الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول الثاني:
ليس عليه طلب الماء في هذه الحالة ويصح التيمم، وهو قول الحنفية، ورواية عند الحنابلة
(1)
.
سبب الخلاف:
سبب اختلاف الفقهاء في هذه الحالة هو: هل يسمى من لم يجد الماء دون طلب غيرَ واجد للماء أو لا يسمى غير واجد للماء إلا إذا طلب الماء فلم يجده
(2)
؟
فمن يرى أنه لا يثبت أنه غير واجد للماء إلا بعد الطلب قال: باشتراط الطلب، ومن يرى أنه يثبت أنه غير واجد للماء بدون طلب قال: بعدم اشتراط الطلب.
أدلة القول الأول:
استدل القائلون بوجوب طلب الماء لمن شك في وجود الماء أو عدمه بما يلي:
أولاً: من الكتاب:
قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43، المائدة: 6].
وجه الدلالة:
أنه لا يثبت أنه غير واجد للماء إلا بعد الطلب، وهذا يفيد وجوب الطلب
(3)
؛ لجواز أن يكون بقربه الماء ولا يعلمه
(4)
.
(1)
بدائع الصنائع (1/ 317)، البحر الرائق (1/ 281)، الكافي لابن قدامة (1/ 98)، ط: دار الكتاب العربي 1421 هـ، الإنصاف (1/ 263).
(2)
بداية المجتهد ونهاية المقصد لابن رشد (1/ 133)، ط: دار ابن حزم 1416 هـ.
(3)
المعونة (1/ 149)، المنتقى شرح موطأ مالك لأبي الوليد الباجي (1/ 110)، ط: مطبعة السعادة 1331 هـ، الحاوي للماوردي (2/ 1051)، ط: دار المجتمع 1414 هـ، الممتع شرح المقنع للتنوخي (1/ 245)، ط: دار خضر 1418 هـ.
(4)
المغني لابن قدامة (1/ 313)، ط: دار عالم الكتب 1419 هـ، المبدع (1/ 169).
المناقشة:
نوقش بأن الوجود لا يقتضي سابقة الطلب، بدليل قوله تعالى:{فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا} [الأعراف: 44] ولا طلب، وبقوله تعالى:{وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ} [الأعراف: 102]، لاستحالة الطلب على الله، وبقوله صلى الله عليه وسلم: «من وجد لقطة
…
» الحديث
(1)
، ولا طلب من الملتقط
(2)
.
الجواب:
أجيب عن الآية الأولى والحديث بأن الكلام في جانب النفي لا الإثبات
(3)
، فالوجود لا يفتقر إلى طلب، وإنما يفتقر عدم الوجود إلى طلب، ومسألة التيمم إنما هي في عدم الوجود لا في الوجود
(4)
.
وأما استدلالهم بالآية الأخرى فلا يصح؛ لأن الله سبحانه وتعالى طلب منهم الثبات على العهد، أي أمرهم بذلك، فهو سبحانه وتعالى يطلب منهم ما قدمه إليهم من العهد، فلذلك قال سبحانه:{وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ}
(5)
.
(1)
أخرجه الإمام أحمد في المسند برقم [17516]، وأبو داود في كتاب اللقطة [سنن أبي داود (2/ 136) حديث (1709)]، وابن ماجه في كتاب اللقطة، باب اللقطة [سنن ابن ماجه (2/ 837) حديث (2505)]، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1/ 477)، ط: مكتبة المعارف 1419، وصحيح سنن ابن ماجه (2/ 307)، ط: مكتبة المعارف 1417 هـ.
(2)
بدائع الصنائع (1/ 317)، البحر الرائق (1/ 281).
(3)
شرح الزركشي (1/ 330)، المبدع (1/ 169، 170).
(4)
الحاوي (2/ 1052).
(5)
شرح الزركشي (1/ 330).