الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن عائشة: أنه كان صداق النبي صلى الله عليه وسلم لأزواجه؛ اثنتي عشرة أوقية ونشا (1) "؛ أي: نصفا.
وهو في " صحيح مسلم " وغيره.
قال في " الحجة ":
" ولم يضبط النبي صلى الله عليه وسلم المهر بحد لا يزيد ولا ينقص؛ إذ العادات في إظهار الاهتمام مختلفة، والرغبات لها مراتب شتى، ولهم في المشاحة طبقات؛ فلا يمكن تحديده عليهم؛ كما لا يمكن أن يضبط ثمن الأشياء المرغوبة بحد مخصوص، ولذلك قال: " التمس ولو خاتما من حديد "، غير أنه سن في صداق أزواجه ثنتي عشرة أوقية ونشا.
وقال عمر - رضي الله تعالى عنه -: لا تغالوا في صدقات النساء؛ فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا، أو تقوى عند الله؛ لكان أولاكم بها نبي الله صلى الله عليه وسلم (2) ". انتهى.
(
[ما يصح به المهر] :)
(ويصح ولو خاتما من حديد أو تعليم قرآن) : لما أخرجه أحمد، وابن
(1) • النش: عشرون درهما؛ وهو نصف أوقية؛ كما يقال للخمسة: نواة: " مختار الصحاح ". (ن)
(2)
• أخرجه ابن سعد (8 / 165) ، وأصحاب " السنن "، وغيرهم؛ وسنده صحيح، وانظر الكلام عليه في التعليق على " المسند "(1 / 285 - 286) .
وأما ما وقع في بعض طرق هذا الأثر عن عمر من اعتراض المرأة له وعليه، واحتجاجها بآية:{وآتيتم إحداهن قنطارا} ، ثم رجوعه إلى المنبر وقوله: إني كنت نهيتكم أن تغالوا في صداق النساء، ألا فليفعل رجل في ماله ما بدا له:
فأخرجه البيهقي (7 / 233) ؛ وقال: " هذا منقطع ". (ن)
ماجة، والترمذي (1) - وصححه - من حديث عامر بن ربيعة: أن امرأة من بني فزارة تزوجت على نعلين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أرضيت عن نفسك ومالك بنعلين؟ ، فقالت: نعم؛ فأجازه ".
وأخرج أحمد، وأبو داود من حديث جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لو أن رجلا أعطى امرأة صداقا - ملء يديه - طعاما كانت له حلالا "، وفي إسناده ضعف.
وأخرج الدارقطني، في حديث لأبي سعيد في المهر، قال:" ولو على سواك من أراك ".
وفي " الصحيحين "، وغيرهما من حديث سهل بن سعد: أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة، فقالت: يا رسول الله {إني قد وهبت نفسي لك، فقامت قياما طويلا، فقام رجل، فقال: يا رسول الله} زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة {فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هل عندك من شيء تصدقها؟ "، قال: ما عندي إلا إزاري هذا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " إن أعطيتها إزارك جلست لا إزار لك، فالتمس شيئا} "، فقال: ما أجد شيئا! قال: " التمس ولو خاتما من حديد "، فالتمس فلم يجد شيئا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " هل معك من القرآن شيء؟ "، قال: نعم سورة كذا وسورة كذا - لسور سماها -، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " قد زوجتكها بما معك من القرآن ".
(1) • في " سننه "(2 / 182)، وقال:" حديث حسن صحيح ".
وتعقبوه؛ لأن في سنده - عند الجميع - عاصم بن عبيد الله، قال البيهقي بعد أن أخرجه عنه:" تكلموا فيه، ومع ضعفه روى عنه الأئمة ". (ن)
ولا يعارض ما ذكر حديث: " لا مهر أقل من عشرة دراهم " - عند الدارقطني من حديث جابر -؛ لأن في إسناده مبشر بن عبيد، وحجاج بن أرطاة، وهما ضعيفان.
قال ابن القيم:
" وردت السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في جواز النكاح بما قل من مهر، ولو خاتما من حديد - مع موافقتها لعموم القرآن في قوله:{أن تبتغوا بأموالكم} ، وللقياس في جواز التراضي بالمعاوضة على القليل والكثير - بأثر لا يثبت، وقياس من أفسد القياس على قطع يد السارق.
وأين النكاح من اللصوصية؟ وأين استباحة الفرج به إلى قطع اليد في السرقة؟ !
وقد تقدم مرارا أن أصح الناس قياساً أهل الحديث، وكلما كان الرجل إلى الحديث أقرب؛ كان قياسه أصح، وكلما كان عن الحديث أبعد؛ كان قياسه أفسد ". انتهى.
أقول: الحاصل؛ أن الأدلة قد دلت على أنه يصح أن يكون المهر قليلا بدون تقييد بمقدار؛ بل ما كان له قيمة صح أن يكون مهرا؛ فإن حديث: " ولو خاتما من حديد "، وكذلك حديث المرأة التي تزوجت بنعلين، وأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك حديث: أنه صلى الله عليه وسلم قال: " لو أن رجلا أعطى امرأة صداقا - ملء يديه - طعاما كانت له حلالا "، وكذلك حديث عبد الرحمن بن عوف أنه تزوج امرأة على وزن نواة من ذهب؛ يدل على عدم التقييد بحد في جانب