الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السابع
حكم التيمم بالتراب المستعمل
اتفق الفقهاء على أن تيمم الجماعة من الموضع الواحد جائز؛ لأن التراب المستعمل هو ما علق باليدين أما ما بقي على الأرض فلم يكن مستعملاً في عبادة، فأشبه الماء الباقي في الإناء فيكون طاهرًا بلا خلاف
(1)
.
واختلفوا في حكم التيمم بالتراب المستعمل الذي يصيب العضو ثم يتناثر منه، فهل يجوز التيمم به أم لا؟ وذلك على قولين
(2)
:
القول الأول: أنه يجوز التيمم به، وهو قول الحنفية، والمالكية، ووجه للشافعية، صححه الماوردي، ووجه عند الحنابلة؛ لأن المستعمل منه ما بقي على العضو، وما تناثر غير مستعمل فجاز التيمم به
(3)
.
واستدل الماوردي أيضًا: بأن التيمم لا يرفع الحدث، ولكن يجيز الصلاة فقط، فلا يصير التراب مستعملاً به، بخلاف الماء؛ لأنه يرفع الحدث فصار مستعملاً برفعه
(4)
.
(1)
المبسوط (1/ 121)، الذخيرة (1/ 350)، الحاوي (2/ 975)، المغني (1/ 334).
(2)
شرح فتح القدير (1/ 136)، الشرح الكبير للدردير (1/ 72)، الحاوي (2/ 974، 975)، المجموع (2/ 174)، المغني (1/ 334)، الإنصاف (1/ 273).
(3)
شرح فتح القدير (1/ 136)، المهذب (1/ 127)، البيان (1/ 274).
(4)
الحاوي (2/ 975).
القول الثاني: أنه لا يجوز التيمم به، وهو الأصح عند الشافعية، والصحيح عند الحنابلة؛ لأنه مستعمل في طهارة أباحت الصلاة فأشبه الماء المستعمل
(1)
.
الترجيح:
الراجح ـ والله أعلم ـ هو القول الأول القائل بجواز التيمم بالتراب المستعمل، وذلك لقوة تعليلهم، وأما ما استدل به الماوردي بأن التيمم لا يرفع الحدث فقد تقدم مناقشة هذا القول
(2)
، وأن الراجح أن التيمم يرفع الحدث كالماء
(3)
.
ومن أسباب الترجيح ما يلي:
أن الماء المستعمل يخالف التراب المستعمل؛ وذلك لأن الماء لا يدفع بعضه بعضًا، وأما التراب فيدفع بعضه بعضًا، حيث دفع ما أدى به الفرض في العضو ما تناثر منه
(4)
.
أنه ليس هناك أي دليل صحيح يدل على عدم كون المستعمل طهورًا لا في الماء، ولا في التراب
(5)
.
(1)
البيان (1/ 274)، العزيز (1/ 233)، المغني (1/ 334).
(2)
انظر (ص 212 وما بعدها).
(3)
انظر (ص 220).
(4)
انظر: المهذب (1/ 127).
(5)
انظر: السيل الجرار (1/ 323)، الروضة الندية شرح الدرر البهية لصديق حسن خان (1/ 100 ـ 102)، ط: دار ابن عفان 1420 هـ.