبع أو العدو لم يحصل منه تقصير في ذلك، بخلاف الناسي، ولذلك فقد حصل الاتفاق على أن السبع لو حال بينه وبين ساتر العورة صحت صلاته عاريًا، ولو تركها ناسيًا أعاد

(3)

.

الجواب:

يمكن أن يجاب بجوابين:

الأول: أن التفريط والتقصير إنما يكون في ترك ما وجب عليه، والناسي ليس كذلك لأنه غير مأمور بما عجز عنه شرعًا.

(1)

شرح فتح القدير (1/ 140، 141).

(2)

الإشراف (1/ 172، 173)، المجموع (2/ 213).

(3)

المجموع (2/ 214)، المغني (1/ 318).

ص: 108

الثاني: أن القياس على من نسي ستر العورة في الصلاة لا يصح؛ لأن المقيس عليه محل خلاف

(1)

.

4 ـ أن الناسي صلى ولا يعلم أن معه ماء، فلم تلزمه إعادة، كمن صلى ثم رأى بقربه بئرًا

(2)

.

المناقشة:

نوقش بأنه قياس مع الفارق؛ لأن البئر إن كانت ظاهرة لزمه الإعادة، وإن كانت خفية فلا ينسب فيها إلى تفريط بخلاف النسيان

(3)

.

الجواب:

يمكن أن يجاب بما أجيب به في الجواب الأول من مناقشة الدليل السابق.

أدلة القول الثاني:

أولاً: من الكتاب:

قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43، المائدة: 6].

(1)

للفقهاء في حكم ستر العورة في الصلاة قولان:

القول الأول: أن ستر العورة شرط لصحة الصلاة، وتبطل الصلاة بدونه إذا كان قادرًا على سترها، وهو قول الحنفية، والصحيح من مذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة.

القول الثاني: أن ستر العورة ليس بشرط في صحة الصلاة، وإنما هو واجب، وتصح الصلاة بدونه مع الإثم، وهو قول عند المالكية. انظر: المبسوط (1/ 197)، مواهب الجليل (1/ 177، 178)، مغني المحتاج (1/ 396، 397)، الكافي لابن قدامة (1/ 153).

(2)

أحكام القرآن للجصاص (4/ 14)، التجريد (1/ 252).

(3)

المجموع (2/ 214).

ص: 109

وجه الدلالة:

أن الله سبحانه وتعالى أباح التيمم عند عدم الماء، وهذا واجد للماء، لأن وجود الماء لا ينافيه النسيان، وإنما ينافيه العدم، فلم يتحقق الشرط

(1)

.

المناقشة:

نوقش من وجهين:

الوجه الأول: أن الوجود المراد بالآية هو القدرة على الاستعمال من غير مشقة، وهذا لا يوجد فيما نسيه

(2)

.

الوجه الثاني: أنه لا يوصف بأنه واجد له وإن كان موجودًا، كمن معه ماء وهو يخاف على نفسه العطش فإنه يجوز له التيمم وهو واجد للماء، فالناسي أبعد من الوجود لتعذر وصوله إلى استعماله

(3)

.

ثانيًا: من المعقول:

1 ـ أن الناسي للماء قد نسي ما لا ينسى عادة؛ لأن الماء من أعز الأشياء في السفر؛ لكونه سببًا لصيانة نفسه عن الهلاك، فكان القلب متعلقًا به، فالتحق النسيان فيه بالعدم

(4)

.

(1)

الذخيرة (1/ 362)، المجموع (2/ 213)، المبدع (1/ 171).

(2)

التجريد (1/ 252). وانظر: أحكام القرآن لابن العربي (1/ 445، 446).

(3)

أحكام القرآن للجصاص (4/ 14)، التجريد للقدوري (1/ 252).

(4)

بدائع الصنائع (1/ 324)، البحر الرائق (1/ 279).

ص: 110

المناقشة:

نوقش بأنه استدلال غير صحيح؛ لأن النسيان جبلة

(1)

في البشر، خصوصًا إذا مرَّ به أمر يشغله عما وراءه، والسفر محل المشقات، ومكان المخاوف، فنسيان الأشياء فيه غير نادر

(2)

.

2 ـ أن الرحل موضع الماء غالبًا؛ لحاجة المسافر إليه، فكان الطلب واجبًا كما في العمران

(3)

.

المناقشة:

نوقش بأنه ليس كذلك؛ لأن الغالب في الماء الموضوع في الرحل هو النفاد لقلته، فلا يكون بقاؤه غالبًا، فيتحقق العجز ظاهرًا بخلاف العمران لأنه لا يخلو عن الماء غالبًا

(4)

.

3 ـ لأن الطهارة بالماء شرط من شروط الصلاة، فلم يسقط بالنسيان كستر العورة، وغسل بعض الأعضاء، وكمريض صلى قاعدًا ـ متوهمًا عجزه عن القيام ـ وكان قادرًا، وكحاكم نسي النص فحكم بالقياس، وكمن نسي الرقبة في الكفارة فصام، وكمن كان الماء في إناء على كتفه فنسيه وتيمم وصلى فإنه يعيد بالاتفاق

(5)

.

(1)

الجبلة: الخِلقة التي خلق الإنسان عليها. مختار الصحاح (ص 93)، المصباح المنير (1/ 329).

(2)

بدائع الصنائع (1/ 324).

(3)

البناية شرح الهداية (1/ 564)، البحر الرائق (1/ 279).

(4)

بدائع الصنائع (1/ 324).

(5)

البناية شرح الهداية (1/ 564)، الذخيرة (1/ 362)، المجموع (2/ 213)، كشاف القناع (1/ 402).

ص: 111

المناقشة:

نوقش هذا الدليل من خمسة وجوه:

الوجه الأول: أن النسيان بمجرده لا يؤثر في سقوط الفرض، وإنما يؤثر مع انضمام معنى آخر إليه فيصيران عذرًا في سقوط الفرض، كالسفر الذي هو حال عدم الماء فإذا انضم إليه النسيان فإنهما يصيران عذرين في سقوط الفرض، وأما نسيان الطهارة والصلاة وستر العورة ونحو ذلك فلم ينضم إلى النسيان في ذلك معنى آخر حتى يصير عذرًا في سقوط هذه الفرائض

(1)

.

الوجه الثاني: أن قياس ناسي الماء على من نسي ستر العورة أو من نسي القيام فصلى قاعدًا لا يصح؛ لأن النسيان إنما يكون عذرًا في الانتقال إلى بدل لا في سقوط أصل الفرض، ومن نسي القيام وستر العورة فقد ترك فرضًا ولم ينتقل إلى بدل بخلاف من نسي الماء في رحله فإنه انتقل من الوضوء إلى التيمم، ولا يقال: إن القعود بدل عن القيام؛ لأنه فرضه، والجزء من الشيء ليس ببدل عنه

(2)

.

الوجه الثالث: أن القياس على من نسي غسل بعض الأعضاء غير سديد؛ لأن ترك بعض الأعضاء لا تؤثر فيه الأعذار مع بقاء فرضه، ولهذا نجد أن المرض والسفر لا يؤثران في ذلك، وانتقال الفرض من الوضوء إلى التيمم تؤثر فيه الأعذار: المرض والسفر؛ فجاز أن يؤثر فيه النسيان

(3)

.

(1)

أحكام القرآن للجصاص (4/ 13، 14)، التجريد للقدوري (1/ 252، 253).

(2)

المصدران السابقان، وانظر: الاختيار (1/ 30، 31).

(3)

التجريد (1/ 253).

ص: 112

الوجه الرابع: أن قياس الناسي للماء في رحله على نسيان الرقبة في الكفارة، إنما هو قياس مع الفارق؛ لأن المعتبر في الرقبة الملك، بدليل أنه لو عرض عليه رقبة كان له ألا يقبل ويكفر بالصوم، وبالنسيان لا ينعدم الملك، وأما الطهارة بالماء فالمعتبر فيها القدرة على استعمال الماء، وبالنسيان زالت القدرة، بدليل أنه لو عرض عليه الماء لزمه قبوله وبطل تيممه

(1)

.

الجواب:

تم الإجابة عليه بأنه لا فرق بينهما، فإنه لو كان قادرًا في الموضعين على الأصل لم يجز له الإنتقال إلى البدل ولو عدم الأصل جاز له الإنتقال إلى البدل، فأما العتق مع الغيبة فلأنه يقدر أن يقول عتقت عبدي فينفذ، ولا يقدر على الوضوء بماء غائب عنه، وأما إذا بذلت له الرقبة فلا يلزمه قبولها؛ لأنه مع عدمها لا تجب عليه، فلا يلزمه أن يكتسب لتجب، ولأنه لو قبلها لم يلزمه إخراجها، فإنه يجزئه الصوم إذا كان فقيرًا حال الوجوب، ثم في قبول الرقبة منّة كثيرة بخلاف الماء فإنه لا منة فيه، والمنّة قد لا تسامح النفس بحملها

(2)

.

الوجه الخامس: أن القياس على من نسي الماء على كتفه لا يصح؛ لأنه لا يخلو من أن يكون راكبًا أو سائقًا، فإن كان راكبًا وكان الماء في مؤخر الرحل فهو على الاختلاف، وإن كان في مقدم الرحل لا يجوز بالإجماع؛ لأن نسيانه نادر.

(1)

المبسوط (1/ 122)، بدائع الصنائع (1/ 325)، الاختيار (1/ 31).

(2)

الانتصار في المسائل الكبار على مذهب الإمام أحمد الكلوذاني (1/ 424)، ط: مكتبة العبيكان 1413 هـ.

ص: 113

وأما إذا كان سائقًا فالجواب على العكس، وهو أنه إن كان في مؤخر الرحل فلا يجوز بالإجماع؛ لأنه يراه ويبصره، فكان النسيان نادرًا، وإن كان في مقدم الرحل فهو على الاختلاف

(1)

.

الترجيح:

الراجح ـ والله أعلم ـ هو القول الأول القائل بعدم إعادة الصلاة لمن نسي الماء في رحله، ولكن بشرط أن يجتهد في طلب الماء قبل التيمم حتى يغلب على ظنه عدمه، وإلا فالقول بالإعادة أحوط؛ لئلا يعرض نفسه للعقوبة

(2)

.

وكان هذا هو الراجح لما يلي:

1.

قوة أدلة هذا القول، وإفادتها المراد.

2.

لأن تكليف الناس بما لا يعلمه فيه مشقة عليه، وخاصة إذا تعددت عليه الصلوات.

3.

ولأن هذا القول فيه تيسير على المسلمين ورفع للحرج عنهم.

(1)

بدائع الصنائع (1/ 325)، الفتاوى الهندية (1/ 31).

(2)

الشرح الممتع على زاد المستقنع لابن عثيمين (1/ 387)، ط: دار ابن الجوزي 1422 هـ.

ص: 114