الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: {الْبَحْرِ} أطلق الخاص وأريد به العام، والمراد منه جميع المياه بحرا كان أو نهرا، أو واديا فإن حكم الصيد لا يختلف باختلاف التسمية.
وقوله: {صَيْدُ الْبَحْرِ} هو ما اصطاده انسان.
وقوله: {وَطَعَامُهُ} هو ما قذفه الماء إلى الساحل ميتا. وقد جاء في الصحيح:
• عن جابر بن عبد اللَّه يقول: بعثنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثلاث مائة راكب، أميرنا أبو عبيدة ابن الجراح نرصد عير قريش. فأقمنا بالساحل نصف شهر، فأصابنا جوع شديد حتى أكلنا الخبط. فسمي ذلك الجيش جيش الخبط. فألقى لنا البحر دابة يقال لها العنبر، فأكلنا منه نصف شهر، وادهنا من ودكه حتى ثابت إلينا أجسامنا، فأخذ أبو عبيدة ضلعا من أضلاعه، فنصبه فعمد إلى أطول رجل معه.
قال سفيان مرة: ضلعا من أضلاعه فنصبه وأخذ رجلًا وبعيرا فمر تحته، قال جابر: وكان رجل من القوم نحر ثلاث جزائر، ثم نحر ثلاث جزائر، ثم نحر ثلاث جزائر، ثم إن أبا عبيدة نهاه.
متفق عليه: رواه البخاريّ في المغازي (4361)، ومسلم في الصيد (1935: 18) كلاهما من حديث سفيان قال: الذي حفظنا من عمرو بن دينار قال: سمعت جابر بن عبد اللَّه فذكره واللفظ للبخاري.
وروي عن أبي بكر الصديق قال: "كل دابة في البحر قد ذبحها اللَّه فكلها".
ولذا أباح جمهور أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم الطافي من السمك. وكرهه أبو حنيفة وأصحابه.
• عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّاسَ سَأَلُوا نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَحْفَوْهُ بِالْمَسْأَلَةِ، فَخَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ:"سَلُونِي لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا بَيَّنْتُهُ لَكُمْ". فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِك الْقَوْمُ أَرَمُّوا وَرَهِبُوا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَدَيْ أَمْرٍ قَدْ حَضَرَ. قَالَ أَنَسٌ: فَجَعَلْتُ أَلْتَفِتُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَإِذَا كُلُّ رَجُلٍ لَافٌّ رَأْسَهُ فِى ثَوْبِهِ يَبْكِي، فَأَنْشَأَ رَجُلٌ مِنَ الْمَسْجِدِ، كَانَ يُلَاحَى، فَيُدْعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ. فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَنْ أَبِي؟ قَالَ: "أَبُوكَ حُذَافَةُ". ثُمَّ أَنْشَأَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ
رَسُولًا، عَائِذًا بِاللَّهِ مِنْ سُوءِ الْفِتَنِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ قَطُّ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ. إِنِّي صُوِّرَتْ لِيَ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَرَأَيْتُهُمَا دُونَ هَذَا الْحَائِطِ".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الدعوات (6362)، ومسلم في الفضائل (2359: 137) كلاهما من حديث هشام بن عروة، عن قتادة عن أنس فذكره. واللفظ لمسلم، ولفظ البخاريّ نحوه. وقال: "كان قتادة يذكر عند هذا الحديث هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} .
قوله: "احفوه بالمسألة" أي أكثروا في الإلحاح والمبالغة فيه. يقال: أحفى وألحف وألحّ بمعنى.
وقوله: "أرمّوا" أي سكتوا. وأصله من المرفة، وهي الشفة أي ضموا شفاهم بعضها على بعض، فلم يتكلموا.
وقوله: "يلاحى" الملاحة المخامصة والسباب.
• عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَصْحَابِهِ شَيْءٌ، فَخَطَبَ، فَقَالَ:"عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْم فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَلَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا". قَالَ: فَمَا أَتَى عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمٌ أَشَدُّ مِنْهُ. قَالَ: غَطَّوْا رُءُوسَهُمْ وَلَهُمْ خَنِينٌ. قَالَ: فَقَامَ عُمَرُ، فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا. قَالَ: فَقَامَ ذَاكَ الرَّجُلُ، فَقَالَ: مَنْ أَبِي؟ قَالَ: "أَبُوكَ فُلَانٌ". فَنَزَلَتْ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} .
متفق عليه: رواه البخاريّ في التفسير (4621)، ومسلم في الفضائل (2359: 134) كلاهما من طريق شعبة، عن موسى بن أنس، عن أنس، قال: فذكره. واللفظ لمسلم ولفظ البخاريّ مختصر.
• عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ، فَصَلَّى لَهُمْ صَلَاةَ الظُّهْرِ، فَلَمَّا سَلَّمَ، قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَذَكَرَ السَّاعَةَ، وَذَكَرَ أَنَّ قَبْلَهَا أُمُورًا عِظَامًا، ثُمَّ قَالَ:"مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْأَلَنِي عَنْ شَيْءٍ فَلْيَسْأَلْنِي عَنْهُ فَوَاللَّهِ لَا تَسْأَلُونَنِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَخْبَرْتُكُمْ بِهِ مَا دُمْتُ فِي مَقَامِي هَذَا". قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: فَأَكْثَرَ النَّاسُ الْبُكَاءَ حِينَ سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَأَكْثَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقُولَ: "سَلُونِي". فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ، فَقَالَ: مَنْ أَبِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "أَبُوكَ حُذَافَةُ". فَلَمَّا أَكْثَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَنْ يَقُولَ: "سَلُونِي". بَرَكَ عُمَرُ، فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَالَ عُمَرُ ذَلِكَ. ثُمَّ قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَوْلَى، وَالذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَقَدْ عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةَ وَالنَّارُ آنِفًا فِي عُرْضِ هَذَا الْحَائِطِ، فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ". قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ: مَا سَمِعْتُ بِابْنٍ قَطُّ أَعَقَّ مِنْكَ، أَأَمِنْتَ أَنْ تَكُونَ أُمُّكَ قَدْ قَارَفَتْ بَعْضَ مَا تُقَارِفُ نِسَاءُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَتَفْضحَهَا عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ: وَاللَّهِ لَوْ أَلْحَقَنِي بِعَبْدٍ أَسْوَدَ لَلَحِقْتُهُ.
متفق عليه: رواه مسلم في الفضائل (136: 2359)، واللفظ له، والبخاري في مواقيت الصلاة (540) مختصرًا، كلاهما من حديث الزهري قال: أخبرني أنس بن مالك فذكره.
ومعنى قولها: "قارفت" أي عملت سوءا. والمراد الزنى.
وقوله: قال ابن شهاب: وصله عبد الرزاق في تفسيره (2/ 229)، عن معمر، عن الزهري به مثله إِلَّا أنه زاد في آخره:"وإنّما ألحقه بأبيه الذي كان له".
• عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ قَوْمٌ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتِهْزَاءً. فَيَقُولُ الرَّجُلُ: مَنْ أَبِي؟ وَيَقُولُ الرَّجُلُ تَضِلُّ نَاقَتُهُ: أَيْنَ نَاقَتِي؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةَ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} . حَتَّى فَرَغَ مِنَ الْآيَةَ كُلِّهَا.
صحيح: رواه البخاريّ في التفسمير (4622)، عن الفضل بن سهل، حدّثنا أبو النضر، حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا أبو الجويرية، عن ابن عباس، قال: فذكره.
وقد سبق في كتاب الحج أن سبب نزول هذه الآية: السؤال عن الحج. والأشهر ما ذكرناها هنا. ولا مانع من تعدد الأسباب.
فدلّت الآية الكريمة وهذه الأحاديث على كراهية السؤال عما لا يحتاج إليه مما يسوء السائل جوابه، وقد ثبت في الصحيح.
• عن الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا: قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الزكاة (1477)، ومسلم في الأقضية (13: 593) كلاهما من حديث إسماعيل ابن علية، حدّثنا خالد الحذاء، عن ابن أشوع، عن الشعبي، حدثني كاتب المغيرة ابن شعبة، قال: كتب معاوية إلى المغيرة بن شعبة أن اكتب إلي بشيء سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم، فكتب إليه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره.
ولم يكن للمهاجرين والأنصار رخصة في السؤال بخلاف الأعراب ونحوهم من الوفود القادمين