الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقد يكون في حقه مكروها؛ إذا كان يخشى الاشتغال عن الطاعات؛ من طلب العلم أو غيره مما يحتاج إليه أهله، أو كانت المرأة تتضرر بترك الجماع من دون أن تقدم على المعصية، وأما إذا كان في غنية، بحيث لا يشتغل عن الطاعات، وكانت المرأة لا تتضرر بترك الجماع، ولا يحصل له بالنكاح نفع فيما يرجع إلى الباءة؛ فالظاهر أنه مباح، وإن لم يأت من الأدلة ما يقتضي هذه التفاصيل، فثم أدلة أخرى تقتضيها، وقواعد كلية؛ ولو قيل: إنه لا يكون في تلك الصورة مباحا؛ بل مكروها - لما ورد في العزبة والعزلة آخر الزمان -؛ لم يكن بعيدا من الصواب.
(
[الصفات التي ينبغي توفرها في الزوجة] :)
(وينبغي أن تكون المرأة ودودا) ، لأن تواد الزوجين به تتم المصلحة المنزلية، وكثرة النسل بها تتم المصلحة المدنية والملية.
وود المرأة لزوجها دال على صحة مزاجها، وقوة طبيعتها، مانع لها من أن يطمح بصرها إلى غيره، باعث على تجملها بالامتشاط وغير ذلك، وفيه تحصين فرجه ونظره.
(ولودا) ؛ لحديث أنس عند أحمد (1) وابن حبان - وصححه -: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" تزوجوا الودود الولود؛ فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة ".
وأخرج نحوه أحمد من حديث ابن عمر، وفي إسناده جرير بن عبد الله
(1) • في " المسند "(3 / 158 - 245) ؛ وسنده حسن. (ن)
العامري، وقد وثق، وفيه ضعف.
وأخرج نحوه أبو داود (1) ، والنسائي، وابن حبان، من حديث معقل بن يسار.
(بكرا) : لما في " الصحيحين " وغيرهما من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:
" تزوجت بكرا أم ثيبا؟ "، قال: ثيبا. قال: " فهلا تزوجت بكرا تلاعبها وتلاعبك؟ ! ".
(ذات جمال) ؛ فإن الطبيعة البشرية راغبة في الجمال، وكثير من الناس تغلب عليهم الطبيعة.
والجمال وما يشبهه من الشباب مقصد من غلب عليه حجاب الطبيعة.
(وحسب) ؛ يعني: مفاخر آباء المرأة؛ فإن التزوج في الأشراف شرف وجاه.
(ودين) ؛ أي: عفة عن المعاصي، وبعدها عن الريب، وتقربها إلى بارئها بالطاعات.
والدين مقصد من تهذب بالفطرة؛ فأحب أن تعاونه امرأته في دينه، ورغب في صحبة أهل الخير.
(ومال) ؛ بأن يرغب في المال، ويرجى مواساتها معه في مالها، وأن يكون أولاده أغنياء؛ لما يجدون من قبل أمهم.
(1) • وكذا الحاكم (2 / 162) - وصححه -، ووافقه الذهبي؛ وهو كما قالا. (ن)
والمال والجاه مقصد من غلب عليه حجاب الرسم.
ووجهه ما في " الصحيحين "، من حديث أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:
" تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها؛ فاظفر بذات الدين تربت يداك ".
وفي " صحيح مسلم " وغيره، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إن المرأة تنكح على دينها، ومالها، وجمالها؛ فعليك بذات الدين تربت يداك ".
قال في " الحجة ":
" قال صلى الله عليه وسلم: " خير النساء اللاتي ركبن الإبل؛ نساء قريش؛ أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده " (1) .
أقول: يستحب أن تكون المرأة من كورة وقبيلة؛ عادات نسائها صالحة؛ فإن الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، وعادات القوم ورسومهم غالبة على الإنسان، وبمنزلة الأمر المجبول هو عليه.
وبين أن نساء قريش خير النساء؛ من جهة أنهن أحنى إنسان على ولد في صغره، وأرعاه على الزوج في ماله ورقيقه، ونحو ذلك.
وهذان من أعظم مقاصد النكاح، وبهما انتظام تدبير المنزل، وإن أنت فتشت حال الناس اليوم في بلادنا، وبلاد ما وراء النهر وغيرها؛ لم تجد أرسخ
(1) • متفق عليه؛ وقد خرجته في " معجم الحديث ". (ن)