الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 -
إن الشريعة شاملة لكل شيء، وقد تكفلت ببيان ما يحقق مصالح الأمة، ومنها العقود، على أساس من العدل، وليس من العدل ترك الحرية للناس في عقد مايريدون من العقود، وإلا أدى ذلك إلى هدم نظام الشريعة.
2 -
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» (1) فكل عقد أو شرط لم يشرعه الشرع بنص أو إجماع يكون باطلاً؛ لأنه إذا تعاقد الناس بعقد لم يرد في الشريعة وأصولها يكونون قد أحلوا أو حرموا غير ماشرع الله، وليس لأحد من المؤمنين سلطة التشريع. قال ابن حزم معلقاً على هذا الحديث: «فصح بهذا النص بطلان كل عقد عقده الإنسان والتزمه، إلا ما صح أن يكون عقداً جاء النص أو الإجماع بإلزامه باسمه أو بإباحة التزامه
بعينه» (2).
3 -
يؤيده الحديث النبوي: «ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مئة شرط» (3) أي أن الشرط غير المنصوص عليه باطل، فيقاس عليه العقد، غير المنصوص عليه.
الرأي الثاني ـ للحنابلة وبقية الفقهاء:
وهم الموسعون الذين يقولون: الأصل في العقود وما يتصل بها من شروط الإباحة ما لم يمنعها الشرع أو تخالف نصوص الشرع. واستدلوا على رأيهم بما يأتي:
1 -
إن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية السابق ذكرها لم تشترط لصحة العقد إلا الرضا والاختيار، وكذلك آية {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} [المائدة:
(1) رواه مسلم عن عائشة، وفي لفظ البخاري:«من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» .
(2)
الإحكام في أصول الأحكام: 615/ 5.
(3)
رواه مسلم عن عائشة بلفظ «ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله، ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، ولو كان مئة شرط، كتاب الله أوثق» .
1/ 5] أوجبت الوفاء بكل عقد دون استثناء، أي أنها نصت على مبدأ القوة الإلزامية للعقد، وأوجبت على الإنسان الوفاء بعقده الذي باشره بإرادته الحرة، فيصبح العقد ملزماً له بنتائجه، ومقيداً لإرادته حفظاً على مبدأ استقرار التعامل. وهذا يدل على أن تحريم شيء من العقود أو الشروط التي يتعامل بها الناس تحقيقاً لمصالحهم، بغير دليل شرعي، تحريم لما لم يحرمه الله، فيكون الأصل في العقود والشروط هو الإباحة.
2 -
هناك فرق بين العبادات والمعاملات. أما العبادات فيجب ورود الشرع بها، وأما المعاملات ومنها العقود فلا تتطلب ورود الشرع بها. فيكفي في صحتها ألا تحرمها الشريعة استصحاباً للمبدأ الأصولي وهو أن الأصل في الأفعال والأقوال والأشياء هو الإباحة؛ لأن القصد من المعاملات رعاية مصالح الناس، فكل ما يحقق مصالحهم يكون مباحاً. ويصح التعامل بعقود جديدة لم تعرف سابقاً من طريق القياس أو الاستحسان أو الإجماع أو العرف الذي لا يصادم أصول الشريعة ومبادئها. وهذه المصادر لا بد لها من سند في الكتاب أو السنة.
3 -
يؤيد ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: «الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً حرم حلالاً أو أحل حراماً، والمسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً» (1)«الناس على شروطهم ما وافقت الحق» ويقاس على الشروط الصحيحة كل عقد لا يصادم أصول الشريعة، ويحقق مصالح الناس.
وهذا الرأي هو الأصح، إذ لم نجد في الشرع ما يدل على أي حصر لأنواع
(1) رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي عن عمرو بن عوف، وقوله:«والمسلمون .. » من زيادة رواية الترمذي، وقال عنه: هذا حديث حسن صحيح. وقولهم «الناس على شروطهم» في معنى «المسلمون على شروطهم
…
الحديث».