الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والحاصل: أن الاتفاق كائن على أن الطلاق المخالف لطلاق السنة يقال له: طلاق بدعة؛ وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن كل بدعة ضلالة، ولا خلاف أيضا أن هذا الطلاق مخالف لما شرعه الله في كتابه، وبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر.
وما خالف ما شرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو رد؛ لحديث عائشة عنه صلى الله عليه وسلم:
" كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد "؛ وهو حديث متفق عليه.
فمن زعم أن هذه البدعة يلزم حكمها، وأن هذا الأمر الذي ليس من أمره صلى الله عليه وسلم يقع من فاعله ويعتد به؛ لم يقبل منه ذلك إلا بدليل.
وإذا كان من جملة طلاق البدعة إيقاع الثلاث دفعة - كما سيأتي -؛ فهذه الصورة من طلاق البدعة بخصوصها.
(
[أقوال العلماء في وقوع الطلاق الثلاث في مجلس واحد] :)
(ووقوع ما فوق الواحدة من دون تخلل رجعة خلاف) ؛ قال الماتن في " رسالته " في هذا الباب:
" اختلف أهل العلم فيها على أربعة أقوال:
(الأول) : وقوع جميعها؛ وهو مذهب الأئمة، وجمهور العلماء، وكثير من الصحابة، وفريق من أهل البيت.
(الثاني) : عدم الوقوع مطلقا - لا واحدة ولا ما فوقها -؛ لأنه بدعة محرمة؛ وهذا المذهب حكاه ابن حزم، وحكى للإمام أحمد ما يكفي، وقال:
هو مذهب الرافضة.
قلت: بل هو مذهب جماعة من التابعين؛ كما حكاه الليث، ومذهب ابن علية، وهشام بن الحكم، وجميع الإمامية، ومن أهل البيت عليهم السلام: الباقر، والصادق، والناصر، وبه قال أبو عبيدة، وبعض الظاهرية؛ لأن هؤلاء قالوا: إن الطلاق البدعي لا يقع، والثلاث بلفظ واحد أو ألفاظ متتابعة لا يقع.
(الثالث) : وقوع الثلاث إن كان المطلقة مدخولة، وواحدة إن لم تكن كذلك؛ وهذا هو مذهب جماعة من أصحاب ابن عباس، وإسحاق بن راهويه.
(الرابع) : أنه يقع واحدة رجعية من غير فرق بين المدخول بها وغيرها؛ وهذا مذهب ابن عباس على الأصح، وابن إسحاق، وعطاء، وعكرمة، وأكثر أهل البيت.
وهذا أصح الأقوال ". انتهى.
ثم سرد أدلة هؤلاء، ورجح القول الرابع، فليرجع إليه.
قال ابن القيم:
" قد صح عنه صلى الله عليه وسلم: أن الثلاث كانت واحدة في عهده، وعهد أبي بكر، وصدرا من خلافة عمر، وغاية ما يقدر مع بعده أن الصحابة كانوا على ذلك ولم يبلغه، وهذا وإن كان كالمستحيل؛ فإنه