الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
31 - تفسير سورة لقمان وهي مكية، وعدد آياتها 34
قوله: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} لقمان اسم رجل صالح حكيم، واشتهر في بلاد العرب والفرس بالحكمة في أقواله وأفعاله، واختلف في أصله فقيل: إنه رجل من أهل الشام كان في عهد داود عليه السلام، وكان قاضيا في بني إسرائيل، وهو من نسل إبراهيم عليه السلام.
وقيل: إنه رجل أسود من سودان مصر وقيل: من الحبشة.
ومن الصعب ترجيح أحد القولين على الآخر.
كما اختلف أهل العلم في كونه حكيما أو نبيا فقال جمهور أهل العلم: إنه كان حكيما لا نبيا لأن القرآن الكريم لم يُشِرْ إلى نبوته.
وكانت حكمتُه معروفة لدى العرب.
فقد ذكر القرطبي في تفسيره (14/ 61) قول وهب بن منبه: "قرأت من حكمة لقمان أرجح من عشرة آلاف باب".
فإن صحّ هذا النقل من وهب بن منبه فيُحمل قوله هذا على المبالغة إذ لا يوجد من أقواله وحكمه في القرآن الكريم وفي كتب الحديث والتفاسر والسير والتاريخ أزيد من مائة حكمة. منها ما ذكر في القرآن الكريم.
ومنها: ما ذكره مالك في الموطأ في كتاب الكلام (17) قال: بلغني أنه قيل للقمان: ما بلغ بك ما ترى؟ يريدون الفضل، فقال: صدقُ الحديث، وأداء الأمانة، وترك ما لا يعنيني.
وذكر أيضا في كتاب العلم (1) قال: بلغني أن لقمان الحكيم أوصى ابنه فقال: يا بنيّ: جالسِ العلماء، وزاحمْهم بركبتك، فإن الله يُحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الله الأرض الميتة بوابل السماء.
ومن حكمه كما ذكره أهل التفسير قوله: يا بني إياك والدَّيْن فإنه ذلّ النهار وهمُّ الليل.
وقوله: من كذبَ ذهبَ ماءُ وجهه، ومن ساء خلقُه كثرَ غمّه.
وقوله: نقل الصخور من مواضعها أيسرُ مِنْ إفهامِ مَنْ لا يفهم.
وقوله: يا بني احضر الجنائزَ، ولا تحضر العرسَ فإن الجنائز تذكّرك الآخرة، والعرس يشهيك الدنيا.
وقوله: يا بني لا تأكل شبعا على شبع فإن إلقاءك إياه للكلب خير من أن تأكله.
وقوله: يا بني لا تكن حلوا فتُبلع، ولا تكن مرًّا فتُلفظ.
وقوله لابنه: لا يأكل طعامك إلا الأتقياء، وشاورْ في أمرك العلماء.
وقوله: يا بني إذا أردتَ أن تواخي رجلا فأغضبه قبل ذلك، فإنْ أنصفك عند غضبه وإلا فاحذرْه.
وقوله: يا بني لا تجالس الفجار، ولا تماشهم، اتق أن ينزل عليهم عذاب من السماء فيصيبك معهم.
وقال: يا بني: جالس العلماء وماشهم عسى أن تنزل عليهم رحمةٌ فتصيبهم معهم.
وقيل: إن لقمان كان يفتي قبل مبعث داود، فلما بعث داود قطع الفتوى، فقيل له: فقال: ألا أكتفي إذا كُفِيتُ.
وقوله: يا بني إذا امتلأت المعدةُ نامت الفكرةُ وخرست الحكمةُ، وقعدت الأعضاء عن العبادة.
وذكرت أقواله الأخرى في كتب التفسير والتاريخ، ولم أقف على مصنف خاص جمع فيه حكمه ومواعظه، فيا ليت أحدٌ قام بهذا العمل.
ومِنْ حِكَمه ما جاء ذكرُه في حديث ابن عمر:
• عن ابن عمر قال: أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن لقمان الحكيم عليه السلام كان يقول: إن الله عز وجل إذا استودع شيئا حفظه".
حسن: رواه أحمد (5605 - 5606)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (517 - 518) كلاهما من طريق سفيان - هو الثوري -، عن نهشل بن مجمع، عن قزعة، عن ابن عمر فذكره.
وإسناده حسن من أجل نهشل بن مجمع فإنه حسن الحديث.
• عن عبد الله بن مسعود، قال: سألت النّبيّ صلى الله عليه وسلم: أيُّ الذّنب أعظمُ عند الله؟ قال: "أن تجعل لله نِدًّا وهو خلقك" قلت: إنّ ذلك لعظيم، قلت: ثم أيُّ؟ قال: "وأن تقتل ولدَك تخاف أن يَطْعمَ معك" قلت: ثم أيُّ؟ قال: "أن تُزاني حليلة جارك".
متفق عليه: رواه البخاريّ في التفسير (4477)، ومسلم في الإيمان (86) كلاهما عن عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن منصور، عن أبي وائل، عن عمرو بن شرحبيل، عن عبد الله، فذكره، ولفظهما سواء.
• عن عبد الله قال: لما نزلتْ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] شقّ ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: أيّنا لا يظلم نفسه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس هو كما تظنون، إنّما هو كما قال لقمان لابنه: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا