الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث
التيمم على الثلج
للفقهاء في هذه المسألة قولان
(1)
:
القول الأول: أنه لا يجوز التيمم به، وهو قول الحنفية، ورواية عند المالكية، وهو قول الشافعية، وقول عند الحنابلة، وهو قول ابن المنذر.
القول الثاني: أنه يجوز التيمم به، وهو رواية عند المالكية، والصحيح عند الحنابلة، إلا أن الحنابلة قالوا: إذا وجد ثلجًا ولم يمكن تذويبه، فإنه يلزمه مسح أعضاء وضوئه به ويصلي ولا يعيد إذا جرى الماء على الأعضاء بالمس؛ لوجود الغسل المأمور به وإن كان خفيفًا.
وأما إذا لم يجر على الأعضاء بالمس فإنه يعيد الصلاة؛ لأنه صلى مع وجود الماء في الجملة بلا طهارة كاملة.
أدلة القول الأول:
استدل القائلون بأنه لا يجوز التيمم بالثلج، بما يلي:
(1)
أحكام القرآن للجصاص (4/ 32)، شرح فتح القدير (1/ 127)، المدونة (1/ 46)، التفريع (1/ 203)، عقد الجواهر الثمينة (1/ 60)، المجموع (2/ 170، 171)، الإنصاف (1/ 272)، شرح منتهى الإرادات (1/ 191)، الأوسط (2/ 42، 43).
ملاحظة: ظاهر نقولات أئمة المذهب المالكي أن المعتمد هو القول الثاني القائل بجواز التيمم بالثلج مطلقًا. انظر: شرح الزرقاني (1/ 216)، حاشية الخرشي (1/ 359)، الشرح الكبير (1/ 255).
أولاً: من الأثر:
عن عمر رضي الله عنه أنه قال: «لا يتيمم بالثلج، فمن لم يجد، فضفة سرجه، أو معرفة دابته»
(1)
.
ثانيًا: من المعقول:
أن الثلج ليس بصعيد فلم يجز التيمم به كالنبات
(2)
.
أنه لم يأت في التيمم على الثلج نص ولا إجماع، فلا يصح التيمم به
(3)
.
أدلة القول الثاني:
استدل القائلون بجواز التيمم بالثلج، بما يلي:
أولاً: من السنة:
حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم»
(4)
.
وجه الدلالة:
دل الحديث على أن المكلف يعبد الله بحسب استطاعته، وهذا لا يقدر على استعمال الماء إلا كذلك، فوجب أن يستعمل الاستعمال المقدور عليه
(5)
.
(1)
تقدم تخريجه (ص 383).
(2)
أحكام القرآن للجصاص (4/ 32)، المنتقى (1/ 116).
(3)
المحلى (1/ 101).
(4)
تقديم تخريجه (ص 97).
(5)
كشاف القناع (1/ 409)، شرح منتهى الإرادات (1/ 191).
ثانيًا: من المعقول:
أن الثلج أشبه بجموده الحجر فالتحق بأجزاء الأرض
(1)
.
الترجيح:
الراجح ـ والله أعلم ـ هو القول الأول القائل بعدم جواز التيمم بالثلج، وذلك لقوة أدلتهم، ولأن النصوص الشرعية تدل على أن التيمم لا يكون إلا بالتراب ـ وذلك باتفاق الفقهاء ـ أو بالصعيد وهو كل ما صعد على وجه الأرض من جميع أجزائها ـ وذلك على القول الراجح ـ، والثلج بعيد عن مسمى التراب أو مسمى الصعيد.
وبناء على القول الراجح في هذا المطلب، والمطلب الذي قبله، فإن من لم يجد ما يتيمم به مما تصاعد على وجه الأرض من جميع أجزائها فإن حكمه كحكم العادم للماء والمتيمم به
(2)
، والله أعلم.
(1)
الفواكه الدواني (1/ 244)، الشرح الكبير للدردير (1/ 255، 256).
(2)
سيأتي بيان ذلك في مبحث: حكم صلاة فاقد الطهورين (ص 516).