الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(2 -
باب الربا)
(
[حكمه] :)
قال الله - تعالى -: {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا} ، وقال:{يمحق الله الربا ويربي الصدقات} ، وقال:{وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله} .
واتفق أهل العلم أن الربا من الكبائر، وأنه إذا وقع هذا العقد فهو باطل، ولا يجب إلا رد رأس المال، وإن كان ذو عسرة فحكمه الإنظار إلى الميسرة.
أقول: هذا الحكم يستفاد من كتاب الله - تعالى -، قال عز وجل:{وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم} ، ومفهوم الشرط يدل على جواز أخذ مال المربي مع عدم التوبة، ويستدل بهذه الآية أيضا على جواز أخذ ما ربح المربي من الربا، وهو ما زاد على رأس ماله؛ سواء تاب أو لم يتب.
فالحاصل: أن يجوز أخذ جميع ماله: الربح ورأس المال؛ مع عدم التوبة، ويجوز أخذ الربح فقط معها.
(
[أصول الربويات] :)
(يحرم بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير
بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، إلا مثلا بمثل يدا بيد) ، فإذا اختلفت هذه الأصناف؛ فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد، والستة الأجناس المذكورة هي المنصوص عليها في الأحاديث.
كحديث أبي سعيد بلفظ: " الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح: مثلا بمثل، يدا بيد، فمن زاد أو ازداد فقد أربى (1) ؛ الآخذ والمعطي فيه سواء ".
وهو في " الصحيح "، وسائر الأحاديث في " الصحيحين "، وغيرهما هكذا؛ ليس فيها إلا ذكر الستة الأجناس.
وفي " الحجة البالغة ":
" وتفطن الفقهاء أن الربا المحرم يجري في غير الأعيان الستة المنصوص عليها، وأن الحكم متعد منها إلى كل ملحق بشيء منها ".
(1) • زاد البيهقي (5 / 286) في رواية: " وكل ما يكال أو يوزن "، وفيه حبان بن عبيد الله العدوي أبو زهير؛ قال البيهقي عقب الحديث:" تكلموا فيه "، وتعقبه ابن التركماني بنقول عن الأئمة في توثيقه؛ فإن الحاكم أخرجه، وقال:" صحيح الإسناد "؛ ولم أجده الآن في " المستدرك "؛ ثم وجدته (2 / 42 - 43) .
ويشهد له حديث أبي سعيد، وأبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا على خيبر، فجائهم بتمر جنيب، فقال:" أكل تمر خيبر هكذا؟ "، قال: إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين، أو الصاعين بالثلاثة، فقال:" لا تفعل، بع الجميع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيبا "، وقال في الميزان مثل ذلك؛ رواه البخاري، وكذا الطحاوي في " المشكل "(2 / 122) ، والبيهقي (5 / 585) .
وقال ابن تيمية في " المنتقى ": " وهو حجة في جريان الربا في الموزونات كلها؛ لأنه قوله: " في الميزان "؛ أي: في الموزون؛ وإلا فنفس الميزان من أموال الربا ".
ويشهد له أيضا حديث عبادة، وأنس الآتي في الكتاب، ويأتي بيان ما فيه. (ن)
في " شرح السنة ":
" اتفق العلماء على أن الربا يجري في هذه الأشياء الستة التي نص الحديث عليها.
وذهب عامتهم إلى أن حكم الربا غير مقصور عليها بأعيانها؛ إنما ثبت لأوصاف فيها، ويتعدى إلى كل ما يوجد فيه تلك الأوصاف.
وذهبوا إلى أن الربا ثبت في الدراهم والدنانير بوصف؛ وفي الأشياء الأربعة بوصف آخر.
ثم اختلفوا في ذلك الوصف؛ فقال الشافعي: ثبت في الدراهم والدنانير بوصف النقدية، وقال أبو حنيفة: بعلة الوزن، حتى إن الربا يجري في الحديد والنحاس والقطن.
وقال الشافعي في القديم: ثبت في الأشياء الأربعة بوصف الطعم مع الكيل والوزن؛ كما قال سعيد بن المسيب.
وفي الجديد: ثبت فيها بوصف الطعم فقط، وأثبت في جميع الأشياء المطعومة مثل الثمار، والفواكه، والبقول، والأدوية.
وإنما قال ذلك في الجديد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: " الطعام بالطعام مثلا بمثل "؛ علق الحكم باسم الطعام، فدل على أن مأخذ الاشتقاق علة.
وقال أبو حنيفة: ثبت في الأشياء الأربعة بوصف الكيل؛ حتى إن الربا يجري في الجص والنورة ".