الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأفاد الحديثان أن هذه اللفظة تكون طلاقا مع القصد، ولا تكون طلاقا مع عدمه.
(
[حكم الطلاق بالتخيير] :)
(و) يقع الطلاق (بالتخيير إذا اختارت الفرقة) ؛ لقوله - تعالى -: {يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا} الآية، {وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة} الآية.
وقد ثبت في " الصحيحين "، وغيرهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا نساءه لما نزلت الآية، فخيرهن.
وثبت في " الصحيحين "، وغيرهما، عن عائشة قالت: خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاخترناه، فلم يعدها شيئا.
وفي المسألة خلاف، وهذا هو الحق، وبه قال الجمهور.
(
[حكم الطلاق بالتوكيل] :)
(وإذا جعله الزوج إلى غيره وقع منه) ؛ لأنه توكيل بالإيقاع، وقد تقرر جواز التوكيل من غير فرق بين الطلاق وغيره، فلا يخرج من ذلك إلا ما خصه دليل، وقد سئل أبو هريرة، وابن عباس، وعمرو بن العاص عن رجل جعل أمر امرأته بيد أبيه؟ فأجازوا طلاقه؛ كما أخرجه أبو بكر البرقاني في " كتابه " المخرج على " الصحيحين ".
(
[حكم الطلاق بلفظ التحريم] :)
(ولا يقع بالتحريم) ؛ لما في " الصحيحين "، عن ابن عباس، قال:
إذا حرم الرجل امرأته؛ فهي يمين يكفرها، وقال:{لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} .
وأخرج عنه النسائي: أنه أتاه رجل فقال: إني جعلت امرأتي علي حراما؟ فقال: كذبت؛ ليست عليك بحرام، ثم تلا هذه الآية:{يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك} ، عليك أغلظ الكفارة: عتق رقبة.
وأخرج النسائي أيضا بإسناد صحيح، عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له أمة يطؤها، فلم تزل به عائشة وحفصة، حتى حرمها على نفسه، فأنزل الله عز وجل:{يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك} الآية.
وفي الباب روايات عن جماعة من الصحابة في تفسير الآية بمثل ما ذكر.
وفي هذه المسألة مذاهب؛ قد ذكر الحافظ ابن القيم منها ثلاثة عشر مذهبا، وقال: إنها تزيد على عشرين مذهبا، والذي أرجحه منها: هو أن التحريم ليس من صرائح الطلاق، ولا من كناياته، بل هو يمين من الأيمان كما سماه الله عز وجل في كتابه، فقال:{يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم} ، فهذه الآية مصرحة بأن التحريم يمين؛ والسبب وإن كان خاصا - وهو العسل الذي حرمه على نفسه، أو الأمة التي كان يطؤها -؛ فلا اعتبار بخصوص السبب؛ فإن لفظ {ما أحل الله لك} عام، وعلى فرض عدم العموم؛ فلا فرق بين الأعيان التي هي حلال.