الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ورجاله ثقات؛ إلا أنه أعل بالإرسال (1) .
وأخرج الطحاوي له شاهدا من حديث جابر بإسناد لا بأس به (2) .
(
[القسمة تبطل الشفعة] :)
(فإذا وقعت القسمة فلا شفعة) ؛ لما في هذه الأحاديث من التصريح بأنها في الشيء الذي لم يقسم، ثم فسر القسمة بقوله:" فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق؛ فلا شفعة ".
فالأحاديث الواردة في مطلق شفعة الجار - كأحاديث: " الجار أحق بسقبه (3) "، وهي ثابتة في " الصحيحين " وغيرهما -؛ مقيدة بعدم القسمة؛ لأن الجار - كما يصدق على الملاصق -؛ يصدق على المخالط.
وأما تقييد شفعة الجار باتحاد الطريق - كما في حديث جابر عند أحمد،
(1) • قال البيهقي (6 / 109) : " والصواب مرسل "؛ ثم ساقه بإسناد آخر عن ابن عباس؛ وضعفه.
(2)
• هذا اختصار مخل {فالذي في " الفتح " - وعنه نقله الشوكاني (5 / 281) ، ثم الشارح -: " بإسناد لا بأس برواته "}
وفرق بين هذا وبين ما ذكره الشارح؛ فإنه أوهم أن إسناده لا بأس به، والحافظ صرح بأنه لا بأس في رواته، وهذا لا يستلزم نفي البأس عن السند؛ كما لا يخفى على المدقق؛ فإنه مع ثقة رواته؛ قد يكون فيه علة لا تمنع البأس عنه، وهذا هو الواقع في سند هذا الحديث؛ فإنه مع ثقة رجاله؛ فإن فيه عنعنة ابن جريج؛ فتأمل! (ن)
(3)
• السقب - بفتح القاف -: القرب، وفيه لغتان: السين والصاد.
قال في " النهاية ": " ويحتمل أن يكون أراد أنه أحق بالبر والمعونة بسبب قربه من جاره ".
وهذا الاحتمال أظهر عندي في معنى الحديث. (ش)
وأبي داود، وابن ماجه، والترمذي - وحسنه -، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " الجار أحق بشفعة جاره؛ ينتظر بها إن كان غائبا؛ إذا كان طريقهما واحدا " -؛ فهذا الحديث يؤيد ما قلناه من أنه لا شفعة إلا للخليط؛ لأن الطريق إذا كانت واحدة؛ فالخلطة كائنة فيها، ولم تقع القسمة الموجبة لبطلان الشفعة؛ لعدم تصريف الطرق.
فالحق: أن سبب الشفعة هو واحد فقط، وهو الشركة قبل القسمة؛ والخلطة الكائنة بين الشريكين في المشترك بينهما، أو في طريقه، أو في مجاريه، أو منبعه، فما قيل من أن من أسبابها الاشتراك في الطريق، والاشتراك في قرار النهر أو مجاري الماء؛ هو راجع إلى السبب الذي ذكرناه؛ لأن الاشتراك في طريق الشيء، أو في سواقيه؛ هو اشتراك في بعض ذلك الشيء.
والحاصل: أن هذه الأحاديث مخصصة لذلك العموم؛ لأن الظاهر من قوله: " فلا شفعة "؛ أن القسمة مانعة من ثبوت الشفعة؛ سواء كانت القسمة بين المشتري والشفيع، أو متقدمة؛ كما تفيده النكرة الواقعة في سياق النفي.
وقد حقق الماتن المقام في رسالة مستقلة؛ أورد فيها جميع ما ورد في الشفعة من الأدلة، وجمع بينها جمعا نفيسا، فليرجع إليها (1) .
(1) • قلت: لكن يعكر على حصر السبب بالشركة فقط؛ حديث الشريد بن سويد، قال: قلت: يا رسول الله! أرض - ليس فيها لأحد قسم ولا شرك إلا الجوار - بيعت؟ قال: " الجار أحق بسقبه "؛ أخرجه الطحاوي (2 / 267) بسند صحيح.
وقد جمع بينه وبين الأحاديث المتقدمة: الشوكاني (5 / 282) بتقييده بحديث جابر المتقدم بلفظ: " إذا كان طريقهما واحدا "؛ قال: " فإنه يدل على أن الجوار لا يكون مقتضيا للشفعة؛ إلا مع اتحاد الطريق لا بمجرده ".
وهذا أعدل الأقوال؛ كما قال ابن القيم في " التهذيب "(5 / 167) . (ن)
وقد حكى في " البحر " عن علي، وعثمان، وعمر، وسعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وعمر بن عبد العزيز، وربيعة ومالك، والشافعي، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وعبيد الله بن الحسن، والإمامية: أن الشفعة لا تثبت إلا بالخلطة.
وحكي عن أبي حنيفة، وأصحابه، والثوري، وابن أبي ليلى، وابن سيرين: أن الشفعة تثبت بالجوار، واستدلوا بالأحاديث الواردة في شفعة الجار.
قال في " شرح السنة ":
" اتفق أهل العلم على ثبوت الشفعة للشريك في الربع (1) المنقسم؛ إذا باع أحد الشركاء نصيبه قبل القسمة؛ فللباقين أخذه بالشفعة بمثل الثمن الذي وقع عليه البيع، وإن باع بشيء متقوم من ثوب أو عبد؛ فليأخذ بقيمته.
واختلفوا في ثبوت الشفعة للجار:
قال الشافعي: لا شفعة للجار.
وذهب أبو حنيفة إلى ثبوت الشفعة للجار.
وفي " المنهاج ": " وكل ما لو قسم بطلت منفعته - كحمام ورحى -؛ لا شفعة فيه في الأصح (2) ".
(1) • هو المنزل ودار الإقامة، وربع القوم محلتهم، والرباع جمعه. (ن)
(2)
• الظاهر أن الصواب؛ له حق الشفعة في هذه الصورة أيضا، بل هو أولى؛ لأن دخول شريك جديد مع الشريك القديم مدعاة لإيجاد خلاف بينهما؛ الأمر الذي تضع الشريعة الذرائع في سبيله، وهذا يقتضي إبقاء حق الشفعة له؛ فتأمل! (ن)