الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وثانيهما: أنه يعتق كله عليه بنفس الإعتاق، ولا يتوقف على أداء القيمة، وذلك لأن إعطاء القيمة والعتق حكمان لمن أعتق شركا له في عبد؛ يردان عليه جميعا، وقال به الشافعي في الجديد.
وقال أبو حنيفة: إن كان المعتق موسرا فالذي لم يعتق بالخيار؛ إن شاء أعتق نصيبه، وإن شاء استسعى العبد في قيمة نصيبه، فإذا أدى عتق، فكان الولاء بينها، وإن شاء ضمن المعتق قيمة نصيبه، ثم شريكه بعد ما ضمن رجع على العبد استسعاه، فإذا أداه عتق؛ وولاؤه كله له.
وقال صاحباه: لا يعتق نصيب الشريك بنفس الإعتاق؛ بل يُستسعى العبد، فإذا أدى قيمة النصف الآخر عتق كله، والولاء بينهما، ومأخذ قولهم حديث أبي هريرة مرفوعا:" من أعتق شقيصا في عبد؛ عتق كله إن كان له مال؛ وإلا يُستسعى غير مشقوق عليه "؛ رواه الشيخان.
قوله: " غير مشقوق عليه "؛ أي: لا يستغلى عليه في الثمن، وتأويل هذا الحديث على قول الشافعي: إن معنى " يستسعى ": يستخدم لسيده الذي لم يعتق إن كان معسرا، ومعنى " غير مشقوق عليه ": أنه لا يحمل من الخدمة فوق ما يلزمه؛ إنما يطالبه بقدر ما له فيه من الرق ". انتهى.
(
[بيان أن الولاء لمن أعتق] :)
(ولا يصح شرط الولاء لغير من أعتق) : لحديث عائشة في " الصحيحين "، وغيرهما: أنها جاءت إليها بريرة تستعينها في كتابتها، ولم تكن قضت من كتابتها شيئا، فقالت لها عائشة: ارجعي إلى أهلك، فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك ويكون ولاؤك لي فعلت، فذكرت بريرة ذلك لأهلها فأبوا، وقالوا: إن شاءت أن
تحتسب عليك فلتفعل؛ ويكون لنا ولاؤك؛ فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ابتاعي فأعتقي؛ فإنما الولاء لمن أعتق "، ثم قام فقال:" ما بال أناس يشترطون شروطا ليست في كتاب الله تعالى؟ ! من اشترط شرطا ليس في كتاب الله؛ فليس له، وإن شرط مئة مرة، شرط الله أحق وأوثق ".
وللحديث طرق وألفاظ.
قال ابن القيم رحمه الله:
" قال شيخنا: الحديث على ظاهره، ولم يأمرها النبي صلى الله عليه وسلم باشتراط الولاء تصحيحا لهذا الشرط، ولا إباحة له، ولكن عقوبة لمشترطه؛ إذ أبى أن يبيع جارية للعتق إلا باشتراط ما يخالف حكم الله - تعالى - وشرعه، فأمرها أن تدخل تحت شرطهم الباطل؛ ليظهر به حكم الله ورسوله في أن الشروط الباطلة لا تغير شرعه، وأن من شرط ما يخالف دينه؛ لم يجبر أن يوفي له بشرطه.
ولا يبطل من البيع به؛ وإن عرف فساد الشرط، وشرطه إلغاء اشتراطه ولم يعتبر، والله تعالى أعلم ".
قلت: وعليه أهل العلم: أن من أعتق عبدا يثبت له عليه الولاء ويرثه به، ولا يثبت الولاء بالحلف والموالاة، وبأن يسلم رجل على يدي رجل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أضاف الولاء إلى المعتق ب (الألف واللام) ، فأوجب ذلك قطعه عن غيره، كما يقال: الدار لزيد، فيه إيجاب الملك فيها لزيد وقطعها عن غيره، وعليه الشافعي.
وقال أبو حنيفة: يثبت الولاء بعقد المولاة.