الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالحيوان بيع مال الربا بما لا ربا فيه، فيجوز ذلك في القياس؛ إلا أن يثبت الحديث فنأخذ به وندع القياس ".
وقال محمد في " الموطإ ": " وبهذا نأخذ؛ من باع لحما من لحم الغنم بشاة حية؛ لا يدري اللحم أكثر أو ما في الشاة أكثر؟ فالبيع فاسد مكروه، ولا ينبغي، وهذا مثل المزابنة والمحاقلة.
وكذا بيع الزيتون بالزيت، ودهن السمسم بالسمسم ".
أقول: والأحسن عندي أن معنى الحديث: أن يقول للقصاب: كم يخرج من هذه الشاة؟ فيقول القصاب: عشرون رطلا، فيقول: خذ هذه الشاة بعشرين رطلا من اللحم؛ إن خرج أكثر فلك، أو أقل فعليك.
وهذا نوع من القمار، ورجع الحديث إلى القياس.
(
[يجوز بيع الحيوان باثنين أو أكثر من جنسه] :)
(ويجوز بيع الحيوان باثنين أو أكثر من جنسه) ؛ لحديث جابر عند أحمد، وأهل " السنن " - وصححه الترمذي -؛ قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى عبدا بعبدين.
وأخرجه أيضا مسلم في " صحيحه ".
وأخرج أيضا مسلم، وغيره من حديث أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى صفية بسبعة أرؤس من دحية الكلبي.
وأخرج أحمد (1)، وأبو داود من حديث ابن عمرو: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يبعث جيشاً على إبل كانت عنده، قال فحملت الناس عليها حتى نفذت الإبل وبقيت بقية من الناس، قال: فقلت: يا رسول الله! الإبل قد نفذت، وبقيت بقية من الناس لا ظهر لهم، فقال لي:" ابتع علينا إبلا بقلائص من إبل الصدقة إلى محلها؛ حتى ينفذ هذا البعث "، قال: وكنت أبتاع البعير بقلوصين وثلاث قلائص من إبل الصدقة إلى محلها؛ حتى نفذت ذلك البعث، فلما جاءت إبل الصدقة أداها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(1) • في " المسند " رقم (6593) ، وأبو داود (2 / 87) ، وكذا الطحاوي (2 / 229) ، والحاكم (2 / 56) ، والبيهقي (5 / 287) ؛ من طريق ابن إسحاق.
لكن قد صرح بالتحديث في رواية لأحمد رقم (7025)، فقال: حدثني أبو سفيان الحرشي - وكان ثقة فيما ذكر أهل بلاده -، عن مسلم بن جبير - مولى ثقيف؛ وكان مسلم رجلا يؤخذ عنه وقد أدرك وسمع -، عن عمرو بن حريش الزبيدي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص.
فهو سند حسن.
وأخرجه الدارقطني (ص 318) ، وله عنده طريق أخرى عن ابن جريج، أن عمرو بن شعيب أخبره، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص.
وهذا سند صحيح؛ كما قال البيهقي (5 / 287) ؛ وهو الذي قواه الحافظ في " الفتح "(4 / 332) ؛ ليس إسناد ابن إسحاق كما يوهمه صنيع الشارح.
والحديث حسنه ابن القيم في " تهذيب السنن "(5 / 31) .
ونقل عن الإمام مالك رضي الله عنه، أنه كان يحمله على اختلاف المنافع والأغراض؛ فإن الذي كان يأخذه ابن عمرو إنما هو للجهاد، والذي جعله عوضه هو من إبل الصدقة؛ قد يكون مع بني المخاض، ومن حواشي الإبل ونحوها.
وقد ذكر ابن القيم رحمه الله أقوال العلماء في هذه المسألة وحققها، وذكر أن أعدل الأقوال؛ أنه لا يجوز الجمع بين النسيئة والتفاضل؛ بل إن وجد أحدهما حرم الآخر، وهو قول مالك.
لكن الجنس عنده مقيد باتفاق الأغراض والمنافع؛ فيجوز بيع البعير البختي بالبعيرين من الحمولة، ومن حاشية إبله إلى أجل لاختلاف المنافع. (ن)
وفي إسناده محمد بن إسحاق، وفيه مقال، وقوى في " الفتح " إسناده.
وأخرج أحمد، وأهل " السنن " - وصححه الترمذي -، وابن الجارود من حديث سمرة قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة (1) .
وهو من رواية الحسن عن سمرة، ولم يسمع منه (2) .
وقد جمع الشافعي بين الحديثين؛ بأن المراد به النسيئة من الطرفين؛ فيكون ذلك من بيع الكالئ بالكالئ؛ لا من طرف واحد؛ فيجوز.
وفي " الموطإ "(3) : أن علي بن أبي طالب باع جملا له - يدعى عصيفر - بعشرين بعيرا إلى أجل، وأن عبد الله بن عمر اشترى راحلة بأربعة أبعرة مضمونة عليه؛ يوفيها صاحبها بالربذة.
وسئل ابن شهاب عن بيع الحيوان اثنين بواحد إلى أجل؟ فقال: لا بأس بذلك.
قال الشافعي: يجوز سواء كان الجنس واحدا أو مختلفا، مأكول اللحم أو غير مأكول اللحم، سواء باع واحدا بواحد أو باثنين.
(1) في سماعه منه خلاف طويل، ورجح كثير من أئمة الحديث أنه سمع منه، ورجح بعضهم أنه لم يسمع منه إلا حديثا؛ وهو حديث العقيقة. (ش)
(2)
• هذا وإن كان منقطعا؛ فهو صحيح؛ لوروده عن جماعة من الصحابة؛ منهم: ابن عباس، وجابر بن عبد الله، وابن عمر؛ من طرق يقوي بعضها بعضا؛ أخرجها الطحاوي (2 / 229) .
وانظر " الجوهر النقي "(5 / 288 - 290) ، و " تهذيب السنن "(5 / 27) ، والفتح (5 / 44) . (ن)
(3)
• (2 / 148 - 149) ؛ وهو السائل لابن شهاب.
وسنده إلى علي بن أبي طالب منقطع، وإلى ابن عمر صحيح. (ن)