الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وظاهر هاتين الروايتين: أن الطلاق في الطهر المتعقب للحيضة التي وقع الطلاق فيها يكون طلاق سنة لا بدعة، ولكن الرواية الأولى التي فيها:" ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، فتطهر "؛ متضمنة لزيادة يجب العمل بها وهي أيضا في " الصحيحين "، فكانت أرجح من وجهين.
ويدل قوله: " أو حاملا " أن طلاق الحامل للسنة، وأما من كانت صغيرة أو آيسة، أو منقطعا حيضها؛ فالظاهر أنه يكون طلاقها للسنة من غير شرط إلا مجرد إفراد الطلاق.
وأما القول بأنه ليس بسنة ولا بدعة - كما في " البحر " وغيره - ففاسد؛ لأن الأصل عدم عروض ما يمنع من الطلاق المشروع.
(
[حكم الطلاق البدعي] :)
(ويحرم إيقاعه على غير هذه الصفة) ؛ لحديث ابن عمر عند مسلم، وأهل " السنن " وأحمد: أنه طلق امرأته وهي حائض، فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال:" مره فليراجعها، ثم ليطلقها طاهرا، أو حاملا ".
وفي لفظ: أنه قال: ليراجعها، ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، فتطهر، فإن بدا له أن يطلقها؛ فليطلقها قبل أن يمسها، فتلك العدة كما أمر الله ". وهو في " الصحيحين "، وغيرهما.
وفي رواية في " الصحيح ": أنه قرأ النبي صلى الله عليه وسلم: {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن} .
وللحديث ألفاظ.
ووقع الخلاف بين الرواة: هل حُسبت تلك الطلقة أم لا؟ ورواية عدم الحسبان لها أرجح، وقد أوضح الماتن هذه المسألة في " شرح المنتقى "(1) ، وفي رسالة مستقلة، والخلاف طويل، والأدلة كثيرة، والراجح عدم وقوع البدعي لما ذكره هنالك (2) .
وقد روى سعيد بن منصور من طريق عبد الله بن مالك، عن ابن عمر، أنه طلق امرأته وهي حائض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ليس ذلك بشيء ".
وقد روى ابن حزم في " المحلى " بسنده المتصل إلى ابن عمر: أنه قال في الرجل يطلق امرأته وهي حائض: لا يعتد بذلك؛ وإسناده صحيح.
وقد تابع أبا الزبير - الراوي لعدم الحسبان لتطليقة ابن عمر المذكورة في الحديث -: أربعة: عبد الله بن عمر العمري، ومحمد بن عبد العزيز بن أبي رواد، ويحيى بن سليم، وإبراهيم بن أبي حسنة.
ولو لم يكن في المقام إلا قول الله عز وجل: {يا أيها النبي إذا طلقتم
(1) • (6 / 191 - 193) . (ن)
(2)
يؤيد هذا: أن الأصل في عقد النكاح البقاء والاستمرار، وهو عقد بين اثنين: هما الزوجان، والأصل في العقود أن فسخها كابتدائها؛ يجب فيه رضا العاقدين، وأباح الشارع الطلاق من أحد طرفي العقد وحده؛ وهو الزوج؛ على غير القياس في فسخ العقود أو إلغائها، فيجب الاقتصار على ما ورد عنه، والوقوف عند الحد الذي أباحه، فكل صفة للطلاق غير الصفة التي أذن بها الشارع؛ لا أثر لها في العقد، ولا يجوز قياس الممنوع على الجائز، كما لا يجوز قياس أحد طرفي العقد على الآخر؛ فإن الزوجة لا يجوز لها أن تطلق نفسها؛ إلا إذا فوض الزوج ذلك إليها وتلقته عنه، وهذه إشارة إلى بحث ممتع طويل؛ لعلنا نوفق إلى كتابته في مجال أوسع من هذا؛ إن شاء الله. (ش)