الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي لفظ لأحمد، وأبي داود، والحاكم - وصححه -، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من رأيتموه يصيد فيه شيئاً؛ فلكم سلبه ".
أقول: عندي أنه لا يجب على من قتل صيدا - أو قطع شجرا من حرم المدينة -، لا جزاء ولا قيمة، بل يأثم فقط، ويكون لمن وجده يفعل ذلك أخْذ سلبه؛ ولا يجب على الحلال في صيد حرم مكة ولا شجره شيء؛ إلا مجرد الإثم.
وأما من كان محرما: فعليه الجزاء الذي ذكره الله عز وجل إذا قتل صيدا، وليس عليه شيء في شجر مكة؛ لعدم ورود دليل تقوم به الحجة.
وما يروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في الدوحة الكبيرة: " إذا قُطعت من أصلها؛ بقرة ": لم يصح.
وما يروى عن بعض السلف لا حجة فيه.
والحاصل: أنه لا ملازمة بين النهي عن قتل الصيد وقطع الشجر، وبين وجوب الجزاء أو القيمة؛ بل النهي يفيد بحقيقته التحريم، والجزاء والقيمة لا يجبان إلا بدليل، ولم يرد دليل إلا قول الله - تعالى -:{لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم} الآية؛ وليس فيها إلا ذكر الجزاء فقط؛ فلا يجب غيره.
(
[صيد وجّ وشجره حرام] :)
(ويحرم صيد وجّ) - بفتح الواو وتشديد الجيم -: اسم واد بالطائف (وشجره) : لحديث الزبير، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إن صيد وج وعضاهه (1) حرام؛ محرم لله عز وجل "، أخرجه أحمد، وأبو داود، والبخاري في " تاريخه "، وحسنه المنذري (2) ، وصححه الشافعي.
وأخرج أبو داود من حديث الزبير بن العوام بلفظ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" صيد وجّ محرم "، وحسنه الترمذي (3) ، وصححه الشافعي.
(1) بكسر العين؛ وهو كل شجر يعظم، وله شوك. (ش)
(2)
• كذا قال، وسبقه إلى ذلك الشوكاني في " نيل الأوطار "(5 / 29)، فقال:" الحديث سكت عنه أبو داود، وحسنه المنذري "، وهذا خطأ في النقل، فلم يحسنه المنذري في " مختصر السنن "، بل فحوى ما نقله عن الأئمة حول الحديث؛ أنه يذهب إلى تضعيفه، فقال (2 / 442) ما نصه: " في إسناده محمد بن عبد الله بن إنسان الطائفي وأبوه، فأما محمد؛ فسئل عنه أبو حاتم الرازي؟ فقال: ليس بالقوي، وفي حديثه نظر.
وذكره البخاري في " تاريخه الكبير "، وذكر له هذا الحديث؛ وقال: لم يتابع عليه.
وذكر أباه، وأشار إلى هذا الحديث، وقال: لم يصح حديثه.
وقال البستي: عبد الله بن إنسان؛ روى عنه ابنه محمد ولم يصح حديثه ".
فقد نقل عن هؤلاء الأئمة تضعيفهم لهذا الحديث، ولم يتعقبهم بشيء، فدل على موافقته لهم في ذلك، وهو الحق؛ خلافا لما قال الشارح؛ فإن علته واضحة، وهو عبد الله بن إنسان هذا؛ فإنه لم يوثقه أي إنسان؛ حاشا ابن حبان، حيث ذكره في " الثقات "، ومع ذلك فقد قال فيه:" كان يخطئ "، مع أنه ليس له إلا هذا الحديث، وقد ضعفه هو نفسه، كما سبق نقله عن المنذري، فأين الحديث الذي لم يخطئ فيه؟ {ولذلك قال الحافظ في " التقريب " أنه " لين الحديث "، وصرح ابن القيم في " إعلام الموقعين "(1 / 35) بأن الحديث ضعيف، أورده في أحاديث قدمها الشافعي على القياس مع ضعفها.
لكن الذهبي ذكر في " الميزان " أن الشافعي صحح هذا الحديث؛ فلا أدري هل أخذ ذلك من نص للشافعي في تصحيحه، أم استلزم ذلك من احتجاجه به أو إيراده له؟} فإن كان هذا؛ فالتصريح بأن الشافعي صححه؛ لا يخفى ما فيه؛ فتأمل! (ن)
(3)
• هذا خطأ؛ فالحديث لم يروه الترمذي، ولا نقل أحد عنه تحسينه فيما علمت، فالظاهر أنه تحرف على الناسخ أو الطابع من " المنذري "، وحينئذ؛ فهذا تكرار من المؤلف لا فائدة فيه، وطالما فعل ذلك فيما سلف. =