الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
15 - تفسير سورة الحجر وهي مكية، وعدد آياتها 99
1 - باب قوله: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2)}
من المشهور أن الكافر يقول ذلك عند ما يرى أن المؤمنين يخرجون من النار بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في الصحيح:
• عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يجمع الله الناس يوم القيامة، فيقولون: لو استشفعنا على ربنا حتى يريحنا من مكاننا، فيأتون آدم، فيقولون: أنت الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، فاشفع لنا عند ربنا، فيقول: لست هناكم، ويذكر خطيئته، ويقول: ائتوا نوحا أول رسول بعثه الله، فيأتونه، فيقول: لست هناكم ويذكر خطيئته، ائتوا إبراهيم الذي اتخذه الله خليلا، فيأتونه، فيقول: لست هناكم ويذكر خطيئته، ائتوا موسى الذي كلمه الله، فيأتونه، فيقول: لست هناكم فيذكر خطيئته، ائتوا عيسى، فيأتونه، فيقول: لست هناكم، ائتوا محمدا صلى الله عليه وسلم، فقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فيأتوني، فأستأذن على ربي، فإذا رأيته وقعت، ساجدا، فيدعني ما شاء الله، ثم يقال لي: ارفع رأسك، سل تعطه، وقل يسمع، واشفع تشفع، فأرفع رأسي، فأحمد ربي بتحميد يعلمني، ثم أشفع فيحد لي حدا، ثم أخرجهم من النار وأدخلهم الجنة، ثم أعود فأقع ساجدا مثله في الثالثة أو الرابعة، حتى ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن". وكان قتادة يقول عند هذا: أي وجب عليه الخلود.
متفق عليه: رواه البخاري في الرقاق (6565)، ومسلم في الإيمان (193) كلاهما من حديث أبي عوانة، عن قتادة، عن أنس بن مالك فذكره.
• عن صالح بن أبي طريف قال: قلت لأبي سعيد الخدري: أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في هذه الآية {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2)} فقال: نعم، سمعته يقول: "يخرج الله أناسا من النار بعد ما يأخذ نقمته منهم. قال: لما أدخلهم الله النار مع المشركين قال المشركون: أليس كنتم تزعمون في الدنيا أنكم أولياء، فما لكم معنا في النار؟ فإذا سمع الله ذلك منهم أذن في الشفاعة، فيتشفع لهم الملائكة
والنبيون حتى يخرجوا بإذن الله، فلما أخرجوا قالوا: يا ليتنا كنا مثلهم، فتدركنا الشفاعة، فنخرج من النار، فذلك قول الله جل وعلا:{رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2)} قال: فيسمون في الجنة الجهنميين من أجل سواد في وجوههم، فيقولون: ربنا اذهب عنا هذا الاسم، قال: فيأمرهم، فيغتلسون في نهر الجنة، فيذهب ذلك منهم".
حسن: رواه ابن حبان (7432) عن محمد بن الحسين بن مكرم قال: حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان بن صالح، حدثنا أبو أسامة، عن أبي روق قال: حدثنا صالح بن أبي طريف قال فذكره.
وإسناده حسن من أجل صالح بن أبي طريف، ذكره ابن حبان في الثقات (4/ 376)، ولم يذكر من الرواة عنه غير أبي روق عطية بن الحارث الهمداني، غير أن حديثه هذا له أصل من حديث أنس، وهو من التابعين، فتحسين هذا الحديث يناسب هذا المقام.
وفي معناه ما روي عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا اجتمع أهل النار في النار، ومعهم من شاء الله من أهل القبلة يقول الكفار: ألم تكونوا مسلمين؟ قالوا: بلى. قالوا: فما أغنى عنكم إسلامكم وقد صرتم معنا في النار؟ قالوا: كانت لنا ذنوب، فأخذنا بها، فيسمع الله ما قالوا، فأمر بمن كان من أهل القبلة، فأخرجوا، فلما رأى ذلك أهل النار قالوا: يا ليتنا كنا مسلمين، فنخرج كما خرجوا". قال: وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (1) رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2)} .
رواه ابن أبي عاصم في السنة (869)، وابن جرير في تفسيره (14/ 8)، والحاكم (2/ 242) كلهم من طريق خالد بن نافع الأشعري، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن أبي موسى فذكره.
وقال الحاكم: "صحيح الإسناد".
قلت: بل ضعيف، فإن خالد بن نافع الأشعري ضعفه أبو زرعة والنسائي، وقال أبو حاتم: ليس بقوي، يكتب حديثه. وقال أبو داود: متروك. قال الذهبي في الميزان: "وهذا تجاوز في الحد، فإن الرجل قد حدث عنه أحمد بن حنبل ومسدد، فلا يستحق الترك". انتهى.
قلت: ويشهد له ما سبق، فلا يستحق الترك، ويحمل هذا الحديث على حديث الشفاعة أيضا.
وكان ابن عباس وأنس بن مالك يفسران هذه الآية {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2)} قالا: ذلك يوم يجمع الله أهل الخطايا من المسلمين والمشركين في النار، فذكر نحو الحديث السابق. رواه ابن جرير في تفسيره.
وروي مثل هذا عن كثير من الصحابة والتابعين، بل قال بعض أهل العلم: إن المشركين لما قالوا للمسلمين: ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون؟ فيغضب الله لهم، فيقول للملائكة والنبيين: اشفعوا فيشفعون، فيخرجون من النار، حتى إن إبليس ليتطاول رجاء أن يخرج منهم، فعند ذلك