الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(
[طواف الوداع واجب] :
= قال في رواية لهما: إني قد أوجبت حجة مع عمرة، فانطلق حتى ابتاع بقديد هديا، ثم طاف لهما طوافا واحدا بالبيت، وبين الصفا والمروة، ثم لم يحل منهما حتى حل منها بحجة يوم النحر - زاد مسلم -، وكان يقول: من جمع بين الحج والعمرة؛ كفاه طواف واحد، ولم يحل حتى يحل منهما جميعا.
فأنت ترى أنه ليس فيه نفي طواف الإفاضة والوداع، بل قصده بيان أن القارن يكتفي أن يطوف لقدومه طوافا واحدا لحجه وعمرته.
نعم؛ في بعض الروايات عنه ما يدل - بظاهره - على ما ذهب إليه الشارح، وهو قوله بعد قول نافع: فطاف بالبيت، وبالصفا والمروة، ولم يزد على ذلك، ولم ينحر، ولم يحلق، ولم يقصر، ولم يحلل من شيء حرم؛ حتى كان يوم النحر؛ فنحر، وحلق، ورأى أن قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول، وقال ابن عمر: كذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولهذا قال الحافظ (4 / 5) : " وهذا ظاهره أنه اكتفى بطواف القدوم عن طواف الإفاضة، وهو مشكل ".
قلت: لكن هذا الظاهر غير مراد من الحديث، والدليل قوله فيه: كذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإنه من المعلوم أنه عليه السلام كان في حجه قارنا، وأنه طاف لذلك طوافا واحدا، ثم طاف طواف الإفاضة، ثم طواف الوداع؛ كما ورد عن جمع من الصحابة؛ منهم ابن عمر نفسه، في " البخاري " (3 / 424 - 426) وغيره. [فإذا حمل] قوله في الحديث: كذلك فعل رسول الله على اكتفائه بطوافه الأول عن ما بعده من الإفاضة والوداع - كما فهم الشارح واستشكله الحافظ -؛ تناقض حديثاه، وذا لا يجوز؛ فوجب حمله على معنى لا يختلف مع حديثه الآخر، وليس هو إلا ما ذكرناه من اكتفائه لقدومه بطواف لحجه وعمرته، لا الاكتفاء به عما بعده من الطواف.
وبعد؛ فإن البحث يحتمل الزيادة، ولكن المجال ضيق، فنكتفي بهذا.
ولا بد من التنبيه على أمرين آخرين:
الأول: أن احتجاج المؤلف بحديث عائشة؛ هو مثل احتجاجه بحديث ابن عمر؛ أعني أن عائشة كانت قارنة، وأيضا فإنها كانت حائضا حين قدمت مكة، فلم تستطع أن تطوف حتى قضت مناسكها كلها؛ كما في " البخاري " وغيره، فلا يقاس بها الرجال، والنساء الطاهرات؛ كما لا يخفى.
والأمر الآخر: أنه قد فاته الدليل على وجوب طواف الزيارة؛ وهو قوله تعالى: {ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق} ؛ وهو طواف الإفاضة؛ كما جزم به الشوكاني في " النيل "، (5 / 61) وكذا ابن كثير وغيره. (ن)
(وإذا فرغ من أعمال الحج طاف للوداع) : لحديث ابن عباس عند مسلم وغيره، قال: كان الناس ينصرفون في كل وجه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا ينفرن أحد؛ حتى يكون آخر عهده بالبيت ".
وفي لفظ للبخاري، ومسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت؛ إلا أنه خفف عن المرأة الحائض.
وفي الباب أحاديث.
وإلى وجوب طواف الوداع: ذهب الجمهور.
وقال مالك، وداود، وابن المنذر: هو سنة، لا شيء في تركه.
قال في " الحجة ": " والسر فيه تعظيم البيت أن يكون هو الأول، وهو الآخر، تصويرا لكونه هو المقصود من السفر، وموافقة لعادتهم في توديع الوفود ملوكها عند النفر ".
وقال في " سبل السلام ": " ثم إنه صلى الله عليه وسلم طاف طواف الوداع ليلا سحرا، ولم يرمل في هذا الطواف، وصلى الفجر بالحرم، وقرأ ب {الطور} ، ثم نادى بالرحيل، فارتحل راجعا إلى المدينة، فلما أتى ذا الحليفة بات بها، فلما رأى المدينة كبر ثلاثا، وقال: " لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، آيبون، تائبون، عابدون، ساجدون، لربنا حامدون، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده "، ثم دخلها نهارا ". انتهى.