الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي " الصحيحين " وغيرهما من حديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فأبت أن تجيء، فبات غضبان عليها؛ لعنتها الملائكة حتى تصبح ".
وأخرج أهل " السنن "، وصححه الترمذي، من حديث عمرو بن الأحوص: " أنه شهد حجة الوداع مع النبي صلى الله عليه وسلم؛ فحمد الله، وأثنى عليه، وذكر، ووعظ، ثم قال:
" استوصوا بالنساء خيرا؛ فإنما هن عندكم عوان، ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك؛ إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن؛ فاهجروهن في المضاجع، واضربوهن ضربا غير مبرح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا، إن لكم من نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا؛ فأما حقكم على نسائكم: فلا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وحقهن عليكم: أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن ".
وفي الباب أحاديث كثيرة.
(2 -
[خدمة الزوج في بيته] :)
وأما أن عليها خدمته في بيته أم لا؟ فأقول:
إيجاب ذلك عليها غير ظاهر، ولكن قد كان نساء الصحابة يعملن الأعمال التي تصلح المعيشة؛ بل ويعملن من الأعمال الخارجة عن ذلك ما هو
متبالغ في المشقة، ولم يسمع أن امرأة امتنعت من ذلك، وقالت: هذا ليس علي، أو لست ممن يعمل هذه الأعمال؛ لكوني بمكان من الشرف، أو بمحل من الجمال.
فقد صح في " الصحيحين " وغيرهما: أن الرحى أثرت في يد البتول، والقربة أثرت في نحرها؛ ولا شرف كشرفها رضي الله عنها وأرضاها -.
فمن زعمت أنه لا يجب عليها إلا تمكين زوجها من الوطء، وأرادت الرجوع بأجرة عملها؛ لم تحل إجابتها إلى ذلك.
إنما الإشكال إذا امتنعت من المباشرة للأعمال ابتداء - قائلة: هذا لا يجب علي -؛ فإجبارها على ذلك يحتاج إلى دليل، فإن صح الأمر منه صلى الله عليه وسلم للبتول بخدمة زوجها؛ كان ذلك صالحا للتمسك به على إجبار الممتنعة (1) .
وأما استدلال القائلين بعدم الوجوب بقوله - تعالى -: {نساؤكم حرث لكم} ، ونحو ذلك؛ فليس مما يفيد المطلوب، وكان يكفيهم أن يقولوا: لم نقف على دليل على الوجوب، ولا يثبت مثل هذا الحكم الشاق بدون ذلك،
(1) • قلت: أوجه الدلالة في الكتاب والسنة غير محصورة بالأمر؛ بل هي كثيرة كما لا يخفى، وقد قام الدليل على وجوب خدمة المرأة لزوجها عند المتفقهين في الكتاب والسنة؛ فالزوج سيد المرأة في كتاب الله - تعالى -؛ وهو قوله:{وألفيا سيدها لدى الباب} ، وهي عانية عنده بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كما تقدم، والعاني: الأسير، ولا يخفى أن مرتبة العبد والأسير خدمة من هما تحت يديه.
وأيضا؛ فقد قال - تعالى -: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} ، وليس هو إلا خدمتها إياه، فكما أن على الرجل الإنفاق عليها وكسوتها؛ فعليها خدمته مقابل ذلك، وهذا بين لا يخفى.
ومن شاء تمام هذا البحث؛ فليراجع " الفتاوى "(2 / 234 - 235) لابن تيمية، و " زاد المعاد "(4 / 45 - 46) . (ن)