الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، قال:" فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن؛ لمن كان يريد الحج والعمرة ".
وفائدة التأقيت: المنع عن تأخير الإحرام، فلو قدم عليها جاز.
أقول: قال قوم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يوقت لأهل العراق ذات عرق، وإنما وقته عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
قلت: قد ذهب إلى هذا طاوس، ورواه أحمد بن حنبل عن ابن عباس، وإليه ذهب جماعة من الشافعية - كالغزالي والرافعي والنووي وغير هؤلاء -، ووجه ذلك؛ ما قاله ابن خزيمة وابن المنذر من أنه لم يصح أنه صلى الله عليه وسلم وقّت ذات عرق لأهل العراق في حديث صحيح.
قال الحافظ في " الفتح ": " لعل من قال: إنه غير منصوص؛ لم يبلغه، أو رأى ضعف الحديث باعتبار أن كل طريق من طرقه لا تخلو عن مقال، لكن الحديث بمجموع طرقه يقوى ". انتهى.
وقد ذكر الماتن رحمه الله في " شرح المنتقى " من روى حديث توقيت ذات عرق لأهل العراق من الصحابة، ومجموع ما رووه لا يخرج عن حد الحسن لغيره، وهو مما تقوم به الحجة.
(
[يحرم من كان دون المواقيت من مكانه] )
(ومن كان دونها فمهله) من (أهله) وكذلك (حتى أهل مكة) يهلون منها.
ومثله في " الصحيحين " أيضا من حديث ابن عمر.
وفي رواية من حديثه لأحمد: أنه قاس الناس ذات عرق بقرن.
وفي " البخاري " من حديثه: أن عمر قال لأهل البصرة والكوفة: انظروا حذو قرن من طريقكم، قال: فحد لهم ذات عرق.
في " المسوى ": " وميقات المكي للحج جوف مكة، وللعمرة الحل.
في " العالمكيرية ": والتنعيم أفضل.
وفي المنهاج ": أفضل بقاع الحل الجعران (1) ، ثم التنعيم، ثم الحديبية ".
وأما الغسل للإحرام: ففيه حديث خارجة بن زيد - حسنه الترمذي، وضعفه العقيلي -.
وأما حديث جابر في ولادة أسماء وغسلها: فهو صحيح، ولكنه قد قيل: إن أمرها بذلك ليس للإحرام؛ بل لقذر النفاس، وكذلك أمره للحائض.
وقد أخرج الحاكم، والبيهقي من حديث ابن عباس: أنه صلى الله عليه وسلم اغتسل ولبس ثيابه، فلما أتى ذا الحليفة صلى ركعتين، ثم أحرم بالحج؛ وفي إسناده يعقوب بن عطاء، وهو ضعيف.
والحديث محتمل؛ فيمكن أن يكون الغسل للإحرام، ويمكن أن يكون
(1) بكسر الجيم وإسكان العين وتخفيف الراء - وقد تكسر العين وتشدد الراء -؛ وهو موضع قريب من مكة؛ قاله في " النهاية ". (ش)
لغيره، كإذهاب وعثاء السفر، أو التبرد أو نحوهما.
ولم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم أمر أحدا من الناس أن يغتسل للإحرام؛ إلا ما وقع منه الأمر للحائض والنفساء دون غيرهما، فدل ذلك على أن اغتسالهما للقذر، ولو كان للإحرام؛ لكان غيرهما أولى بذلك منهما، فمع الاحتمال في فعله - وعدم صدور الأمر منه -؛ لا تثبت المشروعية أصلا.
وأما إزالة التفث (1) قبل الإحرام: فلم يرد في هذا شيء يصلح لإثبات مثل هذا الحكم الشرعي؛ وهو الاستحباب.
وأما ما قيل من أنه يقاس على تطييبه صلى الله عليه وسلم: فقياس فاسد، ولا سيما وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم الإرشاد إلى ترك الشعر والبشر بعد رؤية هلال ذي الحجة لمن أراد أن يضحي؛ كما في " صحيح مسلم "، وسائر " السنن " من حديث أم سلمة؛ والحاج أولى بهذه السنة من غيره؛ لأنه في شغل شاغل عن ذلك.
وقد أخرج الترمذي من حديث ابن عمر: أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: من الحاج يا رسول الله؟ ! قال: " الشعث التفل (2) ".
وقد كان ابن عمر إذا أفطر من رمضان وهو عازم على الحج في ذلك العام؛ لم يأخذ من رأسه ولا من لحيته شيئا؛ حتى يحج كما في " الموطإ ".
(1) بفتح التاء والفاء وآخره ثاء مثلثة: هو ما يفعله المحرم بالحج إذ حل؛ كقص الشارب والأظفار، ونتف الإبط، وحلق العانة، وقيل: هو إذهاب الشعث والدرن والوسخ مطلقا؛ قاله في " النهاية ". (ش)
(2)
• هو الذي ترك استعمال الطيب؛ من التفل؛ وهي الريح الكريهة. (ن)