الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العقد عند تحقق العذر، للزم صاحب العذر ضرر لم يلتزمه بالعقد. والعذر: هو ما يكون عارضاً يتضرر به العاقد مع بقاء العقد، ولا يندفع بدون الفسخ. قال ابن عابدين: كل عذر لا يمكن معه استيفاء المعقود عليه إلا بضرر يلحقه في نفسه أو ماله، يثبت له حق الفسخ (1).
(41)
ـ والأعذار ثلاثة أنواع:
1 - عذر من جانب المستأجر:
كإفلاسه أو انتقاله من حرفة إلى أخرى؛ لأن المفلس أو الذي بدل الحرفة لا ينتفع بالعقد إلا بضرر، وكذا سفره عن البلد؛ لأن في إبقاء العقد مع السفر ضرراً به.
2 - عذر من جانب المؤجر:
كلحوق دين فادح به لا يجد طريقاً لقضائه إلا ببيع الشيء المأجور وأدائه من ثمنه، هذا إذا ثبت الدين قبل الإجارة بالبينة أو بالإقرار. ومثل إطلاع المؤجر على عيب في المأجور.
3 - عذر راجع للعين المؤجرة:
كأن يستأجر شخص حماماً في قرية ليستغله مدة معلومة، ثم يهاجر أهل القرية، فلا يجب عليه الأجر للمؤجر.
وقد نص قانون المعاملات المدنية في دولة الإمارات (م 892) المستمد من الفقه الإسلامي على أنه إذا حدث عذر يحول دون تنفيذ عقد المقاولة (2) أو إتمام تنفيذه، جاز لأحد عاقديه أن يطلب فسخه أو إنهاءه حسب الأحوال، كما تفسخ الإجارة في مذهب الحنفية بالأعذار الطارئة. ونصت المادة (م 895) على أنه إذا
(1) رد المحتار: 55/ 5.
(2)
المقاولة: عقد يتعهد أحد طرفيه بمقتضاه بأن يصنع شيئاً أو يؤدي عملاً لقاء بدل يتعهد به الطرف الآخر وهو عقد عرف حديثاً في القوانين الوضعية، وقد استقيت أحكامه في القانون المدني الأردني وفي قانون الإمارات من أحكام عقد الاستصناع وعقد الأجير المشترك العام.
تضرر أحد العاقدين من الفسخ، فللمتضرر أن يطالب الطرف الآخر بتعويضه في الحدود التي يقرها العرف.
(42)
-. وقال جمهور العلماء (غير الحنفية)(1): الإجارة عقد لازم، فلا تفسخ كسائر العقود اللازمة من أي عاقد بلا موجب، كوجود عيب أو ذهاب محل استيفاء المنفعة، فإذا فات المعقود عليه وهو المنفعة، كانهدام الدار، وموت الدابة والأجير المعينين، جاز الفسخ، ويكون بالنسبة للمستقبل لا في الماضي، وإذا وجد عيب في الشيء المؤجر، مثل جموح الدابة أو نفورها، أو كونها عضوضاً، أو تعثر الظهر في الشيء، أو طرأ عرج أو ضعف بصر أو جذام أو برص، جاز الفسخ أيضاً.
وتفصيل الحكم في هذه المذاهب: أن المالكية يجيزون فسخ الإيجار للعذر الذي يمنع استيفاء المنفعة شرعاً، كسكون ألم السن المستأجر على قلعها، أو العفو عن القصاص المستأجر على استيفائه، وتنفسخ الإجارة بحمل الظئر؛ لأنه يخاف على الولد من لبنها، وتنفسخ الإجارة أيضاً إن انقطع الماء عن الرحى المستأجرة.
ويجيز الشافعية فسخ الإجارة لعذر إذا أوجب خللاً في المعقود عليه أو كان عيباً فيه تنقص به المنفعة، أو تعذر استيفاء المنفعة تعذراً شرعياً، كتعثر ظهر الدابة في المشي، والعرج الذي تتأخر به عن القافلة، وضعف البصر في المستأجر للخدمة، وانهدام الحائط في الدار، وانقطاع الماء في البئر والعين والرحى وغير ذلك مما يوجب خللاً في المعقود عليه ترد به العين للعيب. وتنفسخ الإجارة لقلع السن إن زال الألم للتعذر الشرعي.
(1) بداية المجتهد: 227/ 2، مواهب الجليل للحطاب: 432/ 5 ومابعدها، مغني المحتاج: 355/ 2 ومابعدها، المهذب: 405/ 1 ومابعدها، المغني: 418/ 5، غاية المنتهى: 209/ 2.