الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس
الردة عن الإسلام
الردة: هي قطع الإسلام بنية أو قول أو فعل مكفر
(1)
.
إذا تيمم المسلم ثم ارتد عن الإسلام ـ والعياذ بالله ـ ثم أسلم، فهل يبطل تيممه أم لا؟ للفقهاء في هذه المسألة قولان
(2)
:
القول الأول: أنه يبطل تيممه، وهو قول زفر من الحنفية، ومذهب المالكية، والأصح عند الشافعية، ومذهب الحنابلة.
القول الثاني: أنه لا يبطل تيممه، وهو مذهب الحنفية، ووجه للشافعية.
أدلة القول الأول:
استدل القائلون بأنه يبطل التيمم بالردة، بما يلي:
أولاً: من الكتاب:
قوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65].
وجه الدلالة:
أن الله سبحانه وتعالى أخبر أن الشرك يحبط العمل، والطهارة عمل، فيجب
(1)
التوقيف على مهمات التعاريف (ص 362)، المطلع (ص 25).
(2)
الأصل (1/ 113)، بدائع الصنائع (1/ 333)، حاشية البناني (1/ 221، 222)، حاشية الدسوقي (1/ 260)، المجموع (2/ 6)، مغني المحتاج (1/ 267)، المغني (1/ 238)، الإنصاف (1/ 213، 283).
أن تحبط بالشرك
(1)
.
المناقشة:
نوقش بأن الردة تحبط ثواب العمل، وذلك لا يمنع زوال الحدث كمن توضأ رياء، فإن الحدث يزول به وإن كان لا يثاب على وضوئه
(2)
.
ثانيًا: من الآثار:
ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «الحدث حدثان: حدث اللسان، وحدث الفرج، وأشدهما حدث اللسان»
(3)
.
وجه الدلالة:
دل الأثر على أن الردة تعتبر حدثًا، والحدث يبطل الطهارة
(4)
.
ثالثًا: من المعقول:
أن الطهارة عبادة لا تصح مع الردة ابتداء، فلا تبقى معها دوامًا كالصلاة
(5)
.
(1)
المغني (1/ 238).
(2)
شرح العناية (1/ 133)، رد المحتار (1/ 379).
(3)
أخرجه البخاري في الضعفاء الصغير (ص 36)، ط: دار الوعي 1396 هـ، وسنده ضعيف لضعف حاجب الأزدي، قال عنه ابن عيينة: كان رأسًا في الإباضية، وقال ابن حبان: كان ممن يخطئ ويهم. انظر: الضعفاء الصغير (ص 36)، لسان الميزان (2/ 146).
(4)
المغني (1/ 238).
(5)
المبسوط (1/ 117)، التعليقة الكبرى (ص 996)، المغني (1/ 238).
المناقشة:
يمكن مناقشته بأن الردة وقعت بعد فراغ العبادة فلم تبطلها، كالصوم والصلاة بعد الفراغ منها
(1)
.
أدلة القول الثاني:
استدل القائلون بأنه لا يبطل التيمم بالردة، بما يلي:
أن التيمم لا يبطله إلا الحدث أو وجود الماء، والردة ليست واحدة منهما
(2)
.
أن التيمم وقع طهارة صحيحة، فلا يبطل بالردة كالوضوء
(3)
.
المناقشة:
يمكن مناقشته بأن المقيس عليه مختلف فيه
(4)
، فبطل القياس.
(1)
المجموع (2/ 7).
(2)
المبسوط (1/ 117)، التعليقة الكبرى (ص 997).
(3)
بدائع الصنائع (1/ 334)، البحر الرائق (1/ 265).
(4)
اختلف الفقهاء في نقض الوضوء بالردة على قولين:
القول الأول: أن الردة تبطل الوضوء، وهو المشهور عند المالكية، ووجه للشافعية، ومذهب الحنابلة.
القول الثاني: أن الردة لا تبطل الوضوء، وهو مذهب الحنفية، وبعض المالكية، والأصح عند الشافعية.
انظر: المبسوط (1/ 116، 117)، مواهب الجليل (1/ 435)، المجموع (2/ 6)، المغني (1/ 238).
الترجيح:
الراجح ـ والله أعلم ـ هو القول الثاني القائل بأنه لا يبطل التيمم بالردة، وذلك لوجاهة ما استدلوا به، في مقابل ضعف أدلة القول الأول بما حصل من مناقشة.