الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني
حكم من وصل التراب إلى وجهه
ويديه من غير ضرب
المقصود بهذه المسألة: لو انتقل التراب إلى الوجه واليدين بغير ضرب، كما لو سفت الريح التراب على وجه المتيمم ويديه فهل يصح تيممه أم لا؟
اتفق الفقهاء على أنه لوسفت الريح على المكلف ترابًا استوعب وجهه ويديه ولم يقصد طهارة التيمم لم يجزئه ذلك بلا خلاف
(1)
.
واختلفوا فيما لو قصد الريح وصمد لها بنية التيمم، فهل يصح تيممه ويجزئه أم لا؟ على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه لا يصح تيممه، وهو قول المالكية، والصحيح من مذهب الشافعية والحنابلة
(2)
.
القول الثاني: أنه يصح تيممه إذا مسح وجهه ويديه وإلا فلا، وهو قول الحنفية، واختاره متأخرو الحنابلة
(3)
.
(1)
شرح فتح القدير (1/ 126)، الذخيرة (1/ 356)، المجموع (2/ 187)، كشاف القناع (1/ 411).
(2)
الذخيرة (1/ 356)، شرح الزرقاني (1/ 220)، الأم (2/ 103)، المجموع (2/ 188)، المغني (1/ 324)، الإنصاف (1/ 275).
(3)
شرح فتح القدير (1/ 126)، الفتاوى الهندية (1/ 27)، الإنصاف (1/ 275)، كشاف القناع (1/ 411).
القول الثالث: أنه يصح تيممه ويجزئه، وهو قول للشافعية والحنابلة
(1)
.
دليل القول الأول:
استدلوا بقوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43، المائدة: 6].
وجه الدلالة:
أن الله سبحانه وتعالى أمر بقصد الصعيد، والنقل طريقه، فلابد من نقل التراب إلى الوجه واليدين
(2)
، ولا يكفي أن يقف في مهب الريح وينوي التيمم
(3)
.
المناقشة:
نوقش بأن من تعرض لهبوب التراب على أعضاء التيمم مع القصد فقد قصد الصعيد الطيب
(4)
.
دليل القول الثاني:
استدلوا بقوله تعالى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6].
وجه الدلالة:
أن الله سبحانه وتعالى أمر بالمسح، ومرور التراب على الوجه لا يسمى مسحًا
(5)
، فلابد من المسح حتى يتحقق بذلك التيمم على الصفة المشروعة.
(1)
المجموع (2/ 188)، الإنصاف (1/ 275).
(2)
نقل التراب من فروض التيمم عند الشافعية، وهو أن ينقل المتيمم التراب من نحو أرض أو هواء إلى العضو الممسوح. انظر: تحفة المحتاج (1/ 585)، نهاية المحتاج (1/ 295).
(3)
تحفة المحتاج (1/ 581)، مغني المحتاج (1/ 260).
(4)
طرح التثريب (1/ 268).
(5)
تصحيح الفروع (1/ 300).
المناقشة:
يمكن مناقشته بأن المسح إنما يلزم المتيمم لأن التراب على الأرض فيحتاج أن ينقله منها إلى أعضائه بالضرب عليها بيديه، أما هنا فقد أدت الريح عنه هذا العمل فنقلت التراب إلى أعضائه، فلا يحتاج للمسح.
أدلة القول الثالث:
46 ـ أنه قد قصد التيمم
(1)
.
47 ـ القياس على المتوضئ إذا صمد للمطر حتى جرى على أعضائه، فإن ذلك يجزئه، فكذلك المتيمم لو قصد بوقوفه في مهب الريح التيمم أجزأه ذلك
(2)
.
الترجيح:
الراجح ـ والله أعلم ـ هو القول الثالث القائل بأنه يصح تيمم من قصد الريح وصمد لها بنية التيمم، وذلك لوجاهة ما استدلوا به.
(1)
المستوعب (1/ 301).
(2)
العزيز (1/ 234، 235)، المغني (1/ 324).