الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طلاق أو فسخ ما نصه:
" فهذه الأحاديث تدل على أنه فسخ لا طلاق
…
"، قال: " والذي ينبغي الجمع به هو أن عدة الخلع حيضة لا غير، وليس الغير - سواء كان بلفظ الطلاق أو بغيره - مما يشعر بتخلية السبيل؛ أو بتركها وشأنها من دون أن يجري منه لفظ قط.
قد يكون الوارد في هذا الطلاق الكائن في الخلع مخصصا لما ورد في عدة المطلقة، فتكون عدة الطلاق ثلاثة قروء؛ إلا إذا كان الطلاق مع الافتداء؛ فإنه حيضة واحدة، ولا تحسب عليه طلقة إلا إذا جاء بلفظ الطلاق (1) ، أو بما يدل عليه؛ لا إذا لم يقع منه لفظ البتة بل تركها وشأنها؛ فإن هذا لا يحسب عليه طلاقا.
وبهذا التقرير تجتمع الأدلة، ويرتفع الإشكال على كل تقدير.
وأما كونه يمنع الرجعة؛ فلما قدمنا أن الطلاق لا يتبع الطلاق ". انتهى.
(
[عدة المختلعة] :)
(وعدته حيضة) ؛ لحديث الربيع بنت معوذ عند النسائي في قصة امرأة ثابت: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: " خذ الذي لها
(1) • قلت: وفي هذا نظر؛ لأن مقصود الافتداء لا يحصل مع الطلاق، وهو رجعي بنص كتاب الله - تعالى -، فإن كان يريد طلاقا بائنا؛ فليس في كتاب الله طلاق بائن محسوب من الثلاث أصلا.
وبيان ذلك فيما سبقت الإشارة إليه من " الفتاوى ". (ن)
عليك؛ وخل سبيلها "، قال: نعم، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعتد بحيضة واحدة، وتلحق بأهلها.
ورجال إسناده كلهم ثقات.
ولها حديث آخر عند الترمذي، والنسائي، وابن ماجه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تعتد بحيضة.
وفي إسناده محمد بن إسحاق، وقد صرح بالتحديث.
وأخرج أبو داود، والترمذي - وحسنه -، عن ابن عباس: أن امرأة ثابت ابن قيس اختلعت من زوجها، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتد بحيضة.
وأخرج الدارقطني، والبيهقي - بإسناد صحيح -، عن أبي الزبير، وفيه: فأخذها وخلى سبيلها.
قال الدارقطني: سمعه أبو الزبير من غير واحد.
فهذه الأحاديث - كما تدل على أن العدة في الخلع حيضة - تدل على أنه فسخ؛ لأن عدة الطلاق ثلاث حيض، وأيضا تخلية السبيل هي الفسخ لا الطلاق.
وأما ما وقع في بعض روايات الحديث: أنه طلقها تطليقة؛ فقد أجيب عن ذلك بجوابات طويلة؛ قد أودعها الماتن في " شرح المنتقى "، فليرجع إليه.
قال ابن القيم:
" واختلف الناس في عدة المختلعة؛ فذهب إسحاق، وأحمد - في أصح الروايتين عنه دليلاً -؛ أنها تعتد بحيضة واحدة، وهو مذهب عثمان بن عفان، وعبد الله بن عباس، وقد حكى إجماع الصحابة، ولا يعلم لهما مخالف، وقد
دلت عليه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة دلالة صريحة، وعذر من خالفها أنها لم تبلغه، أو لم تصح عنده، أو ظن الإجماع على خلاف موجبها.
فهذا القول هو الراجح في الأثر والنظر.
وأما رجحانه أثرا؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر المختلعة قط أن تعتد بثلاث حيض؛ بل قد روى أهل " السنن " عنه من حديث الربيع بنت معوذ، وحديث امرأة ثابت بن قيس المتقدمة.
وهذه الأحاديث لها طرق يصدق بعضها بعضا، فيكفي في ذلك فتاوى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أبو جعفر النحاس في كتاب " الناسخ والمنسوخ ": هو إجماع من الصحابة (1) ". انتهى حاصله.
(1) • قلت: أما هذا الإجماع فغير صحيح؛ فقد روى البيهقي (7 / 450) عن ابن عمر، أنه قال: عدة المختلعة عدة المطلقة، ثم ذكر أنه قول سعيد بن المسيب، وجماعة سماهم.
لكن ثبت عن ابن عمر أنه رجع عن قوله هذا إلى عدها تطليقة واحدة؛ وفق حديث امرأة ثابت، كما حققته في " صحيح أبي داود "(1931 - 1932) .
وأما رواية الدارقطني (3 / 255) بلفظ: " حيضة ونصف "؛ فزيادة: " ونصف " شاذة بل منكرة؛ لأن مدار الحديث على هشام بن يوسف بسنده، عن ابن عباس، وقد رواه عنه جمع دون هذه الزيادة، وقد سماهم البيهقي (7 / 450) ؛ وقد تابعه عبد الرزاق دون هذه الزيادة، ولكنه أرسله، وكذلك جاء الحديث دونها من طرق أخرى.
فقول القرطبي في " تفسيره "(3 / 145) : " إن الحديث مضطرب من جهة الإسناد والمتن " مدفوع؛ لأنه غير قائم على القواعد الحديثية، مع خلو الطرق المشار إليها من الاضطراب الذي ادعاه في الطريق الأولى. (ن)