الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السادس
صفة مسح الوجه واليدين
تقدم اختلاف الفقهاء في حد اليد المأمور بمسحها في التيمم، وكذلك اختلافهم في عدد ضربات التيمم، وبناء على الاختلاف في هاتين المسألتين اختلفوا في صفة مسح الوجه واليدين في التيمم، وفيما يلي بيان أقوال المذاهب في صفة المسح:
أولاً: الحنفية:
يضرب المتيمم بيديه على الأرض ضربة واحدة يقبل بهما ويدبر
(1)
، ثم يرفعهما وينفضهما أو ينفخ فيهما، ثم يمسح بهما وجهه، ثم يضرب بهما الأرض مرة أخرى فيقبل بهما ويدبر، ثم ينفضهما، ثم يمسح بأربع أصابع يده اليسرى ظاهر يده اليمنى من رؤوس الأصابع إلى المرفق، ثم يمسح بكفه اليسرى دون الأصابع باطن يده اليمنى من المرفق إلى الرسغ
(2)
، ثم يمر بباطن إبهامه اليسرى على ظاهر إبهامه اليمنى، ثم يفعل باليسرى كذلك
(3)
.
(1)
يقبل بهما ويدبر: أي يحركهما بعد الضرب أمامًا وخلفًا مبالغة في إيصال التراب إلى أثناء الأصابع، وهما ـ أي الإقبال والإدبارـ من سنن التيمم عند الحنفية. انظر: حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (1/ 121)، ط دار الكتب العلمية 1420 هـ، رد المحتار (1/ 349).
(2)
الرسغ: هو مفصل ما بين الكف والذراع. لسان العرب (8/ 428)، المصباح المنير (1/ 226).
(3)
بدائع الصنائع (1/ 314)، البحر الرائق (1/ 254).
ثانيًا: المالكية:
يضرب الأرض بيديه جميعًا ضربة واحدة، فإن تعلق بهما شيء نفضهما نفضًا خفيفا، ثم يمسح بهما وجهه، ثم يضرب ضربة أخرى لليدين ويضع اليسرى على اليمنى فيمرها من فوق الكف إلى المرفق، ومن باطن المرفق إلى الكف، ويفعل باليسرى كذلك
(1)
.
ثالثًا: الشافعية:
يضرب التراب بيديه مفرجتي الأصابع
(2)
ضربة واحدة، ثم يمسح بهما وجهه، ثم يضرب الضربة الثانية ويضع بطون أصابع اليد اليسرى سوى الإبهام على ظهر أصابع اليمنى سوى الإبهام بحيث لا تخرج أنامل اليمنى مسبحة اليسرى، ولا مسبحة اليمنى عن أنامل اليسرى، ويمرها على ظهر كفه اليمنى فإذا بلغ الكوع ضم أطراف أصابعه إلى حرف الذراع ويمرها على المرفق، ثم يدير بطن كفه إلى بطن الذراع، فيمرها عليه رافعًا إبهامه فإذا بلغ الكوع أمر إبهام اليسرى على إبهام اليمنى، ثم يفعل باليسرى كذلك، ثم يمسح إحدى الراحتين بالأخرى، ويخلل بين أصابعه
(3)
.
رابعًا: الحنابلة:
يضرب التراب بيديه مفرجتي الأصابع ضربة واحدة، فيمسح وجهه بباطن أصابعه، وكفيه بباطن راحتيه
(4)
.
(1)
المدونة (1/ 42)، المنتقى (1/ 114).
(2)
أي يفتح ما بين أصابعه. المصباح المنير (2/ 265).
(3)
الأم (2/ 103، 104)، المهذب (1/ 128)، مغني المحتاج (1/ 265).
(4)
الكافي (1/ 95)، الفروع (1/ 298).
الترجيح:
الراجح ـ والله أعلم ـ هو أن يقال أن صفة المسح هي: أن يضرب المتيمم بيديه الأرض ضربة واحدة بلا تفريج للأصابع، ويمسح الوجه بالكفين، ثم يمسح الكفين بعضهما ببعض، وكيفما مسح أجزأه وحصل المقصود.
وأسباب ترجيح هذه الصفة ما يلي:
أن هذه الصفة هي الموافقة لما جاء في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم كما في حديث عمار الثابت في الصحيحين.
أن ماذكره الفقهاء من تخصيص مسح الوجه واليدين بصفة معينة مخالف لما جاءت به الأدلة الشرعية، حيث لم يأت دليل شرعي يدل على ما ذكروه من صفة المسح، بل وقد نص بعض الفقهاء من كل مذهب على أن ما ذكروه من صفة المسح هو خلاف ما جاءت به السنة.
(1)
.
(2)
.
(1)
المجموع (2/ 185).
(2)
مجموع فتاوى ابن تيمية (21/ 425، 426)، وانظر: فتح الباري لابن رجب (2/ 94).
وكذلك ذكر العيني من الحنفية، والقرافي
(1)
من المالكية بأن هذه الصفة ـ أي صفة المسح عند الحنفية والمالكية ـ لم ترد في السنة
(2)
.
فإذا لم يذكر الفقهاء رحمهم الله تعالى على ما ذهبوا إليه دليلًا من كتاب الله أو سنة، فإن قولهم حينئذ يكون مردودًا؛ لأن المسح عبادة، والعبادة توقيفية تحتاج إلى دليل.
أن إطلاق مسح الوجه واليدين دون تخصيص المسح بكيفية معينة هو الموافق ليسر الشريعة ورفع الحرج، بخلاف ما ذكره الفقهاء من تخصيص المسح بصفة معينة، فإن فيها من التكليف والحرج ما يخالف نفي الحرج في قوله تعالى:{مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} [المائدة: 6].
(1)
هو: أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن، أبو العباس، شهاب الدين القرافي الصنهاجي، فقيه أصولي مالكي، مصري المولد والمنشأ والوفاة، انتهت إليه رئاسة الفقه على مذهب مالك، له مؤلفات كثيرة منها: الذخيرة، والفروق، وشرح تنقيح الفصول في الأصول وغيرها، توفي عام 684 هـ، الديباج المذهب (ص 62 ـ 66)، شجرة النور الزكية (ص 188).
(2)
انظر: البناية (1/ 525، 526)، الذخيرة (1/ 352).