الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس
حكم إيصال التراب إلى ما تحت
الشعر الخفيف
اختلف الفقهاء في حكم إيصال التراب إلى منابت الشعر الخفيف كالعنفقة
(1)
، وشعر الحاجبين، وشعر اللحية الخفيف، فهل يجب إيصال التراب إليها أم لا؟ وذلك على قولين:
القول الأول: أنه لا يجب إيصال التراب إلى ما تحت الشعر الخفيف، وهو قول المالكية والشافعية والحنابلة
(2)
.
القول الثاني: أنه يجب إيصال التراب إلى ما تحت الشعر الخفيف، وهو قول الحنفية، ووجه عند الشافعية والحنابلة
(3)
.
(1)
العنفقة: الشعر النابت تحت الشفة السفلى، وقيل ما بين الشفة السفلى والذقن، سواء كان عليها شعر أم لا، وأصل العنفقة: خفة الشيء وقلته (لسان العرب 10/ 277)، المصباح المنير (2/ 418).
(2)
مواهب الجليل (1/ 512)، حاشية الخرشي (1/ 356)، المجموع (2/ 184)، نهاية المحتاج (1/ 301)، المغني (1/ 331)، التنقيح المشبع (ص 65).
قلت: هذا القول الذي لجمهور الفقهاء ينافي قولهم القائل: بوجوب استيعاب المسح للوجه واليدين، لأنه سبق أن ذكرنا في المبحث السابق أن مذهبهم هو وجوب الاستيعاب قياسًا على الوضوء، وهنا في هذه المسألة لم يستدلوا بالقياس على الماء، وهذا يدل على بطلان قياس التيمم على الوضوء في صفته، وعلى عدم وجوب الاستيعاب، إذ لو كان الاستيعاب واجبًا لوجب إيصال التراب إلى باطن الشعر الخفيف قياسًا على الوضوء، والله أعلم.
(3)
مراقي الفلاح (ص 120)، رد المحتار (1/ 357)، العزيز (1/ 241)، المجموع (2/ 184)، الفروع (1/ 298)، الإنصاف (1/ 273).
دليل القول الأول:
استدل القائلون بأنه لا يجب إيصال التراب إلى ما تحت الشعر الخفيف بأن ما ورد من صفة تيمم النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عمار وغيره يدل على أنه صلى الله عليه وسلم مسح وجهه بضربة واحدة، وبالضربة الواحدة لا يصل التراب إلى منابت الشعر
(1)
.
دليل القول الثاني:
استدل القائلون بأنه يجب إيصال التراب إلى ما تحت الشعر الخفيف بأن الوضوء يجب فيه إيصال الماء إلى منابت الشعر، والتيمم بدل عن الوضوء، والبدل له حكم مبدله
(2)
.
المناقشة:
يمكن مناقشته بأنه قياس مع الفارق؛ لأن طهارة التيمم مبنية على التخفيف بخلاف الوضوء فإنه مبني على الإسباغ. وقد تقدم بيان وجه الفرق بين التيمم والوضوء بالتفصيل
(3)
، فلا داعي للتكرار.
الترجيح:
الراجح ـ والله أعلم ـ هو القول الأول القائل بعدم وجوب إيصال التراب إلى منابت الشعر الخفيف، وذلك لقوة دليلهم، ولحصول المشقة في إيصال التراب إلى منابت هذه الشعور، وما شرع التيمم إلا للتيسير على المكلف ولرفع الحرج عنه، فالقول بعدم الوجوب هو المتناسب مع الرخصة والتيسير.
(1)
المهذب (1/ 128)، العزيز (1/ 241).
(2)
مجمع الأنهر (1/ 39)، المهذب (1/ 128)، تصحيح الفروع (1/ 299).
(3)
انظر (ص 416).