الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في ذلك حديث ابن عباس - عند البخاري، وغيره -، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" العائد في هبته كالعائد يعود في قيئه "؛ وهو في " مسلم " أيضا.
وفي لفظ للبخاري: " ليس لنا مثل السوء ".
وأخرج أحمد (1) ، وأهل " السنن " - وصححه الترمذي، وابن حبان، والحاكم - من حديث ابن عمر، وابن عباس، رفعاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال:
" لا يحل للرجل أن يعطي العطية فيرجع فيها؛ إلا الوالد فيما يعطي ولده، ومثل الرجل يعطي العطية ثم يرجع فيها؛ كمثل الكلب؛ أكل حتى إذا شبع قاء، ثم رجع في قيئه ".
وقد دل قوله: " لا يحل " على تحريم الرجوع من غير نظر إلى التمثيل الذي وقع الخلاف فيه؛ هل يدل على الكراهة أو التحريم؟ !
وقد ذهب إلى التحريم جمهور العلماء؛ إلا هبة الوالد لولده؛ كذا قال في " الفتح ".
(
[تجب التسوية بالهدايا بين الأولاد] :)
(وتجب التسوية بين الأولاد) ؛ لحديث جابر - عند مسلم وغيره -، قال: قالت امرأة بشير: انحل ابني غلاما وأشهد لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن ابنة فلان سألتني أن أنحل ابنها غلامي، فقال: " له
(1) • في " المسند "(رقم 2119، 4810) ؛ من طريق عمرو بن شعيب، عن طاوس، عنهما؛ وسنده صحيح؛ وكذلك رواه أبو داود (2 / 109) . (ن)
إخوة؟ "، قال: نعم، قال: " فكلهم أعطيت مثل ما أعطيته؟ "، قال: لا، قال: " فليس يصلح هذا؛ وإني لا أشهد إلا على حق ".
وفي لفظ لأحمد من حديث النعمان بن بشير: " لا تشهدني على جور؛ إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم "(1) .
وفي " الصحيحين " من حديثه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: " أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ "، فقال: لا، فقال:" فأرجعه ".
وفي لفظ لمسلم من حديثه: " اتقوا الله واعدلوا في أولادكم "، فرجع أبي في تلك الصدقة.
وكذا في " البخاري "؛ ولكنه بلفظ: " العطية ".
وأخرج أحمد، وأبو داود، والنسائي من حديثه، قال: قال صلى الله عليه وسلم: " اعدلوا بين أبنائكم، اعدلوا بين أبنائكم، اعدلوا بين أبنائكم ".
وأخرج الطبراني، والبيهقي (2)، وسعيد بن منصور من حديث ابن عباس؛ بلفظ:" سووا بين أولادكم في العطية، ولو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء "، وفي إسناده سعيد بن يوسف؛ وفيه ضعف، وقد حسن في " الفتح " إسناده.
(1) ضعيف بهذا اللفظ؛ وانظر " غاية المرام " رقم (274) .
(2)
• أخرجه (6 / 177) ؛ من طريق سعيد بن منصور: ثنا إسماعيل بن عياش، عن سعيد بن يوسف، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس.
وسعيد بن يوسف؛ قال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف ". (ن)
وهذه الأحاديث تدل على وجوب التسوية، وأن التفضيل باطل جور يجب على فاعله استرجاعه، وبه قال طاوس، والثوري، وأحمد، وإسحاق، وبعض المالكية.
وذهب الجمهور إلى أن التسوية مستحبة فقط، وأجابوا عن الأحاديث بما لا ينبغي الالتفات إليه.
والحاصل: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر بالتسوية بين الأولاد، وقد تولى الله - سبحانه - كيفية ذلك في محكم كتابه، وسمى التفضيل جورا، فمن زعم أنه يجوز التفضيل لسبب من الأسباب - كالبر ونحوه -؛ فعليه الدليل، ولا ينفعه المجيء بما هو أعم من هذا الحديث المقتضي للأمر بالتسوية.
والمقام محتمل للتطويل والبسط، وقد جمع الماتن رحمه الله فيه رسالة مستقلة، وذكر في " شرح المنتقى " ما أجاب به القائلون بعدم وجوب التسوية، وهي وجوه عشرة، وأجاب عن كل واحد منها.
وأوضحت المقام أيضا في كتابي: " دليل الطالب على أرجح المطالب "، فليراجع.
قال ابن القيم - في حديث نعمان بن بشير المتقدم -:
" هذا الحديث هو من تفاصيل العدل الذي أمر الله به في كتابه، وقامت به السماوات والأرض، وأثبتت عليه الشريعة، فهو أشد موافقة للقرآن من كل قياس على وجه الأرض، وهو محكم الدلالة غاية الإحكام، فرد بالمتشابه من قوله: " كل أحد أحق بماله من ولده ووالده والناس أجمعين "، فكونه أحق به