الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
30 - تفسير سورة الروم وهي مكية، وعدد آياتها 60
قوله: {غُلِبَتِ الرُّومُ} المراد بالروم أمة مختلطة من اليونانيين واللاطنيين من سكان إيطاليا، وتسمى دولتهم البيزنطية وكان مقرّها الشام، وهي تابعة للإمبراطورية العظمى الرومية وكان مقرها قسطنطينية، وكان هؤلاء من أهل الكتاب، وكان الفرسُ عُبّادَ الأوثان، فلما غلبَ الفرسُ على الروم، فرح أهلُ مكة لأنهم كانوا مشركين، فحزن المسلمون فبشّرهم الله تعالى بقوله:{وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ} .
قوله: {فِي أَدْنَى الْأَرْضِ} أي: أقرب أرض الشام إلى أرض فارس.
• عن ابن عباس في قول الله تعالى {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ} قال: غُلِبتْ وغَلَبتْ، كان المشركون يحبون أن يظهر أهل فارس على الروم، لأنهم وإياهم أهل أوثان، وكان المسلمون يحبون أن يظهر الروم على فارس، لأنهم أهل كتاب، فذكروه لأبي بكر، فذكره أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أما إنهم سيغلبون" فذكره أبو بكر لهم فقالوا: اجعل بيننا وبينك أجلا، فإنْ ظَهرْنا كان لنا كذا وكذا، وإنْ ظهرتم كان لكم كذا وكذا، فجعل أجل خمس سنين فلم يظهروا، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم قال:"ألا جعلته إلى دون". قال: أراه العشر، قال أبو سعيد: والبضع ما دون العشر، قال: ثم ظهرت الروم بعد، قال: فذلك قوله تعالى {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ} إلى قوله قال سفيان: سمعت أنهم ظهروا عليهم يوم بدر.
صحيح: رواه الترمذي (3193)، والنسائي في الكبرى (11325)، وأحمد (2495)، والحاكم (2/ 410) كلهم من طريق معاوية بن عمرو بن المهلب الأزدي، حدثنا أبو إسحاق الفزاري، عن
سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي عمرة، عن سعيد بن جبحر، عن ابن عباس فذكره. وإسناده صحيح.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب، إنما نعرفه من حديث سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي عمرة".
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين".
• عن نيار بن مكرم الأسلمي قال: لما نزلت {وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ} فكانت فارس يوم نزلت هذه الآية قاهرين للروم، وكان المسلمون يحبون ظهور الروم عليهم لأنهم وإياهم أهل كتاب وفي ذلك قول الله تعالى {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} فكانت قريش تحب ظهور فارس، لأنهم وإياهم ليسوا بأهل كتاب ولا إيمان ببعث، فلما أنزل الله تعالى هذه الآية، خرج أبو بكر الصديق يصيح في نواحي مكة {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ} قال ناس من قريش لأبي بكر فذلك بينا وبينكم، زعم صاحبكم أن الروم ستغلب فارسا في بضع سنين، أفلا نراهنك على ذلك؟ قال: بلى. وذلك قبل تحريم الرهان، فارتهن أبو بكر والمشركون، وتواضعوا الرهان، وقالوا لأبي بكر: كم تجعل؟ البضع ثلاث سنين إلى تسع سنين، فسمِّ بيننا وبينك وسطا تنتهي إليه، قال: فسمّوا بينهم ست سنين قال: فمضت الست سنين قبل أن يظهروا، فأخذ المشركون رهن أبي بكر، فلما دخلت السنة السابعة ظهرت الروم على فارس، فعاب المسلمون على أبي بكر تسمية ست سنين؛ لأن الله تعالى قال {فِي بِضْعِ سِنِينَ} قال: وأسلم عند ذلك ناس كثير.
حسن: رواه الترمذي (3194) عن محمد بن إسماعيل، حدثنا إسماعيل بن أبي أويس، حدثني ابن أبي الزناد، عن أبي الزناد، عن عروة بن الزبير، عن نيار بن مكرم الأسلمي فذكره.
قال الترمذي: "هذا حديث صحيح حسن غريب من حديث نيار بن مكرم لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن أبي الزناد".
ورواه البيهقي في الأسماء والصفات (510) من وجه آخر عن عبد الرحمن بن أبي الزناد به نحوه، وقال:"هذا إسناد صحيح".
قلت: إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن أبي الزناد فإنه حسن الحديث.
وذكر المفسرون أن الذي راهن أبا بكر هو أبي بن خلف، وأنهم جعلوا الرهان خمس قلائص، فلما خشي أبي بن خلف أن يخرج أبو بكر من مكة أتاه فلزمه وقال: إني أخاف أن تخرج من مكة، فأقم لي كفيلا، فكفل له ابنه عبد الله بن أبي بكر، فلما أراد أبي بن خلف أن يخرج إلى أحد أتاه