الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد يقال: إن حديث: " أنت أحق به ما لم تنكحي "؛ يفيد ثبوت أصل الحق في الحضانة للأب بعد الأم، ومن هو بمنزلتها؛ وهي الخالة، فتكون أهل الحضانة الأم، ثم الخالة، ثم الأب.
(
[الأولى بالطفل قرابته إذا انعدمت الأم والخالة والأب] :)
(ثم يعين الحاكم من القرابة من رأى فيه صلاحا) ؛ لأنه إذا عدمت الأم والخالة والأب؛ فالصبي محتاج إلى من يحضنه بالضرورة؛ والقرابة أشفق به، فيعين الحاكم من يقوم به منهم ممن يرى فيه صلاحا للصبي.
وقد أخرج عبد الرزاق، عن عكرمة، قال: إن امرأة عمر بن الخطاب خاصمته إلى أبي بكر في ولد عليها، فقال أبو بكر: هي أعطف، وألطف، وأرحم، وأحنى، وهي أحق بولدها ما لم تتزوج.
فهذه الأوصاف تفيد أن أبا بكر جعل العلة: العطف، واللطف، والرحمة، والحنو.
(
[يخير الصبي بين أبيه وأمه بعد ما يبلغ سن الاستقلال] :)
(وبعد بلوغ سن الاستقلال يخير الصبي بين أبيه وأمه) ؛ لحديث أبي هريرة عند أحمد، وأهل " السنن " - وصححه الترمذي - (1) : أن النبي صلى الله عليه وسلم خير غلاما بين أبيه وأمه.
(1) • وهو كما قال الترمذي (2 / 286) ؛ فإن سنده متصل، ورجاله ثقات كلهم.
وثبته في " الزاد "(4 / 194) . (ن)
وفي لفظ (1) : أن امرأة جاءت فقالت: يا رسول الله! إن زوجي يريد أن يذهب بابني، وقد سقاني من بئر أبي عتبة، وقد نفعني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" استهما عليه "، قال زوجها: من يحاقني في ولدي؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " هذا أبوك وهذه أمك؛ فخذ بيد أيهما شئت "، فأخذ بيد أمه، فانطلقت به.
أخرجه أهل " السنن "، وابن أبي شيبة؛ وصححه الترمذي، وابن حبان، وابن القطان.
وأخرج أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، والدارقطني من حديث عبد الحميد بن جعفر الأنصاري (2) عن جده: أن جده أسلم - وأبت امرأته أن تسلم، فجاء بابن صغير له لم يبلغ، قال: فأجلس النبي صلى الله عليه وسلم الأب ههنا والأم ههنا، ثم خيره؛ وقال:" اللهم اهده "؛ فذهب إلى أبيه.
قال ابن القيم:
" الحضانة قضي فيها خمس قضايا:
إحداها: قضى بابنة حمزة لخالتها، وكانت تحت جعفر بن أبي طالب، وقال:" الخالة بمنزلة الأم "، فتضمن هذا القضاء: أن الخالة قائمة مقام الأم في الاستحقاق، وأن تزوجها لا يسقط حضانتها إذا كانت جارية.
(1) • هذا اللفظ لأبي داود (1 / 357) وغيره، وسنده صحيح أيضا.
وصححه الحاكم (4 / 97) ؛ ووافقه الذهبي. (ن)
(2)
• هو مع كونه من رجال مسلم؛ ففي حفظه شيء، ولهذا ضعف ابن القيم هذا الحديث، وحكى تضعيفه عن المنذري وغيره؛ فراجع " الزاد "(4 / 189 - 190) . (ن)
القضية الثانية: أن رجلا جاء بابن له صغير لم يبلغ، فاختصم فيه هو وأمه، ولم يسلم، فأجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم الأب ههنا، وأجلس الأم ههنا، ثم خير الصبي وقال:" اللهم {اهده "، فذهب إلى أمه؛ ذكره أحمد.
القضية الثالثة: أن رافع بن سنان أسلم، وأبت امرأته أن تسلم، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: ابنتي فطيم - أو شبيهه -، وقال رافع: ابنتي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" اقعد ناحية " وقال لها: " اقعدي ناحية "، فأقعد الصبية بينهما، ثم قال:" ادعواها "، فمالت إلى أمها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" اللهم} اهدها "، فمالت إلى أبيها؛ فأخذها؛ ذكره أحمد.
القضية الرابعة: جاءته امرأة فقالت: إن زوجي يريد أن يذهب بابني
…
الخ؛ ذكره أبو داود.
القضية الخامسة: جاءته صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت: يا رسول الله! إن ابني هذا كان بطني له وعاء
…
الخ؛ ذكره أبو داود.
فعلى هذه القضايا الخمس؛ تدور الحضانة؛ وبالله التوفيق ".
(فإن لم يوجد) من له في ذلك حق بنص الشرع (أكفله من كان له في كفالته مصلحة) ؛ لكونه محتاجا إلى ذلك، فكانت المصلحة معتبرة في بدنه كما اعتبرت في ماله.
وقد دلت على ذلك الأدلة الواردة في أموال اليتامى من الكتاب والسنة.