الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال في " المسوى ":
" إذا فارق الرجل امرأته وبينهما ولد صغير؛ فالأم وأم الأم أولى بالحضانة من الأب: لرواية مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: سمعت القاسم ابن محمد يقول: كانت عند عمر بن الخطاب امرأة من الأنصار، فولدت له عاصم بن عمر، ثم إنه فارقها، فجاء عمر بن الخطاب قباء، فوجد ابنه عاصما يلعب بفناء المسجد، فأخذ بعضده فوضعه بين يديه على الدابة، فأدركته جدة الغلام، فنازعته إياه، حتى أتيا أبا بكر الصديق، فقال عمر: ابني، وقالت المرأة: ابني، فقال أبو بكر: خل بينها وبينه، قال: فما راجعه عمر الكلام "(1) .
(
[الأولى بحضانة الطفل بعد الأم الأب] :)
(ثم الأب) ؛ وإن لم يرد بذلك دليل يخصه؛ لكنه قد استفيد من مثل قوله صلى الله عليه وسلم للأم: " أنت أحق به ما لم تنكحي "؛ فإن هذا يدل على ثبوت أصل الحق للأب بعد الأم، ومن هو بمنزلتها؛ وهي الخالة، وكذلك إثبات التخيير بينه وبين الأم في الكفالة؛ فإنه يفيد إثبات حق له في الجملة.
وقال في " المسوى ": " روى الشافعي بإسناده عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خيّر غلاما بين أبيه وأمه، ثم طبق بين الحديث والأثر بأن المولود إذا كان دون سبع سنين؛ فالأم أولى به، وإذا بلغ سبع سنين وعقل عقل مثله؛ خُيّر بين الأبوين؛ سواء كان ذكرا أو أنثى، فأيهما اختاره يكون عنده.
(1) • قال ابن عبد البر: " هذا حديث مشهور من وجوه منقطعة ومتصلة؛ تلقاه أهل العلم بالقبول والعمل "؛ نقله في " الزاد "(4 / 176) ، ثم ساق الروايات في ذلك؛ فلتراجع. (ن)
وأخذ هذا النوع من التطبيق؛ من قضاء علي - رضي الله تعالى عنه -؛ فإنه خيّر صبيا - كان ابن سبع سنين، أو ثمان سنين - بين الأم والعم، وقال لأخيه الصغير منه: وهذا أيضا لو قد بلغ مبلغ هذا لخيرته.
وقال أبو حنيفة: الأم أحق بالغلام حتى يأكل ويلبس وحده، وبالجارية حتى تحيض، ثم بعد ذلك الأب أحق بهما ".
أقول: الحق أن الحضانة للأم، ثم للخالة؛ للدليل الذي قدمنا، ولا حضانة للأب ولا لغيره من الرجال والنساء؛ إلا بعد بلوغ الصبي سن التمييز، فإن بلغ إليه؛ ثبت تخييره بين الأم والأب (1) ، وإذا عُدما كان أمره إلى أوليائه إن وجدوا؛ وإلا كان إلى قرابته الذين ليسوا بأولياء، ويقدم الأقرب فالأقرب.
ولكن ليس هذا الدليل اقتضى ذلك؛ بل لأن حضانة الصبي وكفالة أمره لا بد منه، والقرابة أولى به من الأجانب؛ بلا ريب، وبعض القرابة أولى من بعض، فأحقهم به - بعد عدم من وردت النصوص بثبوت حضانته - هو الأولياء؛ لكون ولاية النظر في مصالحه إليهم، ومع عدمهم تكون حضانته إلى الأقرب فالأقرب.
هذا ما يقتضيه النظر الصحيح، ومن رام الوقوف على جميع العلل التي علل بها المختلفون في التقديم والتأخير في باب الحضانة؛ فعليه ب " الهدي " لابن القيم، ولكنه لم يترجح لدي إلا ما ذكرته ههنا، وذكره الماتن.
(1) • قلت: وينبغي أن لا يكون هذا على إطلاقه؛ بل يقيد بما إذا حصلت به مصلحة الولد؛ وإلا فلا يلتفت إلى اختيار الصبي؛ لأنه ضعيف العقل؛ وتفصيل هذا في " الزاد "(4 / 198) . (ن)