الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البائع أم لا، وأيضا لا بد من حصول المناط الشرعي وهو التراضي، فإذا لم يرض المشتري بالمبيع عند رؤيته؛ فقد فقد الرضا وعدم المصحح.
(
[من اشترى شيئا بخيار فله رده] :)
(وله رد ما اشتراه بخيار)، وذلك نحو أن يشتري شيئا على أن له فيه الخيار مدة معلومة؛ لما ورد في الأحاديث الصحيحة الواردة في خيار المجلس بلفظ:" كل بيعين لا بيع بينهما حتى يتفرقا؛ إلا بيع الخيار "، وفي لفظ:" إلا أن يكون صفقة خيار "، وهما في " الصحيحين "، وفيهما ألفاظ بهذا المعنى، ولكنه قد اختلف في تفسير بيع الخيار، فقيل هذا، وقيل غيره.
ويؤيد ثبوت خيار الشرط ما تقدم من حديث من كان يخدع في البيوع: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: " إذا بايعت فقل: لا خلابة "، وفي بعض الروايات:" ولك الخيار ثلاثة أيام "، وقد تقدم ذلك.
(
[القول للبائع إذا اختلف البيعان] :)
(وإذا اختلف البيعان؛ فالقول ما يقوله البائع) ؛ لحديث ابن مسعود - عند أحمد (1) ، وأبي داود، والنسائي، وابن ماجه، والدارقطني، والبيهقي، وصححه الحاكم، وابن السكن - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(1) • في " المسند "(رقم 4442 - 4447) ، والدارقطني (ص 297 - 298) ، والبيهقي (5 / 331 - 334) ؛ من طرق عن ابن مسعود، وحسن بعضها البيهقي؛ ثم قال:
" وقد روي من أوجه بأسانيد مراسيل؛ إذا جمع بينها صار الحديث بذلك قويا ".
ونقل الزيلعي (4 / 107) نحوه عن ابن الجوزي في " التحقيق ".
وكذلك قواه ابن القيم في " تهذيب السنن "(5 / 162) . (ن)
" إذا اختلف البيعان وليس بينهما بينة؛ فالقول ما يقول صاحب السلعة؛ أو يترادان ".
وفي لفظ: " والمبيع قائم بعينه ".
وفي لفظ: " إذا اختلف البيعان والمبيع مستهلك؛ فالقول قول البائع ".
وفي لفظ: " ولا بينة لأحدهما ".
وفي الباب روايات كثيرة؛ قد استوفاها المصنف في " نيل الأوطار ".
وحاصلها يفيد أن القول قول البائع، وقد قيل: إن هذا الحديث مخصص لأحاديث أن على المدعي البينة وعلى المنكر اليمين، وسيأتي.
وقيل: بينهما عموم وخصوص من وجه، فظاهر حديث:" القول ما يقول البائع ": أن القول قوله؛ سواء كان مدعيا أو مدعى عليه، وظاهر حديث:" على المدعي البينة وعلى المنكر اليمين ": أن القول قول المنكر مع يمينه؛ سواء كان بائعا أو غير بائع.
وقد تقرر أنه إذا تعارض عمومان - كما نحن بصدده -؛ وجب المصير إلى الترجيح إن أمكن؛ والترجيح ههنا ممكن، فإن حديث:" على المدعي البينة وعلى المنكر اليمين " أصح من حديث: " فالقول قول البائع "؛ ومقتضى هذا الترجيح: أن القول لا يكون قول البائع؛ إلا إذا كان منكرا غير مدع؛ من غير فرق بين المبيع الباقي والتالف، ولكنه يرشد إلى الجمع ما رواه أحمد (1) في
(1) الصواب: عبد الله بن أحمد في " زوائد المسند "؛ لأنه روى في أثناء " مسند " أبيه - أحمد بن
" زوائد المسند "، والدارمي، والطبراني من حديث ابن مسعود الذي فيه:" فالقول ما يقول البائع " بزيادة: " والسلعة قائمة "؛ ولكن في إسناد هذه الزيادة محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو ضعيف لسوء حفظه، فلا يصلح للجمع بين الحديثين بها.
وقد اختلف الفقهاء في ذلك اختلافا طويلا.
قال مالك:
" الأمر عندنا في الرجل يشتري السلعة، فيختلفان في الثمن؛ فيقول البائع: بعتكها بعشرة دنانير، ويقول المبتاع: ابتعتها منك بخمسة دنانير: أنه يقال للبائع: إن شئت فأعطها المشتري بما قال، وإن شئت فاحلف بالله ما بعت سلعتك إلا بما قلت.
فإن حلف قيل للمشتري: إما أن تأخذ السلعة بما قال البائع، وإما أن تحلف بالله ما اشتريتها إلا بما قلت، فإن حلف بريء منها، وذلك أن كل واحد منهما مدع على صاحبه ".
وفي " شرح السنة ":
" ولا فرق عند الشافعي بين أن تكون السلعة قائمة أو تالفة؛ في أنهما
حنبل - أحاديث لم يروها عن أبيه؛ بل عن شيوخ آخرين. (ش)
• قلت: والظاهر أنه سقط من الكتاب من بعض النساخ: " عبد الله بن "؛ لدليلين:
الأول: أن مثل هذا لا يخفى على الشارح.
الثاني: أن جل عمدته في هذا " الشرح " على " نيل الأوطار "، وقد وقع فيه (5 / 190) عزو هذه الزيادة على الصواب! (ن)
يتحالفان ويرد قيمة السلعة، وإليه رجع محمد بن الحسن.
وذهب أبو حنيفة إلى أنهما لا يتحالفان بعد هلاك السلعة عند المشتري، بل القول قول المشتري مع يمينه.
فإذا اختلفا في الأجل أو الخيار أو الرهن أو الضمين؛ فهو عند الشافعي كالاختلاف في الثمن يتحالفان، وقال أبو حنيفة: القول قول من ينفيها (1) ، ولا تحالف عنده إلا عند اختلاف الثمن ".
وفي " الحجة البالغة ":
" القول قول صاحب المال؛ لكن المبتاع بالخيار؛ لأن البيع مبناه على التراضي "(2) .
(1) قوله: " ينفيها "؛ أي: الأجل والخيار وغيرها. (ش)
(2)
لا نرى تعارضا بين حديث: " على المدعي البينة، وعلى المنكر اليمين "، وبين إثبات اليمين للبائع إذا اختلفا في القيمة؛ فإن السلعة ملك البائع بيقين، والمشتري يدعي أنه ملكها بثمن ادعاه، والبائع ينكر هذا ويتمسك بأصل بقائها في ملكه، وبأنها لم تخرج منه إلا بثمن أكثر مما قاله المشتري، فالمشتري في الحقيقة هو المدعي، وهو الناقل عن الأصل المتيقن؛ فعليه البينة، والبائع منكر دعوى المشتري ومتمسك بالأصل، فالقول قوله؛ مع يمينه إذا لم تكن بينة، وهذا هو الموافق للقواعد الصحيحة والقياس الجلي، والأحاديث تؤيده. (ش)