الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني
تيمم العاصي بسفره
اختلف الفقهاء في حكم تيمم العاصي بسفره إذا عدم الماء، فهل يلزمه أن يتيمم ويصلي أم لا؟ وذلك على ثلاثة أقوال
(1)
(2)
.
القول الأول: أنه يلزمه التيمم ولا إعادة عليه فيما صلى به، وهو قول الحنفية، والمعتمد عند المالكية
(3)
، ووجه للشافعية، والصحيح عند الحنابلة.
القول الثاني: أنه يلزمه التيمم وإعادة الصلاة، وهو الصحيح عند الشافعية، وقول للحنابلة.
القول الثالث: أنه لا يجوز له التيمم، وهو قول ضعيف عند المالكية، ووجه غريب للشافعية.
(1)
لم أجد نصًا صريحًا للحنفية في هذه المسألة، وقياس أصولهم يقتضي ذلك، وذلك لأنهم لا يفرقون بين سفر الطاعة والمعصية في الرخص، والتيمم عندهم رخصة. انظر: بدائع الصنائع (1/ 467)، الفتاوى الهندية (1/ 139).
(2)
الشرح الكبير للدردير (1/ 243)، حاشية الدسوقي (1/ 243)، المهذب (1/ 138)، المجموع (2/ 243)، الإنصاف (1/ 253)، شرح منتهى الإرادات (1/ 177).
(3)
هذا بناء على قاعدة عند المالكية في الرخصة وهي: أن كل رخصة جازت في الحضر كالمسح على الخفين، والتيمم، وأكل الميتة فإنه يجوز له فعلها، ولو كان عاصيًا بسفره، وكل رخصة تختص بالسفر كقصر الصلاة، والفطر في رمضان، فشرطه أن لا يكون عاصيًا بسفره. انظر: الشرح الكبير للدردير (1/ 235).
أدلة القول الأول:
عللوا ما ذهبوا إليه بما يلي:
1 ـ أن النصوص الشرعية الواردة في السفر مطلقة
(1)
، تشمل الطائع والعاصي، ولا يجوز تقييد ما أطلقه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم إلا بدليل.
2 ـ أن نفس السفر ليس بمعصية، وإنما المعصية ما يكون بعده أو يجاوره، والقبح المجاور لا يعدم المشروعية
(2)
.
3 ـ أن المعصية لا تكون سببًا في الرخصة، وإنما السبب لحوق المشقة الناشئة من السفر
(3)
.
4 ـ قياسًا على من نوى سفرًا مباحًا، ثم نوى المعصية بعده، فإنه يترخص، فكذا هاهنا
(4)
.
وما سبق من الأدلة بناء على القول بأن التيمم رخصة، وأما على القول بأن التيمم عزيمة فحينئذ لا يجوز تركه عند وجود شرطه
(5)
.
أدلة القول الثاني:
عللوا ما ذهبوا إليه بما يلي:
(1)
البحر الرائق (2/ 243)، البيان (1/ 323).
(2)
تبيين الحقائق (1/ 521)، البحر الرائق (2/ 243).
(3)
الاختيار (1/ 107، 108)، تبيين الحقائق (1/ 521).
(4)
الاختيار (1/ 107)، البيان (1/ 323).
(5)
المغني (1/ 311)، كشاف القناع (1/ 385).
1 ـ أن المسافر سفر معصية يلزمه أمران: التوبة والصلاة، فإذا أخل بأحدهما لا يباح له الإخلال بالآخر
(1)
.
2 ـ أن سقوط الفرض بالتيمم رخصة تختص بالسفر، فلم يستبح ذلك في سفر المعصية، كالفطر والقصر
(2)
.
أدلة القول الثالث:
عللوا ما ذهبوا إليه بأنه قادر على استباحة التيمم بالتوبة من معصيته، فلا يجوز له التيمم حتى يتوب
(3)
.
الترجيح:
الراجح ـ والله أعلم ـ هو القول الأول القائل بجواز تيمم العاصي بسفره ولا إعادة عليه، وذلك لما يلي:
1 ـ لقوة أدلتهم، وإفادتها المراد.
2 ـ أن حكم التيمم لا يختص بالسفر، فيباح في سفر المعصية كمسح يوم وليلة
(4)
.
3 ـ أن العاصي بسفره قد أتى بما أمر به من التيمم والصلاة، فلا يلزمه إعادة الصلاة، إذ كيف نبيح له الصلاة بالتيمم ثم نوجب عليه إعادتها؟!
(1)
المجموع (2/ 243).
(2)
المهذب (1/ 138)، البيان (1/ 323).
(3)
المجموع (1/ 273)، (2/ 243).
(4)
المغني (1/ 311).