الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(3 -
[الأخذ من الشعر والبشرة إلا لعذر] :)
(ولا يأخذ من شعره وبشره إلا لعذر) : لحديث كعب بن عجرة في " الصحيحين " وغيرهما، قال: كان بي أذى من رأسي، فحُملت إلى النبي صلى الله عليه وسلم والقمل بتناثر على وجهي، فقال:" ما كنت أرى أن الجهد قد بلغ منك ما أرى! أتجد شاة؟ "، قلت: لا، فنزلت الآية {ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} ، قال:" هو صوم ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين - نصف صاع -؛ طعاما لكل مسكين ".
وقد تقدم الكلام على إزالة التفث؛ فليراجع.
(4 -
[الجدال والرفث والفسق] :)
(ولا يرفث ولا يفسق ولا يجادل) : لنص القرآن الكريم: {فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج} ؛ وهذه الأمور لا تحل للحلال، ولكنها مع الإحرام أغلظ.
وأخرج الشيخان من حديث أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من حج ولم يرفث ولم يفسق؛ رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه ".
قال الحافظ المنذري: الرفث يطلق ويراد به الجماع، ويطلق ويراد به الفحشاء، ويطلق ويراد به خطاب الرجل المرأة فيما يتعلق به الجماع.
وقد نُقل [أن] معنى هذا الحديث كل واحد من هذه الثلاثة عن جماعة من العلماء.
قلت: فيحرم الجميع.
وقال مالك: الرفث إصابة النساء، والله - تعالى - أعلم؛ قال الله - تعالى -:{أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} .
والفسوق الذبح للأنصاب، والله - تعالى - أعلم؛ قال - تعالى:{أو فسقا أهل لغير الله به} .
والجدال في الحج: أن قريشا كانت تقف عند المشعر الحرام بالمزدلفة بقُزح (1) ، وكانت العرب وغيرهم يقفون بعرفة، فكانوا يتجادلون، يقول هؤلاء: نحن أصوب، ويقول هؤلاء: نحن أصوب، فقال الله - تعالى -:{لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه فلا ينازعنك في الأمر وادع إلى ربك إنك لعلى هدى مستقيم} ؛ فهذا الجدال في الحج، فيما نُرى، والله - تعالى - أعلم.
وأما فساد الحج بالجماع قبل الوقوف بعرفة: فإن كان الدليل (2) على هذا
(1) بضم القاف وفتح الزاي: هو القرن الذي يقف عنده الإمام بالمزدلفة، ولا ينصرف - للعدل والعلمية؛ كعمر -؛ قاله في " النهاية ". (ش)
(2)
• قلت: قد نقل الحافظ في " الفتح "(4 / 42) الإجماع على إفساد الحج والعمرة بالجماع، وسبقه إلى ذلك ابن حزم في " مراتب الإجماع "(ص 42) ، وقيده بأن يكون ذاكرا؛ ما لم يقدم المعتمر مكة، ولم يأت وقت الوقوف بعرفة للحاج.
ولم يتعقبه شيخ الإسلام بشيء؛ فالظاهر صحة هذا الإجماع، فإذا صح؛ فهو الدليل على الفاسد، والله أعلم.
وذكر ابن تيمية في رسالة " الصيام "(ص 28) أنه لا يبطل بفعل شيء من المحظورات؛ لا ناسيا ولا مخطئا؛ لا الجماع ولا غيره؛ قال: " وهو أظهر قولي الشافعي ". (ن)
الفساد أقوال الصحابة؛ فمع كون الروايات عنهم إنما هي بطريق البلاغ - كما ذكره مالك في " الموطإ "، وليس ذلك بحجة لو كان في المرفوع فضلا عن الموقوف -: فقد عرفت غير مرة أن قول الصحابي ليس بحجة؛ إنما الحجة في إجماعهم عند من يقول بحجية الإجماع.
وأما الاستدلال على ذلك بما أخرجه أبو داود في " المراسيل " بإسناد رجاله ثقات: أن رجلا جامع امرأته وهما محرمان، فسألا النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال:" اقضيا نسككما، واهديا هديا ": فالمرسل لا حجة فيه على ما هو الحق (1) .
وأما الاستدلال بقوله - تعالى -: {فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج} : فعلى تسليم أن الرفث هو الجماع؛ غاية ما يدل عليه المنع منه، لا أنه يفسد الحج، وإلا لزم في الجدال أنه يفسد الحج؛ ولا قائل بذلك (2) .
والمروي في هذا الحديث المرسل هو إيجاب الهدي عليهما، والهدي يصدق على الشاة والبقرة والبدنة، ولا وجه لإيجاب أشد ما يطلق عليه اسم الهدي.
ولا حجة فيما رواه في " الموطإ " عن ابن عباس: أنه سئل عن رجل واقع أهله وهو بمنى قبل أن يفيض؟ فأمره أن ينحر بدنة؛ ولا يصح تقييد المطلق به ولا تفسير المجمل.
(1) انظر " المراسيل "(ص 148 - 149) لأبي داود، وتعليق محققه عليه.
(2)
• لعل مستنده في ذلك قول ابن حزم في " المراتب "(ص 43) : " واتفقوا أنه من جادل في الحج؛ أن حجه لا يبطل، ولا إحرامه "، ولكن ابن حزم رحمه الله خالف هذا الإجماع الذي نقله هو في كتابه " المحلى "، حيث قال فيه (7 / 196) :
" والجدال بالباطل وفي الباطل؛ عمدا ذاكرا لإحرامه؛ مبطل لإحرامه وللحج؛ لقوله تعالى: {فلا رفث} الآية ". (ن)