الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك أمرا} ؛ فأي أمر يحدث بعد الثلاث؟ !
وقد ذهب إلى عدم وجوب النفقة والسكنى للبائنة: أحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وداود، وأتباعهم، وحكاه في " البحر " عن ابن عباس، والحسن البصري، وعطاء، والشعبي، وابن أبي ليلى، والأوزاعي، والإمامية.
وذهب الجمهور إلى أنه لا نفقة لها، ولها السكنى؛ لقوله - تعالى -:{أسكنوهن من حيث سكنتم من وُجْدكم} .
وقد تقدم ما يدل على أنها في الرجعية.
وذهب عمر بن الخطاب، وعمر بن عبد العزيز، والثوري، وأهل الكوفة إلى وجوب النفقة والسكنى.
(
[لا نفقة للمعتدة من وفاة إلا أن تكون حاملا] :)
(ولا في عدة الوفاة؛ فلا نفقة ولا سكنى؛ إلا أن تكونا حاملتين) ؛ لعدم وجود دليل يدل على ذلك في غير الحامل، ولا سيما بعد قوله صلى الله عليه وسلم:
" إنما النفقة والسكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها الرجعة، فإذا لم يكن عليها رجعة؛ فلا نفقة ولا سكنى ".
ويؤيده - أيضا - تعليل الآية المتقدمة بقوله - تعالى -: {لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا) ؛ وهو الرجعة، ولم يبق في عدة الوفاة ذلك الأمر.
ويفيده - أيضا - مفهوم الشرط في قوله - تعالى -: {وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن} ، وهي أيضا تدل على وجوب النفقة للحامل؛ سواء كانت في عدة الرجعي، أو البائن، أو الوفاة.
وكذلك يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس: " لا نفقة لك؛ إلا أن تكوني حاملا ".
وقد روى البيهقي، عن جابر يرفعه - في الحامل المتوفى عنها - قال:" لا نفقة لها ".
قال ابن حجر: ورجاله ثقات؛ لكنه قال: المحفوظ وقفه.
فلو صح رفعه لكان نصا في محل النزاع.
وينبغي أن يقيد عدم وجوب السكنى لمن في عدة الوفاة؛ بما تقدم في وجوب اعتدادها في البيت الذي بلغها موت زوجها وهي فيه؛ فإن ذلك يفيد أنها إذا كانت في بيت الزوج بقيت فيه حتى تنقضي العدة، ويكون ذلك جمعا بين الأدلة؛ من باب تقييد المطلق أو تخصيص العام؛ فلا إشكال.
قال في " المسوى ":
" اختلف أهل العلم في السكنى للمعتدة عن الوفاة؛ فقال أبو حنيفة: لا سكنى لها؛ بل تعتد حيث شاءت، وقال مالك: لها السكنى، وللشافعي قولان كالمذهبين، ومنشأ ذلك تردده في تأويل حديث فريعة، فرأى مرة أن إذنه لها في الخروج حكم، وقوله: " امكثي في بيتك " استحباب، ورأى مرة أخرى أن إذنه صار منسوخا بقوله آخرا: " امكثي في بيتك ".
أقول: يحتمل أن يكون إذنه لها من حيث إنها ذكرت أن زوجها لم يتركها في مسكن يملكه ". انتهى.
أقول: الحق؛ أن المتوفى عنها زوجها لا تستحق - في عدة الوفاة - لا نفقة ولا سكنى؛ سواء كانت حاملا أو حائلا؛ لزوال سبب النفقة بالموت، واختصاص آية السكنى بالمطلقة رجعيا، واختصاص آية إنفاق الحامل بالمطلقة كما تقدم.
فإذا مات وهي في بيته؛ اعتدت فيه؛ لا لأن لها السكنى؛ بل لوجوب الاعتداد عليها في البيت الذي مات وهي فيه.
مع أن في حديث الفريعة؛ أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: إن زوجها لم يتركها في منزل يملكه، فأمرها أن تعتد في ذلك المنزل الذي بلغها نعي زوجها وهي فيه، وهو غير مملوك له.
وبهذا يتضح أن ذلك لا يستلزم وجوب السكنى من تركة الميت؛ بل هو أمر تعبد الله به المرأة، فإن كان المنزل ملكها فذاك، وإن كان ملك غيرها وجب عليها تسليم الأجرة مع الطلب؛ سواء كان ملكا لورثة الزوج أو لغيرهم.
وعلى هذا يحمل قوله - تعالى -: {غير إخراج} ، وقوله:{ولا يخرجن} ، وقوله:{ولا تخرجوهن} .
فتقرر بمجموع ما ذكر؛ أن المتوفى عنها مطلقا كالمطلقة بائنا - إذا لم تكن المطلقة بائنا حاملا - في عدم وجوب النفقة والسكنى، فإن كانت المطلقة بائنا حاملا فلها النفقة ولا سكنى لها.