الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النساء فطلقوهن لعدتهن} ، وقد تقرر أن الأمر بالشيء نهي عن ضده، والنهي يقتضي الفساد، وقول الله - تعالى -:{فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} ، والمطلق على غير ما أمر الله تعالى به لم يسرح بإحسان.
وقد ذهب إلى عدم الوقوع جماعة من السلف؛ كابن علية (1) ، وإليه ذهب ابن حزم، وابن تيمية، وذهب الجمهور إلى الوقوع.
(
[أقوال العلماء في وقوع الطلاق البدعي وعدمه] :)
(وفي وقوعه) ؛ أقول: هذه المسألة من المعارك التي لا يجول في حافاتها إلا الأبطال، ولا يقف على تحقيق الحق في أبوابها إلا أفراد الرجال، والمقام يضيق عن تحريرها على وجه ينتج المطلوب، فمن رام الوقوف على سرها؛ فعليه بمؤلفات ابن حزم ك " المحلى "، ومؤلفات ابن القيم ك " الهدي ".
وقد جمع السيد العلامة محمد بن إبراهيم الوزير في ذلك مصنفا حافلا، وجمع الإمام الشوكاني رسالة ذكر فيها حاصل ما يحتاج إليه من ذيول المسألة، وقرر ما ألهم الله إليه، وذكر في " شرح المنتقى " أطرافا من ذلك.
وخلاصة ما عول عليه القائلون بوقوع الطلاق البدعي؛ هو اندراجه تحت الآيات العامة، وتصريح ابن عمر بأنها حسبت تلك طلقة.
وأجاب القائلون بعدم الوقوع عنهم؛ بمنع اندراجه تحت العمومات؛ لأنه ليس من الطلاق الذي أذن الله به؛ بل هو من الطلاق الذي أمر الله بخلافه؛
(1) • المتبادر أنه إسماعيل ابن علية؛ من كبار أهل السنة، وليس به؛ بل هو ابنه إبراهيم؛ كما في " الفتح "(9 / 289) ، وكان من فقهاء المعتزلة. (ن)
قال: {فطلقوهن لعدتهن} ، وقال صلى الله عليه وسلم:" مره فليراجعها "، وصح أنه غضب عند أن بلغه ذلك، وهو لا يغضب مما أحله الله.
وأما قول ابن عمر: إنها حسبت؛ فلم يبين من الحاسب لها (1) ؛ بل أخرج عنه أحمد، وأبو داود، والنسائي: أنه طلق امرأته وهي حائض؛ فردها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرها شيئا.
وإسناد هذه الرواية صحيح (2) ، ولم يأت من تكلم عليها بطائل، وهي مصرحة بأن الذي لم يرها شيئا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يعارضها قول ابن عمر؛ لأن الحجة في روايته لا في رأيه.
وأما الرواية بلفظ: " مره فليراجعها، ويعتد بتطليقة "؛ فهذه لو صحت لكانت حجة ظاهرة، ولكنها لم تصح؛ كما جزم به ابن القيم في " الهدي "؛ وقد روي في ذلك روايات في أسانيدها مجاهيل وكذابون، لا تثبت الحجة بشيء منها.
(1) • قلت: هذا ذهول عما رواه البيهقي (7 / 326) ؛ من طريق نافع، عن ابن عمر، أنه طلق امرأته وهي حائض، فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له؟ فجعلها واحدة، وأخرجها الدارقطني (ص 429) ؛ وسندها صحيح.
وقد سبق إلى رد هذه الدعوى الحافظ في " الفتح "، وأفاض في ذكر الروايات في ذلك، فراجعه (9 / 390) .
لكن ابن القيم أبدى في " زاد المعاد "(2 / 67 - 71) أنه يحتمل أن يكون قوله: (فجعلها واحدة) من قول بعض الرواة؛ وهذا غير وارد في رواية البيهقي هذه، لكن من تتبع طرقها؛ يظهر له قوة الاحتمال الذي ذهب إليه ابن القيم رحمه الله، ومع الاحتمال يسقط الاستدلال. (ن)
قلت: انظر ما وصل إليه شيخنا - أخيرا - في هذه المسألة - رواية ودراية - في " إرواء الغليل "(2059) .
(2)
• وقال الحافظ: " على شرط الصحيح ". (ن)