الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(
[جواز كراء الأرض بأجرة معلومة] :)
(ومن ذلك الأرض لا بشطر ما يخرج منها) ؛ لأن أحاديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج من تمر أو زرع - وإن كانت ثابتة في " الصحيحين " وغيرهما -؛ فهي منسوخة بمثل حديث رافع - المتقدم -، (1) وما ورد في معناه.
وفي المسألة مذاهب متنوعة، وأدلة مختلفة، واجتهادات مضطربة، قد أوضحها الماتن في " شرح المنتقى "، وفي رسالة مستقلة، وذكرتها في " مسك الختام ".
ومن أصرح أحاديث النهي: حديث جابر - عند مسلم وغيره -، قال: كنا نخابر (2) على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنصيب من القصري (3) ومن كذا ومن كذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" من كانت له أرض؛ فليزرعها أو ليحرثها أخاه؛ وإلا فليدعها ".
(1) • قلت: حديث رافع لا يدل على النسخ مطلقا؛ لأنه وارد فيمن أكرى أرضا على أن له ما يخرج من قطعة معينة منها، ولا يخفى ما في هذه المعاملة من الغرر؛ بخلاف المزارعة على قسم مسمى مما يخرج من جميعها، فهذا مما لا غرر فيه البتة، فكيف ينسخ هذا بما فيه غرر؟
وما الفرق بين إيجار الأرض بأجرة معلومة من النقدين، أو مما يخرج منها جميعها؟ ! (ن)
(2)
• قد جاء بيان هذه المخابرة في رواية عن رافع بن خديج، قال: إنما كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بما على الماذيانات، وأقبال الجداول، وأشياء من الزرع، فيهلك هذا ويسلم هذا، ويسلم هذا ويهلك هذا، ولم يكن للناس كرى إلا هذا، فلذلك زجر عنه، فأما شيء معلوم مضمون؛ فلا بأس به؛ رواه مسلم وغيره. (ن)
(3)
قوله: " القصري ": قال النووي في " شرح مسلم ": " هو بقاف مكسورة، ثم صاد مهملة ساكنة، ثم راء مكسورة، ثم ياء مشددة؛ على وزن (القبطي) ؛ هكذا ضبطناه، وكذا ضبطه الجمهور؛ وهو المشهور.
قال القاضي: هكذا رويناه عن أكثرهم.
وعن الطبري: بفتح القاف والراء مقصور.
وعن ابن الخزاعي: ضم القاف مقصور.
قال: والصواب الأول، وهو ما بقي من الحب في السنبل بعد الدياس ". اه.
وفي حديث سعد بن أبي وقاص: أنه نهاهم أن يكروا بذلك، وقال:" أكروا بالذهب والفضة "؛ أخرجه أحمد، وأبو داود، والنسائي، ورجاله ثقات (1) .
وفي " الصحيحين " من حديث أبي هريرة نحو حديث جابر.
وفي " الحجة البالغة ":
" اختلف الرواة في حديث رافع اختلافا فاحشا، وكان زيادة وجوه التابعين يتعاملون بالمزارعة، ويدل على الجواز حديث معاملة أهل خيبر.
وأحاديث النهي عنها محمولة على الإجارة بما على الماذيانات، أو قطعة معينة، وهو قول رافع (2) ، أو على التنزيه والإرشاد، وهو قول ابن عباس (3) ،
(1) • كذا {وقد نقل هذا الشوكاني (5 / 236) عن الحافظ؛ لكن مع الاستثناء الآتي: " إلا أن محمد بن عكرمة المخزومي لم يرو عنه إلا إبراهيم بن سعد ".
وكذا قال الذهبي في " الميزان "، وذكره ابن حبان في " الثقات "، وقال في " التقريب ":" مقبول ". (ن)
(2)
• انظر التعليق المتقدم (رقم 1) من الصفحة السابقة. (ن)
(3)
• قال المجد ابن تيمية: " وما ورد من النهي المطلق عن المخابرة والمزارعة؛ يحمل على ما فيه مفسدة، كما بينته هذه الأحاديث، أو يحمل على اجتنابها ندبا واستحبابا؛ فقد جاء ما يدل على ذلك: فروى عمرو بن دينار، قال: قلت لطاوس: لو تركت المخابرة؛ فإنهم يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنها؟ فقال: إن أعلمهم - يعني: ابن عباس - أخبرني؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينه عنها، وقال: " لأن يمنح أحدكم أخاه؛ خير له من أن يأخذ خراجا معلوما "؛ رواه أحمد، والبخاري ".
قال الشوكاني في " النيل "(5 / 237) : " وهذا كلام حسن، ولا بد من المصير إليه للجمع بين الأحاديث المختلفة، وهذا الذي رجحناه فيما سلف ".
قلت: يعني (ص 234 - 235) من " النيل "، وقد صرح هناك بأنه لا سبيل إلى جعل ما فعله صلى الله عليه وسلم في خيبر منسوخا؛ لموته وهو مستمر على ذلك، وتقريره لجماعة من الصحابة عليه.
وهذا هو الحق، ومنه يتبين لك أن قوله في " المتن ": "
…
لا بشطر ما يخرج منها "؛ غير صواب؛ فتأمل} (ن)