الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-: " لم تفعل ذلك؟ "، فقال: أشفق على ولدها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لو كان ضارا ضر فارس والروم ".
وقد حكى ابن عبد البر الإجماع على أنه لا يعزل عن الزوجة الحرة إلا بإذنها، وتعقب بأن الشافعية تقول: إنه لا حق للمرأة في الجماع.
أقول: وفي حديث أبي سعيد الذي أخرجه أهل " السنن "(1)، قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: زعموا أن العزل هو المؤودة الصغرى؟ فقال:
" كذبت يهود؛ لو أراد الله أن يخلق لم تستطع أن تصرفه ".
وأخرج نحوه النسائي، من حديث أبي هريرة، وجابر.
ويمكن الجمع بحمل الأحاديث القاضية بالمنع على مجرد الكراهة فقط من دون تحريم.
(
[حرمة إتيان المرأة في دبرها] :)
(ولا يجوز إتيان المرأة في دبرها) ؛ لحديث أبي هريرة عند أحمد، وأهل " السنن "، والبزار، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(1) • ليس هو عند ابن ماجه، وكذا النسائي في " الصغرى "، وقد عزاه إليه المنذري في " مختصره "(3 / 76) ؛ فلعله في " الكبرى " له.
وقد ذكر فيه أن في صحابي الحديث وتابعيه اختلافا، ولا يتسع المقام لبيان ذلك؛ فراجع " سنن أبي داود "، و " الترمذي "(2 / 193) ، و " البيهقي "(7 / 230) و " المسند "(3 / 33 - 51 - 53) .
لكن يشهد له حديث أبي هريرة، والظاهر أنه في " الكبرى " أيضا للنسائي؛ وهو عند البيهقي أيضا، وليس فيه: " لو أراد
…
" وسنده حسن. (ن)
" ملعون من أتى امرأة في دبرها "، وفي إسناده الحارث بن مخلد، لا يعرف حاله (1) .
وأخرج أحمد، والترمذي، وأبو داود، من حديث أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من أتى حائضا، أو امرأة في دبرها، أو كاهنا فصدقه؛ فقد كفر بما أنزل على محمد "؛ وفي إسناده أبو تميمة عنه، قال البخاري: لا يعرف لأبي تميمة سماع عن أبي هريرة؛ وقال البزار: هذا حديث منكر.
وفي إسناده أيضا حكيم بن الأثرم (2)، قال البزار: لا يحتج به، وما تفرد به فليس بشيء.
وأخرج أحمد، وابن ماجه، من حديث خزيمة بن ثابت: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يأتي الرجل امرأته في دبرها؛ وفي إسناده عمر (3) بن أحيحة، وهو مجهول.
وفي الباب عن علي بن طلق عند أحمد (4) ، والترمذي، والنسائي، وابن
(1) • " التقريب ". (ن)
(2)
• قلت: لفظة (ابن) مقحمة، وإنما هو حكيم الأثرم؛ وهو ثقة كما قال جماعة.
وحديثه هذا صحيح لا علة فيه؛ وإعلال البخاري بما ذكر غير مقبول على قواعد الجمهور؛ كما بينت ذلك في " نقد التاج " قبيل " الصلاة "(رقم 119) . (ن)
(3)
• عمرو. (ن)
قلت: وانظر " إرواء الغليل "(7 / 67 - 68) ؛ فقد بين فيه أن (عمرو بن أحيحة) ؛ صحابي، أو تابعي ثقة.
(4)
• رقم (655) ، وفيه مسلم بن سلام الحنفي؛ لم يوثقه غير ابن حبان، وفي " التقريب ":
ماجه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لا تأتوا النساء في أعجازهن - أو قال: في أدبارهن - "؛ ورجال إسناده ثقات.
وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عند أحمد (1)، والنسائي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الذي يأتي امرأته في دبرها: " هو اللوطية الصغرى ".
وفي الباب أحاديث، وبعضها يقوي بعضا.
وحكي عن بعض أهل العلم الجواز؛ واستدلوا بقوله - تعالى -: {فأتوا حرثكم أنى شئتم} ؛ والبحث طويل لا يتسع المقام لبسطه.
أقول: كان اليهود يضيقون في هيئة المباشرة من غير حكم سماوي، وكان الأنصار ومن وليهم يأخذون سنتهم، وكانوا يقولون (2) : إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها كان الولد أحول، فنزلت هذه الآية؛ أي: أقبل وأدبر
" مقبول ".
ومن طريقه الترمذي (2 / 205) ؛ إلا أنه جعله من مسند علي بن طلق - وحسنه -، وكذلك رواه عن ابن طلق النسائي، كما في " الترغيب "(3 / 201) ، والدارمي (1 / 261) .
وأما ابن ماجه؛ فمن حديث خزيمة من طريق أخرى عنه (1 / 594) ، وكذا الدارمي. (ن)
(1)
• في " المسند " رقم (6707، 6967، 6968) ؛ من طريق قتادة: ثنا عمرو
…
به، وهذا سند حسن.
ومن الغرائب قول المنذري والهيثمي بعد أن نسباه لأحمد والبزار: " ورجالهما رجال الصحيح "؛ نقله المعلق على " المسند "؛ وأقرهما!
وأما النسائي؛ فلم يروه في " الصغرى "؛ فالظاهر أنه في " الكبرى " له. (ن)
(2)
• رواه البخاري، ومسلم، والنسائي، والترمذي، وابن ماجه، وأبو داود. (ن)
ما كان في صمام واحد، وذلك لأنه لا شيء تتعلق به المصلحة المدنية والملية، والإنسان أعرف بمصلحة خاصة نفسه، وإنما كان ذلك من تعمقات اليهود، فكان من حقه أن ينسخ.
قال في " إعلام الموقعين ": " وسألته صلى الله عليه وسلم امرأة من الأنصار عن وطء المرأة في قبلها من ناحية دبرها؟ فتلا عليها قوله تعالى: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} : " صماما واحدا "؛ ذكره أحمد.
وسأله صلى الله عليه وسلم عمر فقال: يا رسول الله {هلكت} قال: وما أهلكك؟ " قال: حولت رحلي البارحة، فلم يرد عليه شيئا، فأوحى الله تعالى إلى رسوله: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} : " أقبل وأدبر؛ واتق الحيضة والدبر "؛ ذكره أحمد (1) ، والترمذي.
وهذا هو الذي أباحه الله تعالى ورسوله، وهو الوطء من الدبر لا في الدبر ". انتهى.
أقول: هذه النصوص المذكورة فيها مقالات لأئمة الحديث، ولكن لها طرق عن جماعة من الصحابة، وهي منتهضة بمجموعها (2) ؛ على فرض أن
(1) • في " المسند "(6 / 305) ، والبيهقي أيضا (7 / 195) ؛ وسنده صحيح على شرط مسلم.
ورواه الترمذي (4 / 75) مختصرا؛ وقال: " حديث حسن صحيح ".
وأما الحديث الذي بعده فهو في " المسند "(رقم 2703)، و " الترمذي " (4 / 75 - 76) ؛ وقال:" حديث حسن غريب ".
قلت: وفيه يعقوب بن عبد الله القمي، وهو صدوق يهم؛ كما في " التقريب "، ومن طريقه رواه البيهقي (7 / 198) ، وصححه الحافظ في " الفتح "(8 / 153) . (ن)
(2)
• ونحوه في " الفتح "(8 / 154)(ن) .
معنى قوله - تعالى -: {أنى شئتم} : أين شئتم.
فإن كل ما في هذه الأحاديث من المقالات لا يبلغ بواحد منها إلى حد السقوط عن درجة الاعتبار، وقد استوفى الماتن رحمه الله البحث في " النيل " واستوفاه الجلال في " ضوء النهار "، وساق الأدلة برصانة ومتانة رحمه الله.
وأعظم ما يستشكل في المقام: ما صح عن ابن عمر من طرق (1) : أنه قرأ: {نساؤكم حرث لكم} ، فقال: تدري يا نافع! فيم أنزلت هذه الآية؟ قال: لا، قال: في رجل من الأنصار أصاب امرأته في دبرها، فوجد من ذلك وجدا شديدا، فأنزل الله سبحانه:{نساؤكم حرث لكم} .
لكنه قد وهمه حبر الأمة ابن عباس في ذلك؛ كما في " سنن أبي داود "(2) .
(1) • ذكرها في " الفتح "(8 / 153) . (ن)
(2)
• والبيهقي أيضا (7 / 195) ؛ من طريق محمد بن سلمة، عن ابن إسحاق، عن أبان بن صالح، عن مجاهد، عن ابن عباس؛ وقال البيهقي: " وروا أيضا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن محمد بن إسحاق، سمع أبان بن صالح
…
فذكره ".
قلت: فإذا ثبت سماع ابن إسحاق منه؛ فالسند حسن.
وخلاصة رواية ابن عباس: أن الآية نزلت في إتيان النساء مقبلات ومدبرات في موضع الولد.
وقد قال ابن القيم في " تهذيب السنن "(3 / 78) :
" وهذا الذي فسر به ابن عباس؛ فسر به ابن عمر، وإنما وهموا عليه، ولم يهم هو "، ثم ذكر من رواية النسائي عن ابن عمر نحو ما ذكرنا عن ابن عباس، واستدل عليه برواية أخرى عنه؛ فراجعه فإنه مهم، ولولا ضيق المجال؛ لنقلت كلامه في ذلك برمته. (ن)